ملفات وتقارير

نتائج مخيبة للعرب في أمم أفريقيا وأمم آسيا.. "فساد إداري كبير"

رأى مراقبون أن الهزائم العربية تمثل صورة الواقع العربي الهزيل- الاتحاد المصري لكرة القدم
أثار خروج جميع المنتخبات العربية المشاركة في كأس أفريقيا لكرة القدم المقامة في كوت ديفوار، ومغادرة أغلب المنتخبات العربية المشاركة ببطولة آسيا التي تستضيفها الدوحة، الكثير من التساؤلات.

وفي بطولة أفريقيا خرجت المنتخبات الـ5 المشاركة وهي: الجزائر، وتونس، وموريتانيا، ومصر، والمغرب، كما خرجت منتخبات السعودية، والإمارات، والعراق، وفلسطين، والبحرين، وسوريا من كأس آسيا ما عدا قطر والأردن اللذين صعدا لدور ربع النهائي بالبطولة.

"نتائج مذلة"
المثير أن المنتخبات العربية المشاركة بكأس الأمم الأفريقية رغم ما لها من تاريخ بالبطولة وخاصة مصر صاحبة الرقم القياسي بـ7 ألقاب، ظهرت بمستويات متدنية وحصدت 15 نقطة فقط بدور المجموعات من 42 نقطة كان يجب جمعها.

وخرج منتخبا الجزائر وتونس، من الأدوار التمهيدية بعدما جمعا نقطة وحيدة بالبطولة المقامة في غرب القارة الأفريقية خلال الفترة من 13 كانون الثاني/ يناير الماضي حتى 11 شباط/ فبراير الجاري.

والأحد الماضي، خرج منتخب "الفراعنة"، من البطولة بعد الخسارة من الكونغو، بالدور ثمن النهائي بركلات الترجيح (7-8)، بعد صعوبات واجهها بدور المجموعات و3 تعادلات أمام موزمبيق، وغانا، والرأس الأخضر، رغم دعم القيادة السياسية له وزيارة رئيس النظام عبدالفتاح السيسي لمعسكر الفريق.


والاثنين، خرج منتخب فلسطين من دور الـ16 لبطولة آسيا، إثر الخسارة من قطر بنتيجة (1-2)، وذلك إنجاز تاريخي بالوصول لهذا الدور في المشاركة الثالثة لها بالبطولة القارية، والتي شهدت فوز فلسطين لأول مرة، -(3–صفر) على هونغ كونغ-.


وشهد مساء وليل الثلاثاء الماضي، سلسلة الهزائم والخروج العربي من البطولتين، حيث خرج منتخب السعودية من بطولة كأس آسيا، بعد خسارة أمام كوريا الجنوبية في الدور الـ16، بركلات الترجيح (2-4).




وتبعه في المساء ذاته، خروج منتخب الإمارات، بعد الخسارة أمام طاجيكستان في ذات الدور وأيضا بركلات الترجيح (3-5).

ومساء الثلاثاء، أيضا، ودع منتخب موريتانيا العربي البطولة الأفريقية بعد خسارة بهدف وحيد من منتخب الرأس الأخضر، ليفقد "المرابطون" حظوظهم في التأهل للدور ربع النهائي.

وفي الليلة ذاتها، فشل المنتخب المغربي في بلوغ دور الثمانية لبطولة كأس أمم أفريقيا لكرة القدم، إثر هزيمته أمام نظيره الجنوب أفريقي (0-2)، وذلك برغم أنه المنتخب العربي الوحيد الذي تأهل في صدارة مجموعته بعد فوزين أمام تنزانيا وزامبيا.

ليفقد منتخب "أسود الأطلسي"، حلمه في الحصول على البطولة الثانية له بالقارة بجانب لقبه الوحيد عام 1976، في الوقت الذي كانت تذهب له الترشيحات خاصة بحصده المركز الرابع ببطولة كأس العالم في قطر 2022.



وفي ليلة الثلاثاء الحزينة تلك ودع كذلك منتخب العراق بطولة آسيا بعد خسارته من منتخب الأردن (2-3) ليغادر المحفل القاري الذي حصل فيه على بطولة واحدة عام 2007.

والأربعاء، خرج المنتخب البحريني من دور الـ16 لبطولة كأس آسيا لكرة القدم "قطر 2023"، على يد نظيره الياباني، إثر خسارته (1-3).

وكانت سوريا آخر من ودع البطولة في دورها الـ16، بهزيمة بضربات الجزاء الترجيحية أمام منتخب إيران (3-5)، مساء الأربعاء، رغم إنجاز تاريخي للكرة السورية بتخطي دور المجموعات بكأس آسيا لأول مرة بعد فوزها على الهند.

"خذلان غزة"
وطرح متابعون للشأن الرياضي والشأن السياسي التساؤلات حول أسباب فشل المنتخبات العربية للكرة في تحقيق أية مكاسب أو انتصارات ذات قيمة، برغم ما تحصل عليه من دعم حكومي ببلدانها، وما يمثلها من لاعبين محترفين، ومدربين عالميين، خاصة منتخبات المغرب والجزائر والسعودية والإمارات ومصر.

البعض رأى أن الهزائم العربية والخروج المبكر لفرقها من الأدوار التمهيدية ودور الـ16 من البطولتين، يمثل صورة الواقع العربي الهزيل العاجز بمواجهة الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية بكل البلدان العربية.

وذلك إلى جانب حالة الخذلان العربي الرسمي والشعبي للقضية الفلسطينية، إزاء حرب الإبادة الدموية الإسرائيلية على نحو 2.3 مليون فلسطيني بقطاع غزة، منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، والتي أودت بحياة أكثر من 27 ألف فلسطيني.

وقال الكاتب المصري خالد الأصور، إن "خروج (كل) المنتخبات العربية الخمسة بلا استثناء (مصر، والمغرب، والجزائر، وتونس، وموريتانيا) من كأس أفريقيا، حدث غير مسبوق، وخروج السعودية أيضا من كأس آسيا".

وتساءل: "هل أكون مبالغا إذا قلت إن كل هذه الهزائم غير المسبوقة ببطولة واحدة له صلة بخذلان غزة العزة؟".


وتحدث الناشط حسن مدبولي، عما أسماها "الخيبة"، مضيفا: "بدا الأمر وكأنما الفوز بالمباريات الكروية له الأولوية القصوى عن أنباء الإبادة الجماعية التي تجتاح غزة"، مؤكدا أن "أشاوس الوطنية الكاذبة التي تستخدم كرة القدم للهروب من مسؤولياتها القومية والإنسانية بالبلدان الأربعة، تلقوا صفعات موجعة في المباريات".

وأكد أن "مصر انهزمت وخرجت على يد الكونغو، والسعودية تلقت ضربة قاصمة من المنتخب الكوري الجنوبي، وطاجكستان أذلت أنف الإمارات، أما النتيجة الرابعة والأهم فكانت تتعلق بالمغرب الذي تقول بعض الأنباء إنه في طريقه لإقامة قاعدة عسكرية صهيونية على أرضه".

وأوضح أنه "تلقى هزيمة ساحقة على يد أبطال دولة جنوب أفريقيا العربية الشقيقة، حيث غادر البطولة وسط فرحة عارمة اجتاحت ملايين المشجعين بالمنطقة العربية".


وتوالى حديث النشطاء العرب عن أن الهزائم المذلة للمنتخبات العربية في البطولتين الأفريقية والآسيوية جاءت بعد خذلانها غزة.







"هزائم سياسية"
وفي تعليقه على هزائم المنتخبات العربية في بطولتي آسيا وأفريقيا ونتائجها غير المتوقعة وخروجها المبكر، أكد الناقد الرياضي المصري زغلول صيام، أن تلك "الهزائم سياسية من الأساس".

وألمح في حديثه لـ"عربي21"، إلى أنه لتلك الخسارات المذلة "علاقة بالفساد الإداري"، ملمحا لوجود علاقة وثيقة "بين هذا الفشل العربي غير المسبوق بالبطولتين وبين خذلان العرب لأهل فلسطين وتجاهلهم قطاع غزة لنحو 4 أشهر".

من جانبه، قال الرياضي المصري حكيم يحيي: "كان من المفترض أن ينتفض العرب كما انتفضت غزة، ولكن للأسف كما وقفت غزة وحيدة أصبحت هي الوحيدة تقف رمزا للنضال والكفاح".

في حديثه لـ"عربي21"، أوضح أخصائي الإصابات والتأهيل الرياضي‏ لدى ‏الاتحاد الدولي لكرة القدم، أن "حالة الترهل السياسي والانهيار الاقتصادي والانبطاح للسيادة الأمريصهيونية الذي طال البلاد العربية، طال فرقها الرياضية أيضا".

وأضاف: "فرأيناها تخرج تباعا من بطولتي آسيا وأفريقيا وتجر أذيال الخيبة والهزيمة"، لافتا إلى أنه "ومن الغريب أن نرى الشعوب العربية متقبلة هذا الانهيار، وتلك الهزائم، وكأنها ارتضت أن تكون هزيمتها الرياضية مكملة لباقي هزائمها".

ويرى أن "تلك الهزائم المتنوعة ليس سببها الخضوع والخنوع للمستعمر الأجنبي فقط، علما بأن الاستعمار الذي أقصده هو الاستعمار المتنوع بين العسكري والاقتصادي والسياسي والفكري، فتلك جميعها مرادفات لمعنى واحد".

واستدرك: "لكن هناك سبب آخر لم يتوقعه أحد، وهو عنصر التخطيط، والذي جعل منتخبات دول صغيرة مثل جزر القمر، وموزنبيق، مثلا تتوغل وتصير قروشا كبيرة تلتهم المنتخبات العربية".

وختم بالقول إن "التنظيم هو ما جعل تلك الدول ترسل لاعبيها في سن صغيرة إلى أوروبا، فعاد إليها الصغار وحوشا كاسرة وقروشا التهمت أشباحا كانت تعيش على الذكرى وأمجاد الماضي".

"سوء إدارة وفساد"
من جانبه، قال الأكاديمي العراقي، الدكتور حارث قطان: "لا شك أن الفساد له علاقة وطيدة في نشاط المجتمعات العربية المختلفة، بما فيها النشاطات الرياضية".

وفي حديثه لـ"عربي21"، أضاف: "لكن مسألة الرياضة تتعلق بمستوى المنتخبات لأنه مع ما يثار في هذا الخصوص فهناك منتخبات عربية قدمت مستوى جيدا في بطولة كأس العالم قطر 2022، مثل المغرب والسعودية، ولم يكن مستواها بالذي يليق بالبطولة لعبا ونتيجة".

ويعتقد قطان أن "السبب يتعلق بسوء الإدارة، وربما في ذلك جزء من الفساد عبر تغيير المدربين وعدم إعطائهم فرصة الاستمرار مع تلك المنتخبات".

وأكد أن "هناك بعض المنتخبات تعرضت لمؤامرات في البطولة الآسيوية كالفريق العراقي"، مشيرا لوجود "أسباب لا يسع المقال، ولا السؤال لذكرها هنا، فيما يخص الفريق العراقي، على سبيل المثال".

وخلص للقول: "لكن؛ وحسب تقديري، فلا علاقة للنتائج السيئة التي لحقت بالمنتخبات العربية بالبطولتين القاريتين، بالعزيزة والغالية على قلوبنا غزة الصمود".

وأكد أن "النتائج تتقرر من خلال الملاعب ومن خلال الجهود والتكتيك في الملاعب، ولا أعتقد أن اللاعبين تقاعسوا في الملعب لأجل إحراج الأوساط السياسية لأنها تقاعست عن نصرة غزة".

وختم: "والرياضي بشكل عام، هو وليد مجتمعه، ويؤسفني القول إن المجتمعات العربية بكافة تشكيلاتها كانت سلبية من أحداث غزة، بل ردة فعل المجتمعات الغربية فاقت بكثير ردة المجتمعات العربية".