سياسة عربية

أزمة المحكمة العليا بليبيا تنذر بانقسام جديد.. واتهامات للبرلمان بـ"الديكتاتورية"

قال المنصوري إن "قانون إنشاء المحكمة تجسيد للدكتاتورية الدستورية"- جيتي

يحتد الجدل بين الأطراف التشريعية الليبية عقب إقرار البرلمان المنعقد بشرق البلاد قانونا جديدا بشأن المحكمة الدستورية، ما قد يعمق الأزمة السياسية المندلعة في البلاد منذ العام 2014.

 

والثلاثاء، أقر البرلمان في طبرق بشرق البلاد بالغالبية، مقترح القانون الذي قدّمه رئيس مجلس النواب عقيلة صالح لتشكيل محكمة دستورية في بنغازي تتكون من 13 عضوًا يعيّنهم المجلس في أول تشكيل لها.

 

لكن القرار التشريعي، لاقى رفضا فوريا من الغرفة التشريعية الثانية في البلاد، حيث عبر رئيس مجلس الدولة خالد المشري عن موقف رافض لخطوة صالح.

 

وفي رد على موقف المشري، اعتبر رئيس مجلس النواب الليبي، الأربعاء، في بيان له أن "القانون يُحقق العدالة ولا تأثير له على المسار الدستوري الذي عندما يصدر من خلاله الدستور ستلغى كافة القوانين المخالفة لنصوصه".

وأضاف رئيس مجلس النواب عقيلة صالح في البيان، أن إنشاء محكمة دستورية في ليبيا من قبل مجلس النواب السلطة التشريعية، هو تأكيد لما تضمنته مسودة الدستور في المواد (138 إلى 145) التي توافق عليها أعضاء لجنة المسار الدستوري، المُشكلة من مجلسي النواب والدولة ولم يتم الاعتراض عليها من أحد.

وتابع عقيلة في بيانه: "نستغرب من عدم فهم المقصود والهجوم ضد قانون إنشاء محكمة دستورية".

 

 

وفي وقت سابق الأربعاء، علّق المشري التواصل مع صالح وأعمال اللجان المشتركة بينهما، إلى حين إلغاء قانون إنشاء محكمة دستورية بمدينة بنغازي شرق البلاد، بدلاً من الدائرة الدستورية في المحكمة العليا بالعاصمة طرابلس غرب ليبيا.

وقال المشري في رسالة وجّهها إلى صالح: "لا نعتبر قانون إنشاء محكمة دستورية من ضمن الصلاحيات التشريعية، بل هو شأن دستوري".

واعتبر رئيس مجلس الدولة أن "إجراء مجلس النواب يزعزع الثقة التي نحاول أن نبنيها بين مجلسي الدولة والنواب ويهدم جهود الوصول إلى توافق حول المسار الدستوري ويعمق الانقسام المؤسسي في البلاد".

 

وفي رسالته، دعا المشري رئيس ومستشاري المحكمة العليا ورئيس وأعضاء المجلس الأعلى للقضاء وأعضاء الهيئات القضائية، إلى عدم الاعتداد أو العمل بقرار البرلمان، محذّرا الجهات القضائية من "خطورة إقدام أي جهة قضائية على تسمية أي من رجال القضاء لعضوية المحكمة المستحدثة".

 

ووصف خطوة مجلس النواب بأنها "التفاف على ما تم التوافق عليه لإخضاع المحكمة الدستورية لرغبات خاصة لا تخدم الوطن وتعطيل الدائرة الدستورية حتى لا تنظر في الطعون المقدمة أمامها".


 

وفي السياق، قال عضو مجلس النواب صالح فحيمة، في تصريحات لوسائل إعلام محلية: "نُقدر ما جاء في خطاب رئيس مجلس الدولة بشأن المحكمة الدستورية وقد نتفق معه في كثير مما ذهب إليه".

 

ولفت فحيمة إلى أن "تعليق عمل اللجان المشتركة بين مجلسي النواب والدولة وتعليق التواصل بين المشري ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح لا يخدم المصلحة العامة".

 

وأضاف عضو مجلس النواب أن "الأمور لا تحل بالمقاطعة وعدم التواصل، بل إن الضرورة الآن أكثر إلحاحاً للجلوس والتواصل".

 

ومن جانبه، اعتبر رئيس لجنة التواصل الدستوري بالهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور، ضو المنصوري، أن "توقيت إنشاء المحكمة الدستورية وطريقة الطعن أمامها، تؤكد رغبة عقيلة صالح في إحكام سيطرته على القضاء وانتهاك استقلاليته في انتهاك صارخ لكافة الأعراف والمواثيق الدولية التي صادقت عليها ليبيا".

وأشار المنصوري في تصريح لقناة ليبيا الأحرار إلى أن "قانون إنشاء المحكمة تجسيد للدكتاتورية الدستورية وضربة استباقية لأي تسويات بين مجلس النواب ومجلس الدولة".

 

والمجلس الأعلى للدولة شريك تشريعي لمجلس النواب في الخطوات المصيرية لحل الأزمة في ليبيا، وفقًا للاتفاق السياسي الليبي.

 

وأنهى الاتفاق السياسي الموقع في 17 كانون الأول/ ديسمبر 2015، بمدينة الصخيرات المغربية، خلافا سياسيا عسكريا في البلاد، حيث تقاسم مجلس النواب ومجلس الدولة الذي حل محل المؤتمر الوطني العام، السلطة التشريعية في ليبيا.

 

وفي السادس من تشرين الثاني/ نوفمبر2014، قضت المحكمة الدستورية العليا ومقرها العاصمة طرابلس، بحل البرلمان الليبي المنبثق من انتخابات 25 حزيران/ يونيو من العام ذاته.

 

وبعد أن كانت مغلقة منذ عام 2016، فقد عادت الدائرة الدستورية الموجودة في طرابلس إلى العمل في 18 آب/ أغسطس الماضي، بقرار من الجمعية العمومية للمحكمة العليا، بعد مطالبة بتفعيلها للفصل في خلافات على قوانين وتعديلات دستورية قادت البلاد إلى أزمة سياسية حول شرعية مؤسسات البلاد وقراراتها.