"سقوط سد النهضة" من حسابات القمة الأفريقية.. ماذا يعني ذلك؟

تختتم القمة الأفريقية الـ 36 في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا أشغالها، الأحد، بحضور عدد كبير من رؤساء الدول، فيما غابت قضية سد النهضة عن مناقشات الاجتماعات.

وتصدرت ملفات الاقتصاد والتجارة الحرة والأمن الغذائي والأوضاع الأمنية عناوين القمة التي تبنت شعار "تسريع تنفيذ منطقة التجارة الحرة القارية" في ظل التحديات الاقتصادية التي يشهدها العالم والقارة الأفريقية التي تضررت بقوة من تداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية.

واجتمع القادة الأفارقة في القمة السنوية للاتحاد الأفريقي لتنفيذ اتفاق التجارة الحرة على مستوى القارة الذي كان قادة الاتحاد أطلقوه رسميا قبل 3 سنوات  بعد مفاوضات ومساومات شاقة استمرت 17 عاما من أجل تحقيق حلم أكبر سوق للتجارة الحرة في العالم من حيث عدد سكان منطقتها، 54 من أصل 55 دولة أفريقية بدون أريتريا.

أقوال مصرية مكررة دون مواقف
وفي غياب رئيس النظام عبد الفتاح السيسي، ترأس وفد مصر في أعمال الدورة الـ42 للمجلس التنفيذي للاتحاد الأفريقي على مستوى وزراء الخارجية، والذي تسبق أعماله انعقاد القمة الأفريقية، وزير الخارجية سامح شكري، وخلال اللقاءات الثنائية أعاد التأكيد على محددات الموقف المصري الثابت بضرورة التوصل لاتفاق ملزم حول قواعد ملء وتشغيل سد النهضة، يراعي مصالح الدول الثلاث ويحفظ حقوق مصر المائية.

خسرت مصر والسودان جميع الرهانات سواء الرهان على واشنطن أو الغرب أو مجلس الأمن أو حتى الدول الإفريقية للضغط على إثيوبيا من أجل التوصل إلى اتفاق بشأن سدّ النهضة، الذي تعتبره القاهرة تهديدا وجوديا، واكتفت جميع الجهات بالتأكيد على أهمية التوصل إلى تسوية دبلوماسية تحمي مصالح جميع الأطراف.

بحسب مفوضية الاتحاد الإفريقي خلا جدول أعمال المجلس خلال قمة الاتحاد من وجود قضية سد النهضة على طاولة المناقشات وتضمن الإصلاحات المؤسسية في الاتحاد الأفريقي وحالة السلم والأمن في أفريقيا، بحث سبل معالجة أزمة الغذاء وسياسة الطاقة، وسبل مكافحة وباء فيروس كورونا المستجد في القارة.

وكذلك بحث اتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية بشأن سياسة المنافسة ومشروع النظام الأساسي للوكالة الإنسانية الإفريقية، وبروتوكول الاستثمار لاتفاقية إنشاء منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية، وبروتوكول حقوق الملكية الفكرية.

سد النهضة.. ليس قضية القارة
بشأن غياب موضوع سد النهضة عن جدول أعمال القمة الأفريقية، قال الأكاديمي والخبير في شؤون الشرق الأوسط وأفريقيا خيري عمر، إن "القضية لم تطرح بالأساس على طاولة القمة التي تبحث في قضايا أفريقية عامة مثل الأمن الغذائي والأمن والإرهاب والتكامل الاقتصادي بين دول القارة من خلال اتفاقية منطقة التجارة الحرة، مع الإشارة إلى أن كل جهود الدول التي تولت رئاسة الاتحاد السابقة مثل جنوب أفريقيا والكونغو الديمقراطية وأخيرا السنغال لم تنجح في إحداث أي اختراق يذكر".

ووصف في تصريحات لـ"عربي21" أن "كل ما قامت به مصر خلال الاجتماعات التي سبقت انعقاد القمة هو الترويج للموقف المصري الرافض لعملية ملء وتشغيل سد النهضة من دون التوصل لاتفاق ملزم، ولم تطلب إدراج الملف ضمن بنود مناقشات القمة، والملف تم إحالته لرئاسة الاتحاد وبتفويض من مجلس الأمن وكل الجهود المبذولة في تحريك الملف باءت بالفشل ولم تقدم جديدا".

وتوقع عمر أن "تتوقف حدود رئاسة الاتحاد المقبلة عند البيانات التي صدرت من قبل، والموضوع برمته سيظل بين مدى قدرة الدول الثلاث (مصر، إثيوبيا، والسودان) على العودة إلى طاولة المباحثات ومناقشة القضايا العالقة ولن تستطيع أي دولة بما فيها مجلس الأمن من فرض حل توافقي وعندما لجأت القاهرة والخرطوم إلى إليه قرر إعادة القضية إلى الاتحاد الأفريقي؛ بالتالي فإن المنظمات الدولية لا تجد جدوى من التدخل في هذه النزاعات والفلسفة الحاكمة لها هو عدم القيام بسابقة من نوعها في فرض حل على دولة من الدول؛ لأنه قد تثير نزاعات أكثر".

دور أفريقي ضعيف
يرى خبير المياه والسدود محمد حافظ أن الطريق بات مفتوحا على مصراعيه لإثيوبيا لاستكمال الملء والبناء دون أي عائق، وقال: "استكمال بناء سد النهضة والانتهاء من التخزين بات مسألة وقت ولا تحكمه أي أي اتفاقيات مع دول المصب، وعملية الملء الرابع سوف تبدأ وتكتمل ليتحول السد من مجرد فكرة إلى حقيقة لا يستطيع أحد منعها".

مضيفا لـ"عربي21": إثيوبيا لا تواجه أي معوق فني لاستكمال الملء وليس لديها أي مشاكل لوجستية في وبالتالي سوف تتمكن من رفع منسوب الممر الأوسط الذي يتحكم في زيادة مخزون المياه خلف الخزان في شهر أغسطس المقبل، وسينجحوا في تخزين كمية تقدر بنحو 27 مليار وهي أكثر من الملء الأول والثاني والثالث مجتمعين ليصل إجمالي ما سوف تخزنه نو 50 مليار متر مكعب.


وأوضح حافظ أن "ملف سد النهضة ليس ضمن أجندة قضايا القمة وهي ليست معنية بذلك ناهيك عن أنها غير قادرة على تحريك أي ملف؛ لأن قدرات الدول الأفريقية في حل النزاعات من خلال المنظمة محدودة ولا تملك أدوات القوة لفرض أي حلول"، مشيرا إلى أن "هناك العديد من الملفات الأقل خطورة وأهمية وتعقيدا وفشلت في الوصول إلى اتفاق حولها".

مع انتقال رئاسة القمة إلى رئيس دولة جزر القمر غزالي عثماني، وتسلمه الرئاسة الدورية للاتحاد الأفريقي من رئيس السنغال ماكي سال، لا يعول الكثير من المراقبين على قدرة الأرخبيل الصغير في المحيط الهندي في دفع محادثات سد النهضة للأمام نظرا لمحدودية الثقل السياسي له.