ملفات وتقارير

نزاع داخلي متصاعد بحركة "فتح" على خلافة عباس.. إلى أين؟

الخلافات تعصف بحركة فتح وهناك خشية من الانقسامات بسبب الحرب على خلافة عباس- عربي21

تشي العديد من الحوادث، إلى تفاقم الصراع والخلافات داخل حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" لخلافة رئيس السلطة محمود عباس البالغ من العمر 87 عاما ويعاني من وضع صحي غير مستقر. 
 
ووصل الخلاف إلى قيام مسلحين مجهولين باختطاف رياض حسان، وهو مدير مكتب عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" ورئيس جهاز المخابرات السابق اللواء توفيق الطيراوي، وهو أحد الشخصيات المرشحة لخلافة رئيس السلطة في منصبه، بحسب مصادر بوقت سابق لـ"عربي21".

 

اقرأ أيضا: اختطاف مدير مكتب "الطيراوي" وسط صراع على خلافة عباس
 
وسبق كذلك أن كشفت صحيفة "الأخبار" اللبنانية عن "مخطط" يقوده أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية المعين حديثا حسين الشيخ، لإزاحة القيادي الطيراوي، حيث يعتبر أيضا الشيخ أحد أبرز المرشحين لوراثة عباس. 
 
"شخصنة الخلافات" 


وفي إطار الصراع على خلافة عباس ومحاولة إزاحة الطيراوي عن المشهد السياسي وتجريده من نقاط قوته، قرر رئيس السلطة عباس عزل الطيراوي من منصبه رئيسا لأمناء "جامعة الاستقلال الأمنية" في أريحا، على خلفية تقرير رُفع إليه يتحدث عن "تجاوزات مهنية ومالية وتعيينات بموجب محسوبيات" لمقربين من الطيراوي.

 

وكان ذلك أيضا بسبب ما نشر له من تسجيل مسرب يهاجم فيه أعضاء اللجنة المركزية؛ محمود العالول وجبريل الرجوب وأيضا الشيخ. 
 
وللوقف على خطورة هذه الخلافات المحتدمة بين الشيخ والطيراوي، أكد قيادي بارز في حركة "فتح"، فضل عدم ذكر اسمه لحساسية وضعه، أن "هذا موضوع داخلي؛ حساس ومتشابك، ونحن غير مرتاحين لأي خلاف قد ينشأ بين قياديين في الحركة (فتح)". 
 
وأكد في تصريح خاص لـ"عربي21"، أن "أي خلاف ينعكس بالسلب على أوضاع الحركة والأوضاع الفلسطينية بصورة عامة، ونحن نرفض شخصنة هذه الخلافات من أجل أن تلقي ظلا على الوضع الفلسطيني". 
 
وشدد القيادي، على ضرورة أن "تتحمل اللجنة المركزية مسؤولياتها، وأن تحاول إنهاء هذا الخلاف"، مؤكدا أن "هذا الخلاف أو الاختلاف، له ذيول، وهذه الذيول تنعكس على الحركة، باعتبار أن هذا الخلاف يتركز بين شخصين في أعلى المستويات القيادية، أو يسمى عندنا بالخلية الأولى". 

 

اقرأ أيضا: 7 مرشحين لخلافة عباس.. بعضهم تربطه علاقة بتل أبيب وواشنطن
 
وفي قراءته لتداعيات وتأثير تلك النزاعات المتصاعدة داخل "فتح" وخاصة بين الشيخ والطيراوي، أوضح المختص في الشأن الفلسطيني والإسرائيلي، مأمون أبو عامر، أن "الخلاف بين الشيخ والطيراوي، ناتج عن الشعور بوجود فراغ قيادي في السلطة، والكل يحضر ويجهز نفسه لمعركة الخلافة ما بعد عباس". 
 
وأضاف في حديثه لـ"عربي21": "في الأنظمة الأحادية؛ القائد هو من يملأ الفراغ، وعندما يغيب يظهر فراغ كبير، وبالتالي فإن الأقطاب تبدأ في تحضير نفسها لمعركة الحسم القادمة، وهذا يفسر ما يجري من خلافات". 
 
توظيف السلطة والتنظيم 


وذكر أبو عامر، أن "الشيخ يستخدم ما لديه من أدوات إدارية تحت سلطته ونفوذه داخل السلطة، من أجل السيطرة على أكبر قدر ممكن من المواقع قبل أن تبدأ معركة الخلافة، أما الطيراوي فيسعى لتوظيف القوى الشعبية متمثلا ذلك في تنظيم فتح". 
 
وأضاف: "يمكن الإشارة هنا إلى عضو اللجنة المركزية جبريل الرجوب، الذي هو أقل حدة في الصراع الدائر، لكنه يرى نفسة وريثا محتملا لعباس، ويمكنه فيما بعد توظيف الصراع المناطقي في هذا الأمر، وخاصة في منطقة الخليل التي تتصرف بضغوط مناطقية، في حين أن الشيخ والطيراوي في منطقة واحدة". 
 
ونوه المختص، إلى أن "الصراع داخل فتح يجري باستخدام أدوات الإدارة التابعة والقوى الشعبية، وربما تكون الحالة التنظيمية العسكرية هي جزء من هذا الصراع". 

 

"خلافات طبيعية"


من جانبه، ذكر رئيس مركز القدس للدراسات المستقبلية التابع لجامعة القدس، أحمد عوض، أن "الخلافات داخل فتح، هي خلافات تشهدها كل حركة وطنية في لحظة ما، وهذه خلافات طبيعة، لأن أي حركة وطنية تواجه أوضاعا سياسية وأمنية كبيرة ومخاطر شديدة أيضا، ومطلوب منها الرد على هذه التحديات وسيكون هناك تباين شديد في وجهات النظر". 
 
ونبّه في حديثه لـ"عربي21"، أن "فتح دخلت في اتفاق سياسي دولي، وأصبح لديها استحقاقات وعليها واجبات، وهذا الاتفاق لم يؤد إلى نتائج ولا دولة فلسطينية، لذلك فإن فتح تشهد تباينات في وجهات النظر واجتهادات ورؤى مختلفة، كما أنها تواجه ضغوطات".

 

وقال: "لذلك فإن الخلاف داخل فتح، يأتي على خلفية انسداد الأفق السياسي والضغط الدولي والاختلاف في وجهات النظر". 
 
وأوضح عوض، أن "حركة النضال الوطني على مفترق طرق؛ بمعنى، أن هناك رغبة في تجديد منظمة التحرير الفلسطينية، انقسام، أفق مغلق مع الاحتلال وتغول من إسرائيل ومحاولات إسقاط فكرة الدولة الفلسطينية، وإهمال قضيتنا من الإقليم والعالم"، منوها إلى أن "هناك من يفكر داخل فتح أيضا في المستقبل (ما بعد عباس)، وهذا خلاف طبيعي داخل فتح، يأتي نتيجة هذا التأزم الشديد". 
 
وعن ظهور تلك الخلافات بشدة، بالتزامن مع الحديث عن خلافة عباس الذي يعاني من تردي وضعه الصحي نتيجة تقدمه في السن، قال: "الخلافات داخل فتح تأتي على خلفية الأزمة الوجودية والفكرية والبنيوية لحركة فتح، وأيضا على خلفية الخلافة وقيادة الحركة، وكيف سيتم إعادة هيكلتها". 
 
وقدر رئيس مركز القدس، أن "الخلاف داخل فتح يجري في القمة"، مستبعدا أن "ينتقل تأثير هذا إلى الشارع الفلسطيني، لأنه في حال انتقل إلى الشارع، فهو دمار لكل شيء وتدمير لتاريخ فتح"، على حد قوله.