قضايا وآراء

هل تنجح الوساطة القطرية في حل الأزمة الجزائرية المغربية؟

هل تنجح الوساطات في تخفيض حدة الخلافات؟- عربي21
لقد أصبحت دولة قطر بمثابة حمامة السلام في المناطق الساخنة بين الدول المتنازعة، وللحقيقة فقد حققت نجاحات كثيرة في نزع فتيل الحرب وتبريد الأجواء الملتهبة، ولقد أوكلت إليها الولايات المتحدة الملف الأفغاني والمفاوضات مع حركة طالبان التي أذاقتها مرارة الهزيمة، واعتمدت عليها في التسوية بينها وبين كابول وتأمين خروج القوات الأمريكية منها، وكذلك قامت بدور في الوساطة بين أمريكا وإيران. وكانت هذه المفاوضات بين الدول تجري في سرية تامة إلى أن تتم التسوية ويعلن في النهاية وبشكل مفاجئ عن التوصل لحل وتسوية بين الأطراف المعنية..

وحاليا تتردد أنباء عن وساطة قطرية تتم بين الجزائر والمغرب، لم تنفها كلتا الدولتين، بعد إعلان المتحدث الرسمي باسم الخارجية القطرية "ماجد الأنصاري"، عن وساطة قطرية بين البلدين. والمدهش أنه لم يصدر أي تعليق رسمي أو إعلامي مقرب من السلطة من الجانب الجزائري الذي كان دوما ينفي وجود أي وساطات بينها وبين المغرب ورفضها لإعادة العلاقات مع الرباط، مما يؤكد بالفعل أن الجزائر تسعى بالفعل لإنهاء النزاع مع المغرب والوصول إلى تسوية ترضاها معها وأنها أوكلت هذا الأمر لدولة التسويات (قطر)..

تتردد أنباء عن وساطة قطرية تتم بين الجزائر والمغرب، لم تنفها كلتا الدولتين، بعد إعلان المتحدث الرسمي باسم الخارجية القطرية "ماجد الأنصاري"، عن وساطة قطرية بين البلدين. والمدهش أنه لم يصدر أي تعليق رسمي أو إعلامي مقرب من السلطة من الجانب الجزائري الذي كان دوما ينفي وجود أي وساطات بينها وبين المغرب ورفضها لإعادة العلاقات مع الرباط، مما يؤكد بالفعل أن الجزائر تسعى بالفعل لإنهاء النزاع مع المغرب والوصول إلى تسوية ترضاها معها وأنها أوكلت هذا الأمر لدولة التسويات
كما يبدو أن المغرب أيضا يسير على نفس الخطى، فلقد كان لافتاً في خطاب العرش للملك "محمد السادس"، تقييمه للعلاقات الجزائرية المغربية بأنها "مستقرة"، في محاولة لتذويب الجليد وإعطاء إشارة ما إلى أن ديناميات جدية تجري من وراء الكواليس للوصول إلى المصالحة بين البلدين. فالدولتان تشاهدان ما يجري في القرن الأفريقي من تغيرات استراتيجية حادة وصراعات نفوذ بين الغرب وروسيا والصين على القارة السمراء، وخاصة بعد انقلابات مالي وبوركينافاسو وأخيراً انقلاب النيجر، فلن تغامرا بالانخراط في أتون هذا الصراع الذي ليس لهما فيه ناقة ولا جمل..

في حقيقة الأمر، إن الأزمة بين الدولتين الجزائر والمغرب لم تكن وليدة اليوم، بل ترجع لعقود طويلة خلت، وهذه ليست أول مرة يحدث قطع للعلاقات بينهما، فقد سبق في عام 1976 أن قُطعت العلاقات بينهما لكن في تلك المرة كان المغرب هو صاحبة قرار المقاطعة..

فمنذ استقلال الجزائر عام 1962، بدأ النزاع الحدودي بين البلدين، واندلعت أولى المعارك العسكرية بين البلدين المفترض أنهما بلدان شقيقان، وعرفت العملية بـ"حرب الرمال"، وكان الجيش الجزائري في ذلك الوقت مدعوماً من مصر، حيث كان الرئيس الراحل جمال عبد الناصر يدعم الثورة الجزائرية بالمال والسلاح، ويعتبر نفسه الأب الروحي لكل الثورات العربية، ويعادي كل الأنظمة الملكية العربية وينعتها بالرجعية وموالاتها للإمبريالية العالمية..

واستمر العداء أو لنقل التوتر بين البلدين الجارين إلى أن وقعا اتفاقية لتطبيع العلاقات بينهما عام 1988، بوساطة سعودية، ولكن هذه الاتفاقية لم تمحُ ما في النفوس، لدرجة أن القنصل المغربي في مدينة وهران غرب الجزائر، وصف الجزائر بـ"البلد العدو"!!

كما أن سفير المغرب لدى الأمم المتحدة عمر هلال، دعا وبدون أي مناسبة، خلال اجتماع لدول عدم الانحياز منذ سنوات، إلى استقلال "شعب القبائل" في الجزائر، ما جعل الجزائر تستدعي سفيرها للتشاور، وهي لغة دبلوماسية تلجأ إليها الدول حينما تحدث أزمات لتجميد العلاقات بينها إلى أن تحل هذه الأزمات ويعود السفير مرة أخرى؛ أو لا يعود إذا تأزم الموقف ولم تحل الأزمة، فيكون تمهيدا لقطع العلاقات كما في الحالة الجزائرية..

ما من شك أن السفير المغربي لدى الأمم المتحدة لم يدعُ إلى استقلال "شعب القبائل" عبثاً بل كانت تصفية حسابات مع الجزائر، رداً على دعمها لحركة "البوليساريو" واعترافها بالجمهورية العربية الصحراوية، والتي يعتبرها المغرب جزءاً من الأراضي المغربية، فسياسة "كيد النسا" يتميز بها العرب دون غيرهم من الأعراق الأخرى!

لا شك أن أزمة الصحراء الغربية واحدة من أطول الصراعات السياسية والإنسانية في العالم، لقد كانت مستعمرة إسبانية في الفترة الممتدة ما بين عام 1884 إلى عام 1976، وبعد خروج الاستعمار الإسباني منها تنازع عليها المغرب وجبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر، لما تملكه من موارد طبيعية ضخمة. فالمغرب يريد أن تتسع رقعته الجغرافية في تلك الصحراء الغنية بالفوسفات، وبالتالي يزداد نفوذه وتؤول إليه قيادة المغرب العربي، في المقابل الجزائر تريد ان تُحَجّم النفوذ المغربي وترى نفسها هي المؤهلة لقيادة المغرب العربي، ولهذا شجعت جبهة البوليساريو على الاعلان عن الجمهورية العربية الصحراوية، وحرضت دولاً كثيرة على الاعتراف بها، ودعمتها بقوة في منظمة الوحدة الأفريقية فتم قبول البوليساريو كعضو فيها، مما استدعى رد فعل عنيفا من المغرب وأعلن انسحابه من المنظمة..

اعترف ترامب بسيادة المغرب على الصحراء الغربية وأنها جزء من الأراضي المغربية مقابل اعتراف المغرب بالكيان الصهيوني والتطبيع معه، فوجد المغرب أن الطريق العالمي لاعتراف العالم بسيادته على الصحراء الغربية، معمّد من الكيان الصهيوني، والتاريخ طويل في العلاقات الحميمية بين المغرب والكيان ولكن من وراء ستار، فلن يضر شيئا إذا أزيح عنه الستار وظهر في العلن
ولذلك فإن قضية الصحراء، من أكثر القضايا المعقدة والشائكة لدى البلدين الجارين..

في أواخر عهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وفي غمرة الحماس لترويج اتفاقيات أبراهام في المنطقة وهرولة التطبيع مع الكيان الصهيوني، دخلت قضية الصحراء الغربية في سوق المساومات، إذ اعترف ترامب بسيادة المغرب على الصحراء الغربية وأنها جزء من الأراضي المغربية مقابل اعتراف المغرب بالكيان الصهيوني والتطبيع معه، فوجد المغرب أن الطريق العالمي لاعتراف العالم بسيادته على الصحراء الغربية، معمّد من الكيان الصهيوني، والتاريخ طويل في العلاقات الحميمية بين المغرب والكيان ولكن من وراء ستار، فلن يضر شيئا إذا أزيح عنه الستار وظهر في العلن!

فقد طلب المغرب من الصهاينة مساعدته في إقناع الولايات المتحدة بالاعتراف بسيادته على الصحراء الغربية، ولقد عمل على ذلك زعيم الجالية اليهودية في المغرب، "سيرغي بارغودو" كوسيط بين الملك واجتمع بقادة يهود أمريكيين ومسؤولين صهاينة!

وأخيراً وبعد كل ما سردناه من عداء تاريخي بين الدولتين الجارتين، ولن أقول الشقيقتين مع أنها الأصح نظراً للروابط المشتركة بينهما من دين ولغة وثقافة، هل ستنجح دولة قطر في إزالة هذا العداء المستحكم بينهما وطي صفحات الماضي البغيض وبدء صفحة جديدة بينهما كدولتين شقيقتين؟ إذا تم ذلك فلسوف نكون بصدد تحول كبير في المنطقة..

twitter.com/amiraaboelfetou