ملفات وتقارير

عراقيون يحشدون لإحياء ذكرى "تشرين" الرابعة.. كيف ستكون؟

إحياء الذكرى تزامنت مع دعوات للنزول إلى الشوارع واقتحام المنطقة الخضراء بهدف تجديد مطالب المتظاهرين- عربي21

على قدم وساق يحشّد ناشطون عراقيون للخروج بمظاهرات عارمة في الذكرى الرابعة لحراك تشرين التي شهدها البلد في خريف عام 2019، وذلك بالنزول إلى الشارع في الأول من الشهر المقبل لتجديد مطالب الحراك بإسقاط النظام الحالي ومحاسبة قتلة الناشطين.


واجتاحت العاصمة العراقية بغداد، الأحد، منشورات تدعو "العراقيين الأحرار الشرفاء" إلى النزول للشارع في الأول من أكتوبر/ تشرين المقبل، مشيرة إلى احتمالية اقتحام الخضراء وسط بغداد، وذلك بعبارة تضمنها تنص على أن "للشعب كلمة داخل المنطقة الخضراء".


لكن هذه الدعوات شهدت خلافات حادة بين قادة وناشطي الحراك، ففيما يحشد البعض للخروج بمظاهرات تُحيي تشرين، يرفض آخرون الخروج في هذا التوقيت خشية دخول التيار الصدري تحت عباءتها ويحصر مطالبها ضمن خلافه مع الإطار التنسيقي على تشكيل الحكومة.


"دوافع ثأرية"


وبخصوص التوقعات حيال زخم المظاهرات المرتقبة في العراق، قال المحلل السياسي العراقي، فلاح المشعل لـ"عربي21" إن "حراك تشرين المقبل سيشهد زخما كبيرا جدا، ليس في العاصمة بغداد وحدها، وإنما في باقي المحافظات أيضا، حسبما يحشّد لذلك الناشطين حاليا".


وأوضح المشعل أن "حراك تشرين موضوع مجتمعي واسع، ولا يرتبط بحزب أو فئة معينة وتوجه محدد، وإنما أصبحت عنوانا لمطالب العراقيين جميعا بالتغيير والتخلص من الفساد المتراكم منذ 20 عاما، لذلك فإن تشرين تحتوي على عناوين ومنطلقات عديدة جدا".

 

اقرأ أيضا: "الإطار" الشيعي يوافق على انتخابات مبكرة.. وترقب لرد الصدر

ولفت إلى أن "ما حصل في الشهر الماضي من اقتحام التيار الصدري وأنصاره للمنطقة الخضراء قد مهد كثيرا لبلورة مفاهيم التغيير والاحتجاج، إذ يبحث البعض من الناشطين في إعادة الدخول للمنطقة الخضراء، لكن آخرين يدعون إلى فيض بشري يزحف ويعلن الاعتصام".


وتابع: "لكن حتى الآن لم تتبلور قيادات واضحة ومحددات لحراك تشرين ومشروعه، فربما يستثمر التيار الصدري هذه الأجواء كونه يمتلك طاقة احتجاجية وجمهورا واسعا، وإن مساهمته تُنجح أي مبادرة مجتمعية لمشروع التغيير، إضافة إلى أنه يمتلك غطاءً مسلحا قويا يمنع من وقوع أي قمع، كما حصل عام 2019".


وتوقع المشعل اكتساب مظاهرات تشرين المرتقبة زخما كبيرا، لأن حراك السابق عام 2019 لم يؤت أكله رغم التضحيات الجسام التي قدمها، لذلك فإن هناك ردة فعل ثأرية للدماء التي سالت، والخديعة التي تعرض لها المجتمع بأن تأتي حكومة تلبي المطالب، وغيرها من الوعود الكاذبة".


وأردف: "اليوم يدرك الشعب العراقي أن مشروع المحاصصة لم تتنازل عنه الأحزاب الفاعلة وخصوصا صاحبة الأذرع المسلحة، وأن مشروع استثمار العراق تجاريا كحاضنة لمافيات المال والجريمة أصبح واقعا ظاهرا، إضافة إلى أن الحديث عن الفساد أصبح مكررا وغير مجدٍ".


"إنهاء النظام"


من جهته، أكد المحلل السياسي العراقي غانم العابد لـ"عربي21" أن "هناك تحشيدا وتحضيرا قويا للنزول مجددا إلى الشارع في ذكرى حراك تشرين الرابعة، لكن هل ستنزل (حشود) تشرين يوما واحدا أم إنها ستستمر؟".


وأوضح العابد أن "هذا يعتمد على النزول في يوم تشرين نفسه، فإذا كانت هناك أعداد كبيرة من العراقيين تلتحق وتحيي الذكرى، فأعتقد أنها ستستمر وتعقّد المشهد السياسي بشكل أكبر، ولا أبالغ إذ أقول إنها ستنهي النظام السياسي الحالي برمّته".


ولفت إلى أن "بعض الأصوات السياسية المعترضة على النزول في ذكرى تشرين، ليس لها تأثير كبير في الشارع، وبالإمكان وصفهم بأنهم راكبي أمواج، فالكل يدّعي أن له علاقة بتشرين وأنه من قياداتها، لكن القيادات الحقيقية هي التي واجهت الرصاص الحي والقنابل الدخانية التي قتلت 800 شخص وأصابت أكثر من 30 ألفا جرحى عام 2019".


وأشار إلى أن "هناك بعض العوامل التي قد تساعد على إمداد حراك تشرين بدفعات معنوية كبيرة، فمثلا تقرير الممثلة الأممية في العراق جنين بلاسخارت الذي ستقدمه خلال أيام إلى الأمم المتحدة عن الوضع السياسي في البلد، خاصة إذا كان يصب ضد العملية السياسية".


ونوه العابد إلى "وجود تلاق في توجهات الناشط التشريني والصدري، رغم أن الأخير كانت له اعتداءات سابقة على المتظاهرين، لهذا فلا أعتقد أن يرضى بأن يكونوا تحت لواء الصدريين، لكن إذا نزل التيار بصورة مدنية ضمن حراك تشرين فمن الصعب التمييز بينهم مثلما يصعب منع أي أحد من المشاركة في الاحتجاجات".


تدابير أمنية


وعلى الصعيد ذاته، فإن العاصمة العراقية تشهد منذ أسبوع تدابير أمنية متواصلة واختبارات للانتشار والسيطرة تجريها القوات الأمنية في جانبي الكرخ والرصافة من بغداد، إضافة إلى تطويق المنطقة الخضراء بأسوار من الكتل الخرسانية تحسبا للاحتجاجات المرتقبة.

 

اقرأ أيضا: هل تخلى حلفاء الصدر عنه بعد تأييدهم تشكيل حكومة بالعراق؟

وفي هذا الصدد، قال المشعل إنه "حت الآن لم ينضج شيء عن القوى السياسية نحو تشكيل الحكومة ولا يزال الانسداد قائما والتفاهمات يكتنفها الغموض، لهذا أعتقد أن القوات الأمنية التي تمارس فعاليات الانتشار والسيطرة في بغداد متوجسة من غياب الحل السياسي".


من جهته، رأى العابد أن "الإجراءات الأمنية سجلت فشلها في الوقت القريب، خصوصا بعد اقتحام التيار الصدري للمنطقة الخضراء في 29 آب/ أغسطس الماضي، والذي لم نرَ أي موقف من وزارتي الدفاع والداخلية يمنع الاقتتال الذي حصل واستخدمت فيه الأسلحة الخفيفة والمتوسطة".


أما عن ردّة فعل الإطار التنسيقي حيال المظاهرات المرتقبة، فرأى العابد أنه "لم يعد حاله كما كان عليه عام 2019، فهو أضعف حاليا من أن يمنع خروج الحراك الشعبي، لكن هذا لا يمنع من قيامه بعمليات اختطاف واغتيال وإحداث الفوضى بين المتظاهرين عبر افتعال بعض التفجيرات".


وكان الأمين العام لحركة "نازل آخذ حقي" مشرق الفريجي كشف خلال تصريحات لمواقع محلية عراقية، عن تحضيرات لإعادة إحياء مظاهرات تشرين، والاستمرار برفع المطالب الجماهيرية من بينها محاسبة قتلة المتظاهرين وحل البرلمان والدعوة إلى انتخابات مبكرة.