قضايا وآراء

قطر 2022.. بلسان عربي مبين

1300x600
بالأفعال لا بالكلمات، وبالإنجازات لا بالأمنيات، وبتحويل الأحلام إلى واقع وحقائق، قطر تتحدث عن نفسها.

قطر اليوم ليست قطر الأمس، وقطر غدا في مكان ومكانة صنعتها سواعد أبنائها بإرادة لا تلين.

قطر دولة العرب، والعالم كله الآن في قطر، بل إن قطر هي الآن وجه العالم ووجهته.

الشرق والغرب، والشمال والجنوب، وأعراق وجنسيات مختلفة، على أرض قطر يتواجدون، وعيون العالم أجمع معلقة عبر الشاشات تشاهد وتسمع.

هذه دوحة العالم التي غيرت المفاهيم، وكسرت الاحتكارات، وأعلت الأخلاق، وترجمت معاني الإنسانية واقعا ينبض على وجوه الصغار والكبار، وفي مخيمات الشتات والمناطق المحرومة.

إن قطر اليوم باستضافة مونديال 2022 تعيد تعريف العالم بالمنطقة العربية، بعيون قطرية، ذلك العالم الذي لطالما صُدر إليه عمدا وزورا أن بلاد العرب أرض حروب ونزاعات، وليست سوى مخزن للبترول، وسوق استهلاكي لتصريف منتجات الغرب.

ضربة بداية ذات رمزية ودلالة

كانت ضربة بداية مونديال 2022 من خيمة عربية أصيلة -استاد ملعب البيت، الذي يجسد شكل الخيمة البدوية- تحمل عبق التاريخ، وأصالة الماضي، وحداثة الحاضر والمستقبل.

لم تكن ضربة بداية مونديال قطر، من ملعب البيت -فائق الحداثة- المستوحى تصميمه من بيت الشَعر البدوي مجرد ضربة بداية عادية؛ بل كانت ذات دلالة ورمزية، وإعلانا ببداية عهد جديد للمنطقة العربية، التي رسخ الإعلام الغربي والصهيوني صورة ذهنية نمطية عنها في عيون الغربيين، بأنها بلاد الخيام والجمال والصحاري القاحلة.

بلسان كل العرب

بلسان كل العرب كانت كلمة الأمير تميم بن حمد بن خليفة آل ثاني، أمير قطر.

لقد تجاوزت معاني كلمة "الأمير تميم بن حمد، حدود المكان والزمان، والجنسيات، والأعراق، حين قال: "بذلنا الجهد واستثمرنا في الخير للإنسانية جمعاء". ولم تكن هذه مجرد كلمات، ولكن سبقتها الأفعال على أرض الواقع، التي تنطلق من الإسلام والعروبة، ورصيد قطر في الخير وأياديها البيضاء شاهدة على ذلك في أرجاء كثيرة من العالم.

قطر تحقق سبقا وسابقة

لقد حققت قطر سبقا وسابقة؛ فهي أول دولة عربية وإسلامية تنظم كأس العالم، كما سبقت دول العالم في حداثة التنظيم وروعته.

لقد أصبحت قطر في سابقة تاريخية -بلا منازع- قائدة التغيير الإيجابي في العالم العربي والمنطقة، بعد أن حملت على عاتقها ما لم يستطع غيرها أن يتحمله.

وها هي التظاهرة الرياضية العالمية الأهم قد انطلقت، والكل وقف منبهرا من روعة التنظيم في دوحة الجميع في قطر.

لقد تجاوزت قطر تلك الحملة الممنهجة الشرسة التي تعرضت لها قبل الافتتاح، وأعلنت أنها حامية لدينها وتقاليدها، ولن تتنازل عن مبادئها، وقدمت للغرب –الذي اعتاد لأجل عيونه أن يتنازل له كثيرون- درسا في التمسك بالقيم والثوابت.

وليس هذا فحسب، بل حملت قطر على عاتقها تعريف العالم بتعاليم الإسلام السمحة، وبذلت في ذلك المال والجهد، مستثمرة وجود مئات الألوف من الزوار في الدوحة، ومئات الملايين من شعوب العالم حول الشاشات.

نجاح للعرب

نجاح قطر في تنظيم أكبر فاعلية رياضية كونية لم يكن لها وحدها، ولكنه كان نجاحا للعرب، تجاوز حدود الربح المادي، إلى أرباح أخرى لا تقدر بثمن، تلمسها في عيون كثيرين ممن أدخلت قطر عليهم الفرح والسرور في بلاد العرب، وفي مناطق العالم المختلفة.

لقد راهن كثيرون في الغرب وغيره على أن قطر ستفشل في آخر لحظة، ولكن قطر بقيادتها الشابة وخبرة الأجيال أبهرت الجميع، وكسرت تابوهات واحتكارات غربية لم يستطع كسرها كثيرون من قبل، ونظمت أكبر فاعلية عالمية، لتصبح الدولة الثامنة عشرة التي تنظم كأس العالم.

وعندما تنظم قطر فاعلية مثل كأس العالم، فهذا يعني أنها الأقدر لتنظيم غيرها من الفاعليات والأحداث على أصعدة ومستويات مختلفة.

لقد أزالت قطر فارقا صنعه الغرب على مدار عقود بينه وبين المنطقة العربية، وأزالت حالة الاستعلاء والاحتكار الغربي التي أراد الغرب تكريسها.

ختاما

إن نجاح قطر في تنظيم مونديال 2022 حمل بعدا هاما بتوجيه أنظار العالم نحو إيجابيات المنطقة العربية، وقدرة شعوبها على المساهمة الفاعلة في صنع الحضارة الإنسانية.

ولقد أكدت استضافة قطر لكأس العالم 2022 والإبهار الذي أحدثته الافتتاح أن الخليج الآن هو مركز الثقل في المنطقة العربية.

أشعر بالنجاح، فنجاح قطر في تنظيم مثل هذا الحدث العالمي بهذا الشكل الفائق الروعة، مثّل نجاحا على المستوى الشخصي، كعربي ومسلم يعتز بإسلامه ويفتخر بعروبته.

يا للروعة، فقطر بافتتاح المونديال تحدثت بلسان عربي مبين، ليس عن نفسها فحسب، ولكنها خاطبت العالم بلسان العرب والمسلمين، بل بلسان الإنسانية جمعاء.

حمى الله قطر وشعبها وسائر العرب والمسلمين.