قضايا وآراء

عصابات "ناعمة" في قلب الدولة العراقيّة!

تنامت في العراق بعد العام 2017 منشورات مصوّرة مليئة بالتلميح والتصريح بقضايا لا أخلاقيّة، وتدعو بشكل أو بآخر لتدمير أخلاق وعادات المجتمع بسبل ناعمة، تدريجيّة وخبيثة.. الأناضول
تزخر الذاكرة الإنسانيّة بمئات النماذج الراقية من النساء اللواتي لعبن دورا نبيلا في قيادة الدول ومؤسّساتها، وإدارة الكيانات المختلفة وفي أصعب الظروف.

وبالمقابل ذكرت بعض كتب السياسة والأمن أنّ بعض النساء قُمْن بأدوار بارزة وشرّيرة في إسقاط حكومات، وتحجيم شخصيّات رفيعة وثقيلة، وكذلك المساهمة في التجسس والتخريب لصالح دول كبرى وصغرى، وهذا يعني أنّ الإغواء والليالي الشيطانيّة لعبت دورا شريرا في ضرب الدول والشخصيّات المقصودة!

وسبق لدراسة بحثيّة أن أكّدت بأنّ السيّدات يمكنهنّ القيام بدور المدير بشكل أفضل من الرجال لأنّهنّ أكثر إنصافاً في طريقة تعاملهنّ مع جميع الأطراف، وأنّ الشركات التي تتكوّن مجالس إداراتها من سيّدات تكون أكثر ميلاً لاتّخاذ قرارات تصبّ في صالح المستثمرين والموظّفين.

وقد أكّدت الأحداث الأمنيّة العالميّة المرتبطة بالشبكات المُستندة على النساء أنّ إسقاط الهدف (الشخص المسؤول) في الشباك المنصوبة تهدف للحصول على أسرار الدول ودوائرها الحسّاسة، وربّما للابتزاز الماليّ عبر التهديد بنشر الفضائح (التسجيلات) غير الأخلاقيّة، ولهذا فإنّ الدول الشرّيرة جَنّدت بعض الفتيات الجميلات والفنّانات وغيرهنّ من النساء اللواتي يمتلكن أدوات ناعمة ومؤثّرة للإيقاع بالرجال المُستهدفين!

واليوم، وبعد تنامي استخدام الشبكة العنكبوتيّة (الأنترنيت)، دخل صنف جديد من النساء إلى عالم النشاطات غير القانونيّة، والتسقيطيّة، وهنّ النساء المؤثّرات بجمالهنّ، أو بجرأتهنّ!

وتنامت في العراق بعد العام 2017 منشورات مصوّرة مليئة بالتلميح والتصريح بقضايا لا أخلاقيّة، وتدعو بشكل أو بآخر لتدمير أخلاق وعادات المجتمع بسبل ناعمة، تدريجيّة وخبيثة!

وكلامنا يُقصد به صاحبات المنشورات الهابطة (المحتوى الهابط)، ولا يشمل جميع المنشورات النسائيّة لأنّ بعضها منشورات ترفيهيّة وفكاهيّة وتوجيهيّة!

وهذه المنشورات المصوّرة من بعض الفاشينيستات (Fashionista)//، (عاشقات المودة)، والبلوكرات (Blogger)، (المدوّنات لحياتهنّ اليوميّة)//، وصلت لدرجات متوحشة ولا يمكن تجاهلها، ومع ذلك استمرّت تلك المنشورات في توغّلها البطيء في الواقع العراقيّ!

والغاية الأبرز لأكثر تلك الحسابات هو الانتشار (الطَّشْة)، والدخول لعالم الإعلانات المصوّرة، وعوالم العلاقات الخاصّة بالطبقات العليا، الثقيلة والمؤثّرة، وبالمحصلة التمتّع بالهدايا (الضخمة)، والهبات (النادرة)، والعوائد الماليّة للمشاهدات الكثيرة بمواقع التواصل!

وسنتجاهل أسماء النساء المقصودات لأسباب أخلاقيّة وقانونيّة، والذي دفعنا لتسليط الضوء على هذه الشبكات الخطيرة هو دائرة التأثير المذهلة التي تتحكّم بها تلك العصابات (النسائيّة الناعمة)، لدرجة أنّ إحدى (الفاشينيستات) العراقيّات أكّدت، قبل أيّام، بأنّها لو قالت ما تعرفه من معلومات فإنّها "ستزلزل كيان الدولة"!

ولو اقتصر الأمر على مجرّد مقاطع مصوّرة فيها بعض الجرأة، لربّما، أدخلنا الأمر ضمن الحرّيّات الشخصيّة غير المنضبطة، ولكن حينما تصل القضيّة إلى تهديد كيان الدولة ومؤسّساتها الأمنيّة فحينها لا يمكن غضّ الطرف عن هذه الكارثة الوطنيّة!

خطورة جرائم هذه العصابات تتمثّل باختراقها للوزارات الأمنيّة، أو محاولات اختراقها، ولهذا يفترض ألا تدخل هذه الجرائم ضمن قوانين (المحتوى الهابط)، ويجب إدخالها ضمن قوانين التجسّس، والتخريب المتعمّد لكيان الدولة، وحينها يمكن التقليل من بعض الآثار التدميريّة لهذه الظواهر الشاذّة!
وشكّلت وزارة الداخليّة، نهاية العام 2022، لجنة قضائيّة لمحاربة المسيئين للأعراف والتقاليد الاجتماعيّة عبر مواقع التواصل، ومع ذلك تنامت هذه الشخصيّات في عموم مؤسّسات الدولة والمجتمع!

وأصدرت بعض المحاكم، قبل عام تقريبا، أحكاماً بالسجن لبعض الناشطين على مواقع التواصل، بسبب تضمّن منشوراتهم لأقوال "فاحشة ومخلّة بالحياء والآداب العامّة، والإساءة المتعمّدة للمواطنين ومؤسّسات الدولة"!

وقد حاول مجلس القضاء الأعلى والوزارات ذات الصلة معالجة الأمر بعد الضجة الشعبيّة الكبيرة التي طالبت بمحاربة هذه الظواهر الغريبة على مجتمع العراق المعروف بتمسّكه بتقاليده وأعرافه الإنسانيّة، إلا أنّ محاولاتهم لم تَحسم الأمر!

وبمرور الأيّام استمرّت هذه الظواهر بالنموّ والتوسّع، وفي يوم 21 آذار/مارس 2023 أعلن (يحيى رسول) المتحدّث العسكريّ باسم رئيس الوزراء محمد شياع السوداني أنّ "التحقيقات توصّلت إلى تحديد عناصر تستخدم مواقع التواصل (صفحات بأسماء مستعارة) لابتزاز المؤسّسة الأمنيّة والإساءة لرموزها"!

ويقال بأنّ بعض الشخصيّات (الناعمة) تحصل على نسبة 15 بالمئة من قيمة عقد أرزاق وزارة سياديّة كبيرة جدا، وتُصَوّر أفلاما غير أخلاقيّة لكبار العاملين بالوزارة لغرض ابتزازهم والتلاعب في تنقّلات الموظّفين داخلها!

وهذه الشبكات المتشعّبة، وإن كانت تَستخدم النساء لإسقاط ضحاياها، إلا أنّها تمتلك سلطات وإمكانيات "رسميّة" عبر بعض كبار ضبّاط القوى الأمنيّة، وبالتالي تمتلك القدرة على الابتزاز (القانونيّ والوظيفيّ)!

والغريب أنّ الضبّاط الذين اتّهموا بهذه الشبكات الخطيرة لم يعتقلوا، وقرّرت لجنة تحقيقيّة رسميّة إحالتهم إلى دائرة الإمْرَة، (تجميدهم) لحين صدور نتائج التحقيقات!

ونحن هنا نستعرض بعض زوايا الجدل الشعبيّ بخصوص هذه القضيّة الدقيقة، وعليه يفترض حسم هذا الجدل بإعلان نتائج اللجنة التحقيقيّة التي لم تظهر للرأي العامّ حتّى الساعة!

وبعد هذه الملفات الحساسة وجدت حكومة بغداد نفسها في موقف محرج، ولذلك اضطرت لكشف بعض الحقائق للجمهور!

وهذا دليل على تغلغل هذه الشبكات (الناعمة) في الدوائر الحسّاسة، وبالتالي فإنّها، ربّما، تمتلك "حصانة رسميّة غير قانونيّة"، ولهذا يفترض عدم التهاون معها!

خطورة جرائم هذه العصابات تتمثّل باختراقها للوزارات الأمنيّة، أو محاولات اختراقها، ولهذا يفترض ألا تدخل هذه الجرائم ضمن قوانين (المحتوى الهابط)، ويجب إدخالها ضمن قوانين التجسّس، والتخريب المتعمّد لكيان الدولة، وحينها يمكن التقليل من بعض الآثار التدميريّة لهذه الظواهر الشاذّة!

dr_jasemj67@