قضايا وآراء

ذاكرة القدس الزمكانية في الميتافيرس

1300x600

تحمّل الميتافيرس الدولية، في الوقت الراهن، الدول العربية والإسلامية أعباء ومخاطر جسيمة غير مسبوقة، مرتبطة بالتهديدات السيبرانية وانعدام الخصوصية وحرب الهوية.

فالدول المهيمنة على أسرار هذه التقنيات أصبح لها الذراع الأطول والقدرة الكاسحة على التأثير الوجداني، السلوكي والمعرفي لمئات الملايين من المستخدمين في كل بقاع الأرض، خاصة الشباب العربي، بما يجعلهم مباحين وعرضة لتشكيل اتجاهاتهم وميولهم ومواقفهم.

ومن المسلّم به أن الميتافيرس الدولية، التي تمتلكها المشروعات المناهضة لعروبة القدس، هي الشيطان الأكبر في معضلة الحفاظ على عروبة القدس وهويتها من التزوير والتهويد، لهذا وذاك كانت ضرورة هذه المنصة الافتراضية العربية الإسلامية "ذاكرة القدس الزمكانية في الميتافيرس".

وتعتني المنصة في الأساس بتطوير بيئة افتراضية، ثلاثية الأبعاد، توثيقية للتراث لكل بقعة في مدينة القدس. ومن خلال مكون المستودع المعرفي متعدد اللغات الخاص بمعارف وشواهد القدس (ويكي القدس ثلاثي الأبعاد)، تقوم المنصة بتوثيق جميع المعارف المتعلقة بهذه البقاع، عمارتها، شواهدها، آثارها، أحداثها وشخصياتها التاريخية.. الخ.

أما مكون التجوال الزماني المكاني (الزمكاني)، فمن خلاله يستطيع المستخدم وهو جالس في بيته (ومن خلال أفاتار ثلاثي الأبعاد يقوم بتصميمه بسهولة ويمثله في البيئة الافتراضية)، السفر والتجول عبر الزمن بحرية داخل كل بقاع القدس ومعالمها وشوارعها وأزقتها وشواهدها، في تجربة تكاد تكون محاكية للواقع.

ومن خلال مكون الفاعليات، يمكن استضافة العلماء والباحثين المختصين في فعاليات ومؤتمرات ومنتديات في مدينة القدس الافتراضية، بكنائسها ومساجدها، وشواهدها التي تمكن ملايين الشباب عبر العالم من حضورها.

لقد اعتنت هذه المنصة أيضا بالترفيه وجذب الشباب من خلال إتاحتها الألعاب الترفيهية عالية التقنية والممتعة، بغرض ربط الشباب وجدانيا بقضية القدس ونصرته، حيث الألعاب الحماسية والتي تمكن الشباب من معايشة الأماكن داخل القدس وتجسيدها.

وتعد هذه المنصة هي المنصة الافتراضية الأولى على الميتافيرس، من حيث قدرتها على التوثيق الزمكاني للقدس، ودعم التشبيك والتعاون من أجل عروبة القدس والحفاظ على هويتها.

هذه المنصة، التي تتبنى الرواية الحقيقية لتوثيق ذاكرة القدس وعروبتها، منوط بها أن تشارك بدور فاعل في التأثير الإيجابي للحفاظ على ذاكرة القدس (ذاكرة الأمة) من الغزو الفكري والحروب الحضارية القائمة.

فالمنصة قائمة على العديد من براءات الاختراع، ويقوم عليها فريق علماء وباحثين عرب ومسلمين يعملون في أفضل الجامعات والمراكز البحثية والشركات الدولية المتخصصة، وكذلك تمتلك المنصة أحدث ما وصلت إليه علوم الميتافيرس والذكاء الاصطناعي من منهجيات وأدوات.

ولقد كانت لهذه المنصة، منذ كونها فكرة، قصة تحكي ألما نعيشه، ممثلا في عدم الوضوح في الأولويات لصانعي السياسات ومتخذي القرار في المؤسسات والوزارات المعنية بالتوثيق التراثي والحفاظ على هوية القدس. فبالرغم من أهمية المشروع القومية الكبيرة، إلا أنه لم يتلق أي دعم معنوي أو مادي، أو حتى مجرد التبني الذي يليق به حتى الآن من أي مؤسسة أو وزارة إسلامية أو عربية مختصة، رغم طرح المشروع على العديد من الوزارات والمؤسسات والهيئات والأوقاف المعنية.

وما زاد الطين بلة، قيام بعض المواقع الإلكترونية لمؤسسات مسؤولة في دول بعينها، بنشر المشروع على صفحاتها الإلكترونية مبتور الأهداف والغايات ودون احترام للملكية الفكرية، على اعتبار أنه من بنات أفكارها، رغم علمها بوجود توثيق الحقوق والملكية الفكرية للمنصة كاملة.

لقد قام مجموعة من العلماء والباحثين القائمين على المشروع بتطوير براءات الاختراع، والمنهجيات والأدوات الخاصة به عبر هذه السنوات لتتوافق مع التقدم الهائل الذي أحدثته تقنيات وأدوات الميتافيرس. ولقد أصبح الآن بمقدور هذه المنصة نقل عملية التوثيق الزماني المكاني الحضاري والتاريخي والثقافي لمدينة القدس وكل بقاعها؛ من الأنماط التقليدية إلى التوثيق باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي والميتافيرس من خلال تطبيقات ثلاثية الأبعاد افتراضية.

ولكن يبقى السؤال: متى تتحرك المؤسسات والهيئات والوزارات المعنية بدورها في التبني والدعم لاستكمال وحماية المنصة وعلمائها من الهجوم المتوقع عند انطلاقها؟