ملفات وتقارير

ملامح فترة حكم السيسي الجديدة.. مصر في قائمة الدول الأكثر بؤسا

جاءت مصر في المرتبة الخامسة عربيا والثامنة عشرة عالميا في قائمة الدول الأكثر بؤسا- الأناضول
حافظت مصر على تواجدها في مؤشر الدول الأكثر بؤسا وكذلك الدول الأقل سعادة في العالم؛ بسبب إخفاقها المستمر في تحسين أوضاعها الاقتصادية والاجتماعية والحقوقية طوال السنوات الماضية، وغرقها في سلسلة من الأزمات الاقتصادية.

مع بدء رئيس النظام المصري، عبد الفتاح السيسي، فترة رئاسية جديدة وأخيرة تبدأ في نيسان/ أبريل المقبل وتستمر 6 سنوات حتى عام 2030، فقد حلت مصر ضمن 5 دول عربية في المراكز الأولى على مؤشر "هانكي للبؤس العالمي" للعام 2023.

مؤشر هانكي يصدره سنويا أستاذ الاقتصاد التطبيقي في جامعة جونز هوبكنز الأمريكية "ستيف هانكي"، ويشمل 157 دولة حول العالم، ومستنداً في تصنيفه على معدلات البطالة والتضخم ومعدل الإقراض والتغيير في نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي.

وحلت سوريا ولبنان والسودان واليمن ومصر، في صدارة الدول العربية الأكثر بؤسا، وجاءت مصر في المرتبة الخامسة عربيا والثامنة عشرة عالميا، ما يضعها ضمن الدول البائسة وهو الوضع الذي لم يتغير منذ سنوات طويلة.

دول عربية ضمن الأسوأ على مؤشر البؤس العالمي (إنفوغراف)

تراجع مصر على مؤشر السعادة
بالتزامن لم يكن حظ مصر على قائمة مؤشر السعادة العالمي بأفضل حالا، وعكس أيضا حالة البؤس التي يعيشها المصريون منذ إطلاق المؤشر للمرة الأولى عام 2012.

وحلت مصر في المرتبة الـ 12 عربيا والـ 127 عالميا في مؤشر السعادة العالمي للفترة 2021-2023، استمرارا لترتيبها المتدني.


يصدر المؤشر برعاية الأمم المتحدة، ويشمل هذا العام 143 دولة، يتم تصنيفها وفق عدة عوامل، من بينها إجمالي الناتج المحلي للفرد، والحياة الصحية المتوقعة، بالإضافة إلى آراء سكان الدول.


"المصريون يدفعون ثمن فشل نظام السيسي"
وصف عضو لجنة القوى العاملة بمجلس الشورى السابق، طارق مرسي، حقبة السيسي بأنها "الأسوأ على الإطلاق بين جميع من حكموا مصر منذ الانقلاب العسكري عام 1952 بعد أن ورط البلاد في سلسلة أزمات اقتصادية كبيرة بشهادة جميع المؤسسات الدولية المالية والاقتصادية، وأورد البلاد على حافة الإفلاس إن لم تكن قد أفلست بالفعل ولم ينقذها إلا بيع مقدرات وأصول البلاد".

واعتبر في حديثه لـ"عربي21" أن "تصنيف مصر على مؤشر البؤس أو السعادة هو نتيجة طبيعية لأكثر من 10 سنوات من البطش والظلم والفساد والسرقة والغباء السياسي والاقتصادي، وهو ما حذرنا منه مرارا وتكرارا، ولولا تفريطه في مقدرات المصريين لما ظل يوما واحدا في الحكم، لأنه لم يعد يملك سداد ديون البلاد وخزائن الدولة خاوية والحكومة تقترض نحو نص حجم المصروفات للإنفاق على الأجور والتعليم والصحة. إن كل حياة المصريين وأجورهم هي ديون".

ودلل على حديثه بالقول إن "ارتفاع نسبة الفقر في مصر إلى أكثر من 50% هو مؤشر على فشل سياسات النظام التي أفقرت المصريين وزادت طبقة الفقر واتسعت لتشمل جزءا كبيرا من الطبقة المتوسطة بعد أن خرجت عن السيطرة، والأجور الزهيدة غير قادرة على مواكبة الغلاء حيث تضاعفت الأسعار ألفا بالمئة في 10 سنوات فقط، وكل وعود السيسي بتحسين أحوال المصريين لم تتحقق ومثله كان يجب أن يحاسب على كذبه على شعبه بشكل متكرر وتضليلهم".

حقيقة الفقر في مصر
تشير الإحصاءات الرسمية إلى أن حوالي 30% من السكان فقراء قبل جائحة كوفيد-19 وتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية لكن بعض التقديرات تؤكد أن هذا الرقم زاد بشكل متتال، خاصة مع انهيار العملة المحلية، إلى مستوى تاريخي بأكثر من 300%.

في المقابل، تشير بعض التقديرات الدولية (البنك الدولي) إلى أن ما يصل إلى 60% من مواطني مصر البالغ عددهم 106 ملايين نسمة يعيشون تحت خط الفقر أو قريبون منه.


تمتد آثار الفقر إلى زيادة وتيرة الجرائم حيث تأتي مصر بالمركز الـ 65 عالميا والـ 19 أفريقيا والثالث عربيا بمعدلات الجرائم بين الدول، وفق تصنيف "نامبيو" لتقييم مستوى الجريمة ودرجة الأمان في دول العالم عن العام 2022.

"سنوات عجاف مقبلة"
اعتبر رئيس المركز المصري لدراسات الإعلام والرأي العام "تكامل مصر" الباحث مصطفى خضري، أن "المؤشرات الخاصة بأحوال المصريين الأخيرة هي انعكاس للوضع الاقتصادي المزري إضافة إلى تردي الأوضاع الاجتماعية والحقوقية نتيجة سوء الإدارة والتخطيط، كما أنها تعكس حالة الفشل الذريع المستمر في تحسين أوضاع المصريين وسوء توزيع الثروات".

وأعرب في تصريحات لـ"عربي21" عن توقعه أن "تواصل طبقة الفقراء الاتساع حتى تصبح هي الطبقة الأكبر في مصر والأكثر عددا بسبب زيادة عدد الفقراء وضم عدد كبير من محدودي ومتوسطي الدخل إلى الفقراء لأن دخولهم لم تعد تكفي تلبية احتياجاتهم الأساسية بعد أن ارتفعت تكاليف الحياة بشكل لا يمكن تصور قدرة الفقراء على التعاطي معه. ومع تعويم الجنيه فسيعيش المصريون سنوات أسوأ في ظل حكم النظام والرجل الواحد".

ورأى خضري أن "نظام السيسي غير قادر بعد 10 سنوات على تقديم أي وعود جديدة بعد أن حنث في كل الوعود التي قطعها على نفسه، بل إنها جاءت بنتائج عكسية، وكل سنة هي أسوأ من أختها. من كان يتصور أن يرتفع سعر قرص الطعمية (الفلافل) وطبق الفول طعام الطبقات البسيطة أكثر من 1000% في بضع سنين، وانهيار العملة، وارتفاع التضخم إلى أرقام غير مسبوقة، وزيادة الدين المحلي والخارجي إلى أرقام فلكية بسبب حجم المشروعات الفاشلة التي أطلقها السيسي خلال فترة حكمه".