ملفات وتقارير

تحديات ومخاوف تدفع لاجئين سوريين في تركيا إلى الهجرة

أحاديث التوجه التركي للانفتاح على النظام السوري ولدت الكثير من المخاوف حول مستقبل اللاجئين في تركيا- أ ف ب

على نحو ملحوظ، تسجل محاولات الهجرة غير الشرعية من تركيا إلى أوروبا زيادة ملحوظة للعديد من الجنسيات، رغم أن الرحلات تكون محفوفة بالمخاطر بسبب إغلاق اليونان حدودها وجزرها أمام المهاجرين، وكذلك فعلت بلغاريا.


ومع يقينه بأن المحاولة قد تفشل فإن اللاجئ السوري نعسان (38 عاما) الذي فضل الاكتفاء بذكر اسمه الأول في حديثه لـ"عربي21"، يتهيأ لرحلة الهجرة، ويقول: "لم يعد الوضع المعيشي في تركيا مقبولاً بالنسبة لغالبية السوريين، لا اقتصاديا ولا قانونيا ولا مجتمعيا".

وينطبق حال نعسان على كثير من السوريين المتواجدين في تركيا، ويمكن تلمّس ذلك من خلال كثرة الإعلانات على وسائل التواصل الاجتماعي عن بيع الأثاث المنزلي بسبب السفر.
 
ويؤكد رئيس "الرابطة السورية لحقوق اللاجئين" مضر حماد الأسعد، زيادة معدلات الهجرة بين أوساط اللاجئين السوريين في تركيا.

وفي حديثه لـ"عربي21" يضع الأسعد الأوضاع الاقتصادية "الصعبة" التي يعاني منها اللاجئون السوريون في تركيا، على رأس مسببات الهجرة، ويقول إن "تركيا عانت مؤخراً من ارتفاع نسب التضخم، ما صعّب على عدد كبير من السوريين تأمين متطلبات المعيشة".

كذلك يلفت رئيس الرابطة السورية إلى الإجراءات القانونية والإدارية "المعقدة والصعبة"، وتحديداً المتعلقة بالحصول على إذن العمل في ما يخص عموم المقيمين بتركيا، واستصدار بطاقات الحماية المؤقتة (الكملك) للاجئين، وإذن السفر للتنقل بين المدن التركية.


اقرأ أيضا: ما حظوظ خطة تركيا لإعادة اللاجئين السوريين "طوعا"؟


ويتهم لاجئون سوريون السلطات التركية بـ"التضييق" عليهم، لدفعهم إلى العودة إلى الشمال السوري الخاضع لسيطرة المعارضة، ويشكون مؤخراً من صعوبة العثور على منزل للإيجار، بسبب إغلاق السلطات التركية عدداً كبيراً من الأحياء بوجه عموم الأجانب من عرب وغيرهم، لتجنب تشكيل تجمعات عربية من جنسيات محددة في مناطق محددة، تتسبب بمشاحنات واحتكاكات مع الأتراك.

وبحسب الأسعد فإن القرار الأخير تسبب في ارتفاع إيجارات المنازل بنسب كبيرة، موضحا أنه "لم يعد يستطيع اللاجئ السوري دفع إيجار المنزل، إن وجد منزلاً في المناطق المسموح لغير الأتراك بالسكن فيها".

وإلى جانب ذلك، يشير الأسعد إلى تخوف يسود الكثير من السوريين بسبب سياسة الترحيل القسري إلى الشمال السوري التي تتخذها السلطات التركية ضد المخالفين لقوانين الإقامة وشروط الحماية المؤقتة، مهما كان حجم المخالفة، وهو يتمنى على السلطات التركية وقف هذا الإجراء.

من جانب آخر، نوه الأسعد إلى غياب المنظمات الأممية عن دعم اللاجئين السوريين في تركيا، وخاصة مع زيادة تكاليف المعيشة في تركيا.

 

تنامي الخطاب العنصري

 
ويشتكي الكثير من اللاجئين العرب والسوريون على وجه التحديد من تصاعد حدة "العنصرية" ضدهم في الشارع التركي، وإصرار بعض الأطراف السياسية على استخدامهم ورقة لاستقطاب الناخب التركي.

ويقولون إن تزايد الانتهاكات والحوادث العنصرية التي تُسجل بحق اللاجئين السوريين، تجعلهم يفتقدون الشعور بالاستقرار، ويعيشون على وقع تهديد دائم.

وفي هذا الاتجاه، يؤكد الباحث والصحفي التركي المهتم بأوضاع اللاجئين السوريين جلال ديمير، أن زيادة منسوب "العنصرية" من قبل بعض الأتراك، أدت إلى زيادة معدلات القلق بين السوريين.

ويضيف لـ"عربي21" أن قسماً كبيراً من السوريين يشعرون بالذعر والقلق الدائم خشية وقوع مشكلة، ولذلك فهم يفضلون الهجرة إلى أوروبا، مستدركاً بالقول: "لكن، هل سيجد اللاجئ هناك المكان المُتخيل؟ هذا بحث آخر".


اقرأ أيضا: إعلامية لبنانية من أصول مهاجرة تطالب برحيل اللاجئين السوريين


ومن وقت لآخر تصدر عن المسؤولين الأتراك تصريحات بخصوص مستقبل اللاجئين السوريين، وآخرها حديث وزيرة الأسرة والخدمات الاجتماعية في تركيا دريا يانيك، عن عدم بقاء أي لاجئ سوري مقيم بصورة غير قانونية في تركيا بعد عام 2023.

لكن ديمير يقلل من أهمية هذه التصريحات، ويقول: "التصريحات السياسية لا يمكن البناء عليها، وأحياناً يكون الهدف منها تصدير رسائل لجهة ما، أي ليس بالضرورة أن يتم تطبيق كل ما يتم الحديث عنه بحذافيره، وخاصة أن التجارب القديمة والحديثة تثبت أن معظم اللاجئين يستقرون في البلاد الجديدة، وتركيا مثال على ذلك، حيث يرجع أصول قسم كبير من سكانها إلى المهاجرين، مثل إسطنبول".

أوروبا الخيار المفضل


وبحسب ديمير، فإن غالبية اللاجئين السوريين في تركيا يطمحون أصلاً في الوصول إلى أوروبا، ويقول: "استمرار الهجرة يعد أمراً طبيعياً"، منتقداً ما وصفه بـ"التهويل" من قبل بعض وسائل الإعلام السورية.

ويعيش في تركيا نحو 3 ملايين لاجئ سوري، ويخشون من زيادة الخطاب العنصري ضدهم، مع اقتراب موعد الانتخابات التركية.

وتسود توقعات بأن تتزايد معدلات الهجرة مؤخراً، بعد ما يبدو تغيراً في السياسة التركية من الملف السوري، وتحديداً لجهة العلاقة مع النظام السوري.