صحافة إسرائيلية

دعوات إسرائيلية لـ"إطفاء الحريق" مع روسيا خشية وقوع خسائر

يطالب الإسرائيليون بإعادة منح روسيا ملكية المبنى الكنسي القديم في القدس المحتلة- سفارة موسكو

في ضوء التصاعد المتلاحق للأزمة الروسية الإسرائيلية حول مسألة إغلاق مقار الوكالة اليهودية في موسكو، ظهرت أصوات إسرائيلية جديدة تدعو الحكومة للحفاظ على الاتصال مع الجاليات اليهودية بطرق أخرى غير الوكالة، لأن الذهاب في التوتر مع روسيا إلى حد التهديد الضمني هو آخر شيء يجب القيام به، لأنه يعرض المصالح الإسرائيلية للخطر الكبير.

تتحدث المحافل الإسرائيلية الداعية للتهدئة مع موسكو، أنه بغض النظر عن سبب قرار الروس تشديد موقفهم بشأن الوكالة اليهودية، فلا ينبغي من أجلها تعريض العلاقات الإسرائيلية الروسية للخطر والخسائر، لاسيما بعدما اعتبر الروس أن الموقف الإسرائيلي من حربهم في أوكرانيا تحدٍ لهم، وحتى لو وجد هناك من بين الإسرائيليين من يعتبر مسألة الوكالة اليهودية مصلحة عليا، فمن الطبيعي أن يحافظ على حوار سري مع روسيا، والاستعداد لدفع بعض الثمن، وفق الرواية الإسرائيلية.

الجنرال غيورا إيلاند الرئيس الأسبق لمجلس الأمن القومي ذكر في مقاله بصحيفة "يديعوت أحرونوت"، ترجمته "عربي21"، أن "الأزمة الروسية الإسرائيلية تعيد إلى الأذهان ما عاشه في 2005، حين وجه رئيس الوزراء الراحل أريئيل شارون المجلس القومي بإعداد توصيات بشأن احتمالات تحسين العلاقات الإسرائيلية الروسية، صحيح أن شارون، كباقي رؤساء الوزراء الإسرائيليين، وضع كل ثقله مع الولايات المتحدة، لكن من الصواب دراسة كيفية الحصول على المزيد من الروس، دون الإضرار بالعلاقات الإسرائيلية الأمريكية".

وأضاف أن "المنهجية التي استخدمناها تمثلت في إعادة تعريف المصالح الإسرائيلية العشرة تجاه روسيا، وهي مسألة لم تكن معقدة، لأن أهمها الموقف الروسي من البرنامج النووي الإيراني، وثانيها خفض بيع الأسلحة المتقدمة لسوريا، ثم شرعنا في تقييم المصالح الروسية العشرة تجاه إسرائيل، وترتيبها من واحد إلى عشرة، وهي خطوة أكثر صعوبة، لأنه طُلب منا "الدخول في رأس بوتين"، ومحاولة تقييم أولوياته، لكن ظهر تضارب المصالح بيننا، فما كان مهماً لنا، هو ليس كذلك للروس، والعكس صحيح".

 

اقرأ أيضا: تزايد أعداد المهاجرين اليهود مع تفاقم أزمة روسيا والاحتلال

اليوم في ظل الأزمة الناشبة بين روسيا ودولة الاحتلال، يطالب الإسرائيليون الداعون لتخفيض وهج النار المشتعلة مع موسكو بإعادة منح روسيا ملكية المبنى الكنسي القديم في القدس المحتلة، لأنه كان ملكًا للكنيسة الروسية، ولئن تساءل الإسرائيليون عن مدى أهمية هذا المبنى القديم في القدس، فإن المعلومات المتواترة من موسكو تؤكد أن بوتين يستند طوال الأعوام العشرين في حكمه إلى عاملين رئيسيين في القوة، هما: الجيش والكنيسة.

وبالتالي، ترى هذه المحافل الإسرائيلية أن إعادة ملكية أرض الكنيسة الروسية إلى بوتين بوصفها "عربون محبة"، ستحصل بموجبها دولة الاحتلال على عوائد أمنية كبيرة مقابل هذا الامتياز، لا سيما استمرار التصريح الروسي للطيران الإسرائيلي بالعمل والقصف في الأجواء السورية، وهو ما تراه دولة الاحتلال إنجازا يصعب التفريط فيه، تحت أي ظرف من الظروف.

مع العلم أن الدوائر السياسية والدبلوماسية تعتقد أن النزاع والخلاف القائم مع روسيا ليس من نوع "لعبة محصلتها صفر"، بحيث أن أهم شيء بالنسبة لإسرائيل يتعارض تمامًا مع ما تريده روسيا، والعكس كذلك، ما يستوجب بالضرورة أن تعثر وزارة الخارجية الإسرائيلية ومكتب رئيس الحكومة في منتصف الطريق على مجال واسع للمفاوضات والتسويات، بحيث يخرج الفريقان من الأزمة وهما يشعران بأنهما رابحان.

الخلاصة الإسرائيلية من تصاعد هذه الأزمة أن وجود نشاط للوكالة اليهودية في روسيا ليس بالضرورة مصلحة عليا لدولة الاحتلال، لأنه من الممكن الحفاظ على الاتصال والحوار مع الجاليات اليهودية بمساعدة السفارة الإسرائيلية في موسكو، ووزارتي الشتات والاستيعاب، ومساعدة يهود روسيا الذين يرغبون في الهجرة إلى إسرائيل من خلال العديد من البلدان الأخرى، وإلا فإن دولة الاحتلال ستكون أمام تصاعد لهذه الأزمة، دون أن يدرك أحد فيها ما الذي يفكر فيه بوتين تجاهها.