صحافة إسرائيلية

سوريا تقترب من خصومها السابقين.. هل يبتعد بشار الأسد عن روسيا؟

سوريا عنصر مهم في السياسة الخارجية الروسية - جيتي
نشر موقع "نيوز ري" الروسي تقريرا تحدث فيه عن عودة سوريا إلى السياسة العالمية عقب استعادة عضويتها في جامعة الدول العربية بعد سنوات من العزلة الدولية.

وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21" إن هذه الخطوة تلت مفاوضات أُجريت في عمان بين سوريا والولايات المتحدة، سلط خلالها الضوء على مسألة انسحاب القوات الأمريكية من سوريا.

ويضيف الموقع أن السعودية، التي استماتت في تقديم الدعم للمعارضة السورية في وقت سابق، دعت الأسد للمشاركة في القمة العربية المقرر عقدها في الرياض في الـ19 من الشهر الجاري.

ما الذي يحدث في سوريا الآن؟

وينقل الموقع عن السفير السابق للاتحاد السوفييتي وروسيا في سوريا ألكسندر زوتوف، قوله إن "سوريا على وشك تجاوز الأزمة طويلة الأمد والحرب الأهلية المستعرة منذ عام 2011"، مشيرا إلى أن إجراء مفاوضات مع تركيا لاستعادة سيادة دمشق على جميع أراضي سوريا، وانطلاق عملية إعادة البلاد إلى الأسرة العربية، ومناقشتها مع الولايات المتحدة طرق تخفيف العقوبات؛ يبشر بتشكيل بيئة جديدة حول سوريا.

من جانبه، يعتقد السياسي السوري علي الأحمد أن استعادة سوريا علاقاتها مع الدول العربية ثمرة للمجهودات الروسية، وهو العامل الذي دفع الولايات المتحدة إلى التفاوض.


لماذا تخرج روسيا سوريا من العزلة؟

وينسب الموقع إلى نيكولاي سوخوف وهو مدير المركز الثقافي الروسي بدمشق، قوله إن الهدف الرئيسي لتواجد روسيا في سوريا هو تحقيق الاستقرار واستعادة الوضع الطبيعي، ما يخول لدمشق استعادة علاقاتها مع جيرانها والنهوض بنفسها.

ويضيف سوخوف بأن عودة البلاد إلى جامعة الدول العربية يترتب عنه جذب استثمارات عربية، العامل الكفيل بتحسين وضع الاقتصاد السوري، مستبعدا في الوقت الراهن إعادة بناء سوريا بالنظر إلى الركود الذي تشهده البلاد.

ويعلق سوخوف آمالا على عودة قطاع الطاقة السوري إلى نشاطه الطبيعي عقب تقديم القوى العربية الدعم، ما من شأنه التأثير إيجابا على القطاع الصناعي والتجاري.

لماذا تحتاج روسيا سوريا؟

ووفق الموقع يرى كيريل سيمينوف، الخبير في المجلس الروسي للشؤون الدولية، أن سوريا عنصر مهم في السياسة الخارجية الروسية، فمن خلالها تبسط روسيا نفوذها على المنطقة بأسرها. وعليه؛ فإن وجودها هناك يمنحها الفرصة للمشاركة في سياسات الشرق الأوسط كلاعب محلي بارز، لا كمجرد لاعب من خارج المنطقة.

وأفاد الموقع بأن سوخوف يعتقد أن امتلاك روسيا قاعدة حميميم الجوية في اللاذقية وميناء مع مركز لصيانة السفن في طرطوس لا يعكس فقط وجودها العسكري والسياسي في الشرق الأوسط، بل يهدد الجناح الجنوبي لحلف شمال الأطلسي، أي دول البحر الأبيض المتوسط من أعضاء الحلف، ويرى أن تواجد القواعد الروسية في سوريا بمثابة عامل للتوسع في أفريقيا اقتصاديا في المقام الأول.

وبحسب الموقع؛ يُرجع علي الأحمد اهتمام روسيا بسوريا إلى حقيقة إدراك موسكو أن دمشق حليف مخلص لها.


كيف تجني روسيا المال في سوريا؟

يقول سوخوف إن روسيا لا تكسب أموالا طائلة في سوريا وذلك لعدة أسباب من بينها عدم تحقيق الشركات الروسية الخاصة مثل شركات معالجة الفوسفات أرباحًا هناك، وغياب مشاريع روسية أخرى واسعة النطاق.

وبحسب سيمينوف؛ فإن قرار روسيا بتقديم الدعم العسكري لسوريا كان قائما أساسا على المصالح الجيوسياسية. وعليه؛ فإن الموارد التي خصصتها روسيا لصيانة القواعد العسكرية ومساعدة الأسد تتجاوز أي عائدات يمكن الحصول عليها من دمشق.

لماذا يمكن أن تكون سوريا مهمة بالنسبة لروسيا؟

يرى الموقع أن أهمية سوريا بالنسبة لروسيا تكمن في موقعها الجغرافي في شرق البحر الأبيض المتوسط وطرق النقل والخدمات اللوجستية عبر هذه المنطقة، التي ظلت منذ العصور القديمة ولا تزال نقطة مهمة لنقل البضائع.

وتعليقًا على ذلك، يقول سوخوف: "في الوقت الراهن يمكن لسوريا أن تصبح واحدة من أكبر المراكز، التي بمساعدتها يمكن الالتفاف على العقوبات. وبناءً على ذلك، من الضروري بناء سلاسل التوريد، وسوريا هي الموقع المثالي".

إضافة إلى ذلك؛ يعتقد سوخوف أن روسيا تستطيع تحقيق إيرادات من خلال الشحن البحري وإدارة ميناء طرطوس في حال بناء مصنعٍ لإصلاح وصيانة سفن العبور نظرًا لافتقار شرق البحر الأبيض المتوسط إلى قاعدة واحدة تقدم هذه الخدمات.

ويتابع سوخوف: "منذ توقيع اتفاقية بين سوريا وروسيا بشأن إدارة هذا الميناء في طرطوس، لم تنجز استثمارات هناك ولم يتم تحديثه بأي شكل من الأشكال، لذلك يصعب الحديث عن تحقيق أرباح في الوقت الراهن".

من جانبها؛ تولي دمشق اهتمامًا بتدفق الاستثمارات الروسية، بحيث يحث السوريون روسيا على توسيع التعاون الاقتصادي لا فقط على مستوى الدولة، بل أيضًا على مستوى الشركات.

هل ستنسى سوريا روسيا؟

في هذا الشأن؛ ينسب الموقع إلى ألكسندر زوتوف، السفير السابق لدى دمشق، قوله إن سوريا تنتظر فترة انتعاش تلعب فيها روسيا دورًا مهمًّا. ومع ذلك؛ هناك مخاوف من فقدان روسيا لموقعها الريادي في سوريا في المستقبل وانسحابها من هناك فاسحة المجال للمستثمرين العرب الأثرياء من الخليج العربي.

يشاطره نفس الرأي سوخوف الذي أضاف: "هذا السيناريو جائز في حال شعرت القيادة السورية بنوع من الاستقرار في الوضع. لكن، بالنسبة لعرب الخليج فإن وجود روسيا في سوريا هو عامل استقرار وأمن، وهو نوع من الضمان القوي لسلامة استثماراتهم وأعمالهم".

ويرى سيمينوف أن سوريا تحت قيادة بشار الأسد لن تتخلى عن روسيا تحت أي ظرف من الظروف، مضيفا: "لا تزال الحرب الأهلية قائمة في سوريا ولا تزال هناك مناطق تحت سيطرة المعارضة والجماعات المتطرفة. وعليه، يشكل انسحاب روسيا مشكلة وجودية للأسد في ظل هذه الظروف".

ويتبنى إبراهيم موسى، الخبير العراقي في العلاقات الدولية، رأيًا مماثلًا بقوله: "فيما يتعلق بمدة بقاء روسيا في سوريا فإن الأمر متروك لموسكو، لا سيما في ظل إدراك الأسد أن الوجود العسكري الروسي يساعده في الحفاظ على ولاء النخب المحلية القوية له".

وفي ختام التقرير نقل الموقع عن موسى بأن الأسد في حاجة إلى روسيا لمنع حدوث سيناريو السودان بسوريا في ظل امتلاكها العديد من الجنرالات، الذين يبقيهم فقط الوجود العسكري الروسي تحت السيطرة.