ملفات وتقارير

"خذلان وقمع".. قلق بعد تولي السعودية رئاسة لجنة المرأة بالأمم المتحدة

منظمات حقوقية حذرت من تولي السعودية رئاسة اللجنة لما يشهده الواقع داخل المملكة
انتخبت السعودية بالإجماع لرئاسة لجنة وضع المرأة بالأمم المتحدة، وهي الهيئة المسؤولة عن تعزيز المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة في جميع أنحاء العالم.

أثار انتخاب السعودية بالإجماع لرئاسة الدورة الـ69 في عام 2025، ردود فعل متباينة، حيث رحبت به بعض الدول بينما انتقدته أخرى بشدة.

وبحسب قرار اللجنة التابعة للأمم المتحدة فإن السفير السعودي عبد العزيز الواصل، مندوب المملكة الدائم لدى الأمم المتحدة في نيويورك، سيشغل منصب رئيس الدورة الـ69 للجنة وضع المرأة خلال عام 2025.

وتعهد مندوب السعودية الدائم لدى الأمم المتحدة في خطابه، بقبوله بالتعاون مع جميع أعضاء اللجنة لتعزيز المساواة بين الجنسين، مؤكدا التزام المملكة بتمكين المرأة.


وكان من المتوقع أن تفوز السعودية برئاسة لجنة وضع المرأة، التي أنشئت عام 1946، كهيئة عالمية لصنع السياسات التي تعنى بالنهوض بالمرأة؛ كونها المرشحة الوحيدة لشغل المنصب، ولم تحظ بأي معارضة من الدول الأعضاء الأخرى.

وكالة الأنباء السعودية الرسمية (واس) أكدت أن رئاسة اللجنة من قبل المملكة تأكيد على اهتمامها بالتعاون في إطار المجتمع الدولي في كل ما من شأنه تعزيز حقوق المرأة وتمكينها، كما أنه يتماشى مع الإنجازات النوعية التي حققتها المملكة في هذا المجال، مضيفة أن المرأة السعودية حظيت باهتمام ورعاية القيادة ومنحتها سبل التمكين.

التصريحات الرسمية لم تخف تحذيرات النشطاء والمنظمات الحقوقية من تولى السعودية رئاسة اللجنة لما وصفوه بأنه قرار مخالف للواقع الذي تعيشه المملكة في الداخل من قمع النساء وحرية الرأي، والخارج من تغاضيها عن دعم المرأة خاصة الفلسطينية في ظل حرب تشنها دولة الاحتلال على غزة راح ضحيتها آلاف الشهداء من النساء والأطفال دون تعليق من المملكة، بحسب مراقبين.




منظمة "هيومن رايتس ووتش" الحقوقية حذرت من قرار الأمم المتحدة، مؤكدة أن "المملكة العربية السعودية تميز بشكل منهجي ضد المرأة وتضطهد الناشطات في مجال حقوق المرأة".



"المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان"، نشرت في منشور لها عبر منصة أكس: "تمكين قمع المرأة من منجزات عهد الملك سلمان وابنه، اعتقلت السعودية ١٢٢ امرأة على الأقل منذ ٢٠١٥، وحكمت على عدد منهن بالسجن لعقود لتهم لها علاقة بحرية الرأي".


وأضافت أن "السلوك الحكومي يخلق بيئة عدائية في وجه الناشطات، تتجلى عبر وسائل التواصل حيث يتعرضن لعنف رقمي يشنه ذباب إلكتروني رسمي مهمته مراقبة وتهديد النساء ومنعهن من التعبير عن آرائهن"، بحسب المنظمة.

فيما نشرت منظمة العفو الدولية تغريدة عبر منصة أكس قالت فيها: "تعيين السعودية كرئيسة لمنتدى الأمم المتحدة لحقوق المرأة يسلط الضوء على الفجوة الشاسعة بين الواقع المعيش للنساء والفتيات في السعودية وتطلعات الهيئة".



فك القيود عن المرأة بالمملكة لا يعكس الواقع

وأكدت الباحثة في المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، دعاء دهيني، في تصريحات خاصة لـ "عربي21"، أنه من الممكن أن تكون التغيرات التي شهدتها السعودية بشأن فك بعض القيود عن المرأة داخل المملكة، ساهمت في الترويج لتحسن في وضع حقوق المرأة، ولكن هذه التغيرات وفك بعض القيود مثل رفع الحظر عن القيادة، لا يعكس حقيقة وواقع حقوق النساء اللواتي تعرضن خلال السنوات الأخيرة بشكل غير مسبوق للتعذيب والاعتقال التعسفي وغيرها من الانتهاكات.

وأضافت دهيني، أن من أهم أدوار لجنة وضع المرأة العمل على تعزيز حقوق المرأة في المجالات السياسية والاقتصادية والمدنية والاجتماعية، وترؤس السعودية لهذه اللجنة بينما ينعدم فيها أي نشاط سياسي وأي حيز مدني لكلا الجنسين، هو تناقض بين ما يجب أن تمثله اللجنة وما سوف تكونه.

وأشارت الباحثة في المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، إلى أن انتخاب السعودية هو تجاهل لانتهاكاتها الجسمية لحقوق المرأة وأبرزها اعتقال الأكاديميات والناشطات والأحكام المطولة بحقهن وتعذيبهن.

وقالت، إن "ما يثير قلقنا كمتابعين لسلوك السعودية هو أن يساهم ترؤسها لهذه اللجنة في حملات الغسيل التي تقودها الحكومة، والتي برزت في تعيين نساء في مراكز دبلوماسية وسياسية وحقوقية. حملات الغسيل التي تهدف لخلق صورة غير واقعية عن وضع النساء في البلاد وتحويل الأنظار عن الحقيقة".

مناصب مشتراة بالأموال
ومن ناحية أخرى أكدت رئيس جمعية المرأة الفلسطينية بالسويد نهله الحسن، في تصريحات خاصة لـ "عربي21"، أن هذا القرار بانتخاب السعودية رئيسة للجنة وضع المرأة في الأمم المتحدة يفتقد للمصداقية، حيث إن المرأة السعودية أكثر عرضة للانتهاكات، والقمع والاعتقال، من ناحية ومن ناحية أخرى فإن المملكة ليس لديها خبرات في التعامل مع ملفات المرأة في ظل سنوات من التهميش المجتمعي للمرأة السعودية.

وأضافت الحسن، أن القرار شكل لها صدمة مضحكة، خاصة أن السعودية ودول الخليج المالكة للنفط تصل إلى تلك المناصب بالأموال حتى تبيض وجهها، أمام المجتمع الدولي، دون وجود بصمة حقيقية في تلك المجالات وعلى رأسها مجال حقوق المرأة، سواء على المستوى المحلي داخل المملكة أو المستوى العربي والدولي.

ومن ناحية أخرى قالت الحسن، إنه على الجانب الدولي والعربي "لم تر المرأة الفلسطينية من المملكة السعودية إلا الخذلان والخزي على مدار أكثر من ستة أشهر من الحرب على قطاع غزة يواصل فيها الاحتلال قتل وتشريد الأمهات والنساء الفلسطينيات، دون أي موقف يحسب للمملكة العربية السعودية".

وأكدت أن تلك المناصب المشتراة بالأموال "على حد وصفها" لم تصلح من الأمر شيئا، وسيظل وضع المرأة السعودية والعربية معقدا في داخل وخارج المملكة.

وطالبت الحسن، بضرورة تقديم الجهات المسؤولة لمذكرة احتجاج على قرار رئاسة السعودية لجنة المرأة بالأمم المتحدة، لأن ذلك القرار وضع الشخص غير المناسب في مكان غير مناسب.