ملفات وتقارير

قوى سنية عراقية لـ"عربي21": نتجهز لمشروع سياسي جديد

تأتي هذه الخطوة في ظل الانسداد السياسي جراء تأخر تشكيل الحكومة منذ عشرة أشهر- جيتي

عقدت قوى وشخصيات سياسية وعشائرية من محافظة الأنبار "اجتماعا تشاوريا"، تمهيدا لإعلان مشروع سياسي سني جديد في البلد، وفقا لما أكده القائمون على الاجتماع لـ"عربي21".

 

وتأتي هذه الخطوة على وقع الانسداد السياسي الحاصل في العراق جراء تأخر تشكيل الحكومة منذ عشرة أشهر.

ومن أبرز الحاضرين: جمال الكربولي زعيم حزب الحل، جمال الضاري رئيس المشروع الوطني، ونوري الدليمي القيادي في الحزب الإسلامي، وقاسم الفهداوي القيادي في تحالف العزم، ووزير التخطيط السابق سلمان الجميلي، ومحافظ الأنبار السابق صهيب الراوي، وآخرون.


عهد جديد

 
وعقب انعقاد الاجتماع، الأحد، أصدر المجتمعون بيانا طالبوا فيه "الأطراف السياسية، بمعالجة حقيقية للخلافات عبر الحوار لرسم خارطة طريق لاستكمال الاستحقاقات الدستورية والبدء بالإصلاحات، فضلا عن إنهاء الخطابات المتشنجة لمنع إثارة الشارع".

وحول الأوضاع في محافظة الأنبار، دعا البيان إلى "توحيد الجهود لإعادة الهيبة لمؤسسات الدولة كافة بعيدا عن المحسوبية التي أدت لاستشراء الفساد"، على حد قول المجتمعين.

من جهته، قال جمال الكربولي زعيم حزب الحل على "تويتر" إن "الاجتماع المهم عقدته نخب سياسية أنبارية وفية لمحافظتهم يحترمون تاريخهم وكلمتهم، وقد وضعنا الخطوط العامة لمشروع سياسي يحترم كرامة الإنسان ويمنع الاستغلال السياسي للمناصب العامة أو يكمم الأفواه أو يصادر الحريات"، مؤكدا أن هذا الاجتماع ينبئ بـ"عهد جديد".

وفي السياق، قال جمال الضاري رئيس المشروع الوطني، خلال مقابلة تلفزيونية إن "هناك عملا على إطلاق مشروع، وكان هناك لقاء تشاوري في الأنبار مهم جدا وأن مخرجاته وما سيصل إليه أهم من التحالف السياسي نفسه".

وأوضح الضاري: "تحدثنا قبل مدة حول ضرورة وجود رؤية تطرح من هذه المناطق (السنية) ثم بعد ذلك تكبر حتى تؤلف رأيا جماعيا لمحاورة الأطراف السياسية الأخرى حول أين يتجه البلد".

وأكد أن "اللقاء في الأنبار جاء بسبب الاحتقان الحاصل ونتيجة استعلاء طرف على الأطراف الأخرى واستحواذه على المال والمناصب، وأصبح يقسم ذلك على هواه، وكأن الأنبار أصبحت ضيعة لديه، وهذا هو الوضع أيضا في باقي المحافظات السنية".

وأكد الضاري أن "مؤسسات الدولة في الأنبار أصبحت تتحكم بها جهة واحدة فقط، فخلال المدة الماضية لا يستطيع أي شاب أن ينتقد الأوضاع في المحافظة عبر (الفيسبوك) وإذا فعل ذلك، فإنه يعتقل وكأننا رجعنا إلى زمن تكميم الأفواه والدكتاتوريات والتسلط على الناس".

ولفت إلى أن "اجتماعنا في الأنبار أعطى رسالة لأهلنا في المحافظة، أن الأمور لا يمكن أن تستمر بهذا الشكل"، مشيرا إلى أن "البداية كانت من الأنبار وفي النية يحصل تحرك على ديالى ونينوى وبغداد وصلاح الدين في المستقبل".

وتابع: "الحاجة كانت ملحة اليوم في الأنبار، وهناك المنطقة الغربية مهملة من المحافظة، ونخشى من تطور الأمور ووصول الشباب إلى حالة اليأس، وتطور ذلك إلى حصول حراك كما حصل في تشرين 2019، لذلك كان هناك اجتماع لهذه القوى والشخصيات السياسية".

 

اقرأ أيضا:  قضاء العراق يعلق عمله احتجاجا على اعتصام للصدريين أمام مقره

افتقار للرؤية


وبخصوص توقيت إعلان مثل هذا التحالف، وما يمكن أن يقدمه إلى المحافظات والمدن ذات الغالبية السنية أو التدخل لإنهاء حالة الانسداد السياسي في البلد، قال أستاذ العلوم السياسية في العراق، الدكتور معتز النجم لـ"عربي21" إن "المكون السني يفتقر إلى زعامات حقيقية تنظر إلى المكون ضمن المصلحة والفضاء الوطني".

وأضاف النجم أن "هذا التشتت في تشكيل التحالفات ولّد لدينا تساؤلات عن كيفية إيجاد تحالف سياسي وطني حقيقي يصب في صالح المكون"، لافتا إلى أن "هذه التحالفات المكوناتية رغم أن العملية الديمقراطية تصر عليها كحالة صحية وإيجابية، لكن أعتقد أنها في ظل الظروف الحالية، حالة سلبية على اعتبار أنها تشتت للقرار وخلق مصالح ذاتية لبعض الفئات".

وتابع: "الأمر الآخر هو عدم وجود اتفاق ورؤية ومشروع حقيقي يجمع هذه القوى في ظل الفوضى والأزمات الحالية في البلد، ونقص الخدمات الحاصل في المحافظات (السنية) التي انتهكها تنظيم الدولة".

ورأى النجم أن "هذه التحالفات قد تكون إيجابية في حال اجتمعت على طاولة حوار مستديرة تجمع الفرقاء أما إذا كان هناك تشتت في الآراء والأحزاب، فستكون سلبية وتؤثر سلبا على المكون الذي تنفس للتو الصعداء من أجل الحصول على حقوقه في ظل الفوضى السياسية الحالية".

ولفت الخبير العراقي إلى أن "المكون السني بحاجة إلى مشروع وطني جامع، بالتالي يكون جزءا من حل مشكلة الانسداد في البلد وليس جزءا منها، فإذا اتفق المكون السني بكل مكوناته السياسية وشخصياته في الداخل والخارج وهذا يتطلب إرادة ونكرانا للذات، فيكونون جزءا من الحل كما هو الحال في المكون الكردي، فهم على امتداد الوقت كانوا جزءا من الحل".

إنهاء للاستئثار

ومن جهته، قال الباحث في الشأن السياسي العراقي رائد المحمدي لـ"عربي21" إن "المشروع السياسي السني الجديد، هدفه الأساس التخلص من هيمنة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي وحزبه تقدم على مقدرات المحافظات السنية، والقرار السني في البلد".

وأبدى الباحث عدم تفاؤله باجتماع هذه القوى، بالقول: "دوما البدايات ليست كالنهايات، وأن واحدة من التحديات الحالية التي تواجه نجاح المشروع السياسي السني الجديد، هي أن جمال الكربولي الذي من المقرر أن يكون رئيسا للتجمع، يمكن أن يبيعه في أي لحظة، وذلك لتاريخه المليء بالتقلبات السياسية على أساس المصلحة والمنفعة الشخصية".

وتابع: "كذلك مثل هذه التجمعات السياسية يصعب السيطرة عليها وجمعها ضمن مشروع سياسي واحد منضبط، لأن الجميع يبحث عن زعامة أو إقصاء طرف دون آخر، لكن فائدتها هي في تحريك المياه الراكدة".

وأشار المحمدي إلى أن "الحلبوسي لن يبقى صامتا أو يقف مكتوف الأيدي حيال غرمائه السياسيين في محافظة الأنبار، فهو معروف بتلفيق الاتهامات وحياكة المؤامرات ضدهم والضغط على القضاء والأجهزة الأمنية لإصدار مذكرات اعتقال ومطاردتهم".

وتعتبر كل هذه القوى المجتمعة في الأنبار، مناوئة لتحالف "السيادة" (أكبر كتلة للسنة بالبرلمان) بقيادة السياسي خميس الخنجر ومحمد الحلبوسي رئيس البرلمان، وتتهم الأخير بأنه يسيطر على مقدرات الأنبار والقرار السياسي للمكون السني في العراق.