صحافة تركية

تركيا تنجح بتشكيل أرضية مفاوضات روسية أمريكية.. هل تتواصل؟

أردوغان قال إن اللقاء بين مديري المخابرات بهدف منع نشوب حرب نووية- جيتي

نجحت تركيا بالجمع بين الولايات المتحدة وروسيا على طاولة مفاوضات جديدة لأول مرة منذ بدء الحرب الروسية على أوكرانيا، في نجاح دبلوماسي جديد لأنقرة يضاف إلى "ممر الحبوب" و"تبادل الأسرى".

واستضافت المخابرات التركية، اجتماعا غير معلن في العاصمة أنقرة، بين مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي آي إيه)، ويليام بيرنز، ونظيره في الاستخبارات الروسية، سيرجي ناريشكين.

وقالت الكاتبة هاندا فرات، في تقرير على صحيفة "حرييت"، أضافت تركيا خطوة مهمة للغاية، وربما تكون الأكثر أهمية على الإطلاق لمواقفها المهمة من "ممر الحبوب" و"تبادل الأسرى"، وموقعها كدولة وحيدة قادرة على التواصل مع الجانبين، من خلال دبلوماسية الباب الخلفي والجمع بين مديري المخابرات في الولايات المتحدة وروسيا في مبنى المخابرات التركية مؤخرا.

وأشارت إلى أن هذا أول اجتماع رفيع المستوى بين الأطراف الحقيقية للحرب المتواصلة منذ ثمانية أشهر.

 

كيف تشكلت أرضية المفاوضات؟

ونوهت إلى أن أنقرة هي التي بادرت بالعرض على واشنطن بعقد للحوار مع موسكو، موضحة أن المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالن، اقترح على مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان، خلال زيارته الأخيرة لتركيا "التفاوض مع روسيا".

ونقلت الكاتبة عن مصدر، أن موقف روسيا من المفاوضات مع الغرب ولا سيما مع الولايات المتحدة، قد تشكل من خلال حديث بوتين "أن روسيا لم تعد تلك القديمة"، وانزعاجه من أن الغرب بسبب "الخداع في حديقتها الخلفية"، وأن لديه رغبة في عقد مفاوضات مع الغرب.

 

اقرأ أيضا: أردوغان: نسعى لتمديد اتفاق نقل الحبوب سنة واحدة

وبناء على سؤال واشنطن حول الطرف الذي ستجري المباحثات معه من روسيا، برز البحث عن الشخصية التي سيجري الحديث معها. وبعد رد أنقرة على أنه هناك من يمكن الحديث معه، غادر سوليفان تركيا قائلا: "ستكون هذه وظيفتي"؛ في إشارة لإقناع الرئيس الأمريكي جو بايدن بعقد مثل هذا اللقاء.

بينما تتجه إدارة بايدن إلى انتخابات التجديد النصفي في الولايات المتحدة، فإنها حافظت على موقفها الصارم تجاه روسيا بشكل علني، ولكنها في ذات الوقت بدأت بعض عمليات بحث في الخلفية.

 

وأوضحت أن الغرب لاسيما الولايات المتحدة كانت تطمح بهزيمة روسيا على أرض الميدان، وبناء على ذلك يمكن عقد مفاوضات معها، ولكن رغم هزيمتها الميدانية، أبدت روسيا موقفا مرنا وقادرا على الصمود، وبذلك فشل الطرح الغربي.

 

وعلى الرغم من كل العقوبات المفروضة عليها، فإن الاقتصاد الروسي الذي يحمل ورقة الطاقة، لم ينهر كما أراد الغرب، ومن حرب هجينة، وإمكانية استخدام الأسلحة النووية ونشوب حرب عالمية ثالثة، أصبح حديث الرأي العام العالمي، وانقسمت أوروبا إلى قسمين؛ الأول موقف محافظ على الحرب، لاسيما من دول البلطيق المتاخمة لروسيا لاسيما بولندا، والآخر يبحث عن مواجهة المشاكل الاقتصادية التي تعيشها مع ردود فعل شعبية، لاسيما في ألمانيا وفرنسا وإيطاليا.

 

وأشارت الكاتبة إلى أن تركيا أصبحت الدولة الوحيدة القادرة على التواصل بين الجانبين الروسي والغربي.

 

وأضافت أن مغادرة سوليفان لتركيا بقوله "هذه وظيفتي"، والعمل على القضية، فإن نظرة روسيا بذلك للمحادثات عبر الدبلوماسية التركية، نتائج إيجابية.

 

وبعد اتصالات مكثفة قادها رئيس المخابرات التركية هاكان فيدان، كانت النتيجة عقد اللقاء بين مديري المخابرات الروسية والأمريكية، بضيافة المخابرات التركية في أنقرة.

 

ويعد هذا الاجتماع هو الأول والأكثر أهمية بين القوتين العظميين بعد ثمانية أشهر من الحرب، وأشارت الكاتبة إلى أن أنقرة تقوم بترتيب اللقاء بين الجانبين واستضافته، وهي خطوة لا تقل أهمية عن إنجازات تركيا في "تبادل الأسرى" و"ممر الحبوب".

 

وأكدت أن الهدف الرئيسي من اللقاء، هو تشكيل طاولة مفاوضات بين البلدين، وخلق أرضية للتباحث.

 

المخاطر المحتملة والجهات الفاعلة في العملية

 

ووفقا لأنقرة، تم التوصل لأرضية محادثات مع اجتماع رؤساء مخابرات البلدين، ولكن الأهم، هو الحفاظ عليها وتوسيعها.

 

وقالت الكاتبة؛ إنه جرى تفسير الاجتماع التاريخي على أنه الخطوة الأولى على أرض الواقع، ولكن الهدف الرئيسي تشكيل طاولة مفاوضات، ومع ذلك "ما هي القضايا وكيفية التفاوض؟ تعد القضية الأهم".

 

اقرأ أيضا: باحث أمريكي: هكذا ساهمت حرب أوكرانيا في تعزيز طموحات أردوغان
 

وكشفت أن الاجتماعات على مستوى رؤساء المخابرات بين البلدين ستتواصل، كما أن اللقاء الذي سيكون بالخلفية من سوليفان ستكتسب زخما.

 

وتابعت بأن الأسماء البارزة عن الجانب الروسي أمين مجلس الأمن الروسي نيكولاي باتروشيف وهو يعد نظير سوليفان، بالإضافة إلى مساعد الرئيس الروسي للسياسية الخارجية يوري أوشاكوف.

 

وأشارت إلى أن أوشاكوف الشخصية الذي سيبرز اسمه في الفترة المقبلة، وهو الشخص الذي عانق إبراهيم كالن على الطراز التركي، وسط دهشة بوتين أمام الكاميرات مؤخرا.

 

ولم تستبعد الكاتبة التركية، إمكانية عقد لقاء بين وزيري الدفاع الأمريكي والروسي في مرحلة مقبلة من مسار العملية.

 

واستدركت أن هناك مخاطر تحيط طاولة المفاوضات بين الولايات المتحدة وروسيا، مشيرة إلى أن بنود طاولة المفاوضات والوصول لنتائج فورية والقضايا التي تستغرق وقتا إحدى هذه المخاطر.

 

وترى أنقرة أن أوكرانيا قد تخوض هجمات كر وفر، وأن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لن يكون قادرا على منع بعض الجماعات من شن هجمات، مما تهدد استمرارية طاولة المفاوضات الأمريكية الروسية.

 

ورأت أن المهم أن تتشكل طاولة المفاوضات، ولا تنهار وتستمر حتى لو استغرق الأمر وقتا.

 

وأكدت أن الأرضية تتشكل، وقد تحدث الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن عقد اللقاء بين مديري المخابرات؛ بهدف منع نشوب حرب نووية، بالإضافة لقضايا حاسمة أخرى.

 

وشددت على أن أوروبا والولايات المتحدة وروسيا تدرك الدور الحاسم الذي تؤديه تركيا في تشكيل طاولة المفاوضات.

 

تغير موقف بايدن وقادة أوروبا تجاه تركيا

 

ولفتت إلى أن المزاج الأوروبي تجاه تركيا قد تغير مؤخرا بسبب موقفها من الحرب، وكانت اللقاءات التي عقدها أردوغان مع قادة أوروبا في مجموعة العشرين رائعة وإيجابية، وانعكس ذلك في تصريحات القادة الغربيين بشأن تركيا.

 

كما عقد الرئيس الأمريكي بايدن لقاء مع أردوغان وكان اجتماعا إيجابيا رغم أنه كان قصير، ولم يستحضر الرئيس التركي القضايا الشائكة بين البلدين، وتعمد بذلك بسبب مواقف بايدن.

 

وبدأ بايدن حديثه بالتعازي بسبب الهجوم الذي وقع في تقسيم، وأبلغ أردوغان أنه "بدونه، لم يكن هناك ممر للحبوب، سنواصل العمل معا لتمديد عمله".

 

وأكد بايدن دعمه لإنجاز صفقة شراء تركيا لمقاتلات "أف16" الأمريكية، مذكرا في الوقت ذاته أن قضية عضوية السويد وفنلندا للناتو، يجب أن تحل بطريقة تلبي مخاوف تركيا الأمنية.