صحافة دولية

هافنغتون بوست: ابن سلمان الرابح الأكبر من زيارة بايدن للرياض

الموقع قال إن حلفاء بايدن أصيبوا بالذعر بعد معرفتهم بزيارته المقررة إلى السعودية- واس

قال موقع هافنغتون بوست، إن الزيارة المقررة للرئيس الأمريكي جو بايدن، إلى السعودية، ستعود بالقليل على الولايات المتحدة أو على الرئيس نفسه، مقابل فوائد جمة ستجنيها الرياض.

وأوضحت في تقرير ترجمته "عربي21" أن نفوذ السعوديين محدود جداً حين يتعلق الأمر بالقضية الكبرى التي تشغل الولايات المتحدة، ألا وهي التضخم، إضافة إلى أن خبراء الطاقة يقولون إن المملكة العربية السعودية لا يمكنها التعجيل بخفض أسعار الطاقة التي يتكبدها المستهلكون.

 

وشدد على أنه وبالتالي تعتبر الزيارة، نصرا مؤزرا للسعودية ولحاكمها الفعلي ولي العهد محمد بن سلمان، أمام التهديدات التي أطلقها بايدن بمحاسبتها قبل انتخابه بسبب جريمة قتل الصحفي جمال خاشقجي.

وفي ما يلي النص الكامل للتقرير:

سوف يسافر الرئيس جو بايدن إلى المملكة العربية السعودية الشهر القادم، بحسب ما أعلن عنه البيت الأبيض يوم الثلاثاء، وبذلك ينضم إلى من سبقه من زعماء أمريكا في التأكيد على علاقة "الشيء بالشيء" التاريخية مع المملكة.

ولكن على الرغم من أن خطة بايدن سوف تعود على السعوديين بفوائد جمة، إلا أن الفرصة ضئيلة في أن تحقق هذه الزيارة الكثير للرئيس أو للولايات المتحدة.

نفوذ السعوديين محدود جداً حين يتعلق الأمر بالقضية الكبرى التي تشغل الولايات المتحدة، ألا وهي التضخم. فعلى الرغم مما يظنه البعض من أن هذا البلد الغني بالثروة النفطية بإمكانه خفض تكاليف الوقود من خلال زيادة الإنتاج، إلا أن خبراء الطاقة يقولون إن المملكة العربية السعودية لا يمكنها التعجيل بخفض أسعار الطاقة التي يتكبدها المستهلكون. وعلى الرغم من أن المسؤولين الأمريكيين يأملون في تعزيز العلاقات بين المملكة وشريك أمريكا الرئيس في المنطقة، إسرائيل، إلا أن الأرجح أن يكون التقدم باتجاه تعاون سعودي إسرائيلي محدوداً. كما لا يتوقع أن تنجح الزيارة في كبح اهتمام السعوديين بتنمية العلاقات الودية مع كل من روسيا والصين، وهو الاهتمام الذي ما لبث يدق ناقوس الخطر في واشنطن.

تقول داليا داسا كايه، الباحثة السياسية في مؤسسة راند: "أرى أن زيارة بايدن محفوفة بالمخاطر وأشك في أنها ستؤتي أكلها."

بالنسبة للسعودية، فإن مجرد التخطيط للزيارة والإعلان عنها يعتبر نصراً مؤزراً لها ولحاكمها الفعلي ولي العهد محمد بن سلمان. فقد تراجع بايدن رسمياً عن تعهده بأن "يرغمهم على دفع الثمن" على سوء سلوكهم، بما في ذلك جريمة قتل الصحفي جمال خاشقجي، والتي حملت المخابرات الأمريكية المسؤولية عنها للأمير نفسه. بدلاً من ذلك، عرض بايدن لمسة أنعم – ولم يحقق تقدماً يذكر في مجال محاسبة قتلة خاشقجي أو في تحسين وضع حقوق الإنسان بشكل عام بينما راح يمنح السعوديين ما يريدون.

أعرب حلفاء بايدن يوم الثلاثاء عن ذعرهم من قرار بايدن زيارة المملكة العربية السعودية.

في تصريح لشبكة السي إن إن، قال السيناتور الديمقراطي تيم كلاين: "ما زالت الأيدي ملطخة بالدماء. أدرك أن الظروف تتغير، ولكن ما هي القضية الأساسية في العالم في هذا الوقت بالذات؟ إنها السلطويون."

أما السيناتور الديمقراطي كريس ميرفي فقال في تصريح للسي إن إن إنه يساوره "قلق حقيقي إزاء إصلاح العلاقات مع ولي العهد في غياب تعهدات حقيقية بإقامة العدل في المملكة العربية السعودية."

تأتي الزيارة لتكون بمثابة حلقة أخيرة في سلسلة من خيبات الأمل التي يشعر بها المشرعون والنشطاء الذين يقولون إن بايدن تخلى عن كل ما كان لديه من أدوات ضغط على السعوديين. ففي بداية عهده، تحدى بايدن الفرضية التي تقول إن المملكة العربية السعودية تحظى بدعم غير مشروط في واشنطن. ولكن بدلاً من مطالبة الزعماء السعوديين بالرد على القضايا التي تشغل بال الولايات المتحدة مقابل إعادة الاعتبار للعلاقة الاستراتيجية بين البلدين، بدأ بايدن ينهج نمطاً من التنازلات لصالح الأولويات السعودية.

في وقت مبكر من هذا الشهر، وجه ستة نواب ديمقراطيين يرأس كل منهم لجنة من لجان البرلمان خطاباً إلى بايدن حثوه فيه على إعادة ضبط العلاقات الأمريكية السعودية من خلال الضغط على المملكة حتى تنهي صفقات سوق النفط مع روسيا، وتخفف من قمعها للمعارضين، وتنسحب من الصين، وتعطي الأولوية للسلام في اليمن، حيث يشن السعوديون حملة عسكرية وحشية منذ عام 2015.

ولكن قد يكون صعباً على بايدن تحقيق تقدم في أي من هذه الأولويات حينما يشعر السعوديون بأنهم يملكون القدرة على تحديد شروط الاشتباك.

 

اقرأ أيضا: بايدن يزور السعودية منتصف الشهر المقبل بدعوة رسمية

 


يتوجه بايدن إلى المملكة لكي يحضر اجتماعاً لزعماء المنطقة، كما أنه سوف يتباحث في عدد من القضايا، بما في ذلك الحرب في اليمن وأوضاع حقوق الإنسان، بحسب ما صرحت به السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض كارين جان بيير، التي أكدت أن الرئيس تلقى دعوة من العاهل السعودي الملك سلمان.

إلا أن بياناً صادراً عن السفارة السعودية في واشنطن رسم صورة مختلفة، حيث قال إن الرئيس يقوم بهذه الزيارة من أجل "تعزيز" الروابط الأمريكية السعودية، وأنه سوف يلتقي مع ولي العهد محمد بن سلمان، معتبراً أن فكرة القمة الإقليمية جاءت لاحقاً.

تقول كايه: "لا يوجد سبيل للالتفاف حول حقيقة أنه إذا كان الأمر في الرياض فسيكون بشروطه هو – إنه ما يريده محمد بن سلمان."

عامل النفط

في الوقت الذي يواجه فيه بايدن نقداً داخلياً بسبب ارتفاع أسعار الوقود محلياً، فقد يفضي التودد إلى أكبر منتج للنفط الخام في العالم عن إعطاء انطباع بأنه يسعى لحل المشكلة التي تسبب الإحباط للأمريكيين.

ولكن حتى في أفضل السيناريوهات بالنسبة للرئيس – فيما لو وافق السعوديون على زيادة الإنتاج إلى ما يتجاوز تعهدهم الأخير بذلك، في وقت مبكر من هذا الشهر – فإن الأمل ضئيل لديه في تحقيق تخفيض في الأسعار العالمية للنفط، كما يقول المحللون في القطاع النفطي.

ما لبث التجار، الذين تساهم وجهات نظرهم في نهاية المطاف في تحديد الأسعار، يستشرفون زيادات في الإنتاج من قبل السعوديين وحلفائهم في الائتلاف النفطي العالمي المعروف باسم أوبيك زائد. في هذه الأثناء يتوقع أن تتقلص الإمدادات في وقت لاحق من العام بعد أن تتجلى الآثار الكاملة للعقوبات المفروضة على روسيا بسبب حربها في أوكرانيا، لأن ذلك سيعني أن ثلاثة ملايين برميل من النفط الروسي يومياً ستغيب عن السوق.

في تصريح أدلى به مؤخراً لصحيفة ذي هيل، قال روبرت واينر، الباحث في جامعة جورج واشنطن: "لا تملك المملكة العربية السعودية القدرة على إنتاج كمية من النفط تعوض تلك التي سيفقدها العالم بسبب الحظر المفروض على روسيا، ولا توجد مثل هذه القدرة لدى أي دولة أخرى."

نفى بايدن بأن تكون رحلته ذات علاقة بأسعار النفط، مصرحاً للصحفيين في الثاني عشر من يونيو / حزيران بأن "الالتزامات التي قدمها السعوديون لا ترتبط بأي شيء له علاقة بالطاقة .... وإنما للأمر علاقة بقضايا أكبر بكثير من أسعار الطاقة."

إذا كان النجاح في موضوع النفط مستبعداً من طاولة البحث، فهذا يعني أن طاقمه سوف يجد صعوبة في العودة إلى الأمريكيين بما يمكن أن يعتبر مكسباً حققته الرحلة. بل من المستبعد أن تحظى المقترحات المختلفة الأخرى بنفس المستوى من الاهتمام الشعبي، ومن هذه المقترحات صفقة بين كل من السعودية ومصر وإسرائيل بشأن جزر البحر الأحمر التي لم يسمع بها كثير من الناس.

أما بالنسبة للمملكة العربية السعودية، فالأجندة الأشمل هي الأمثل. يرى زعماء السعودية في الرحلة سبيلاً لتجاوز الخلافات بين البلدين ولضمان التعاون الأمريكي السعودي في العديد من الجبهات ولعقود قادمة.

يقول أيهم كامل، رئيس فريق البحث الخاص بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا داخل مجموعة أوراسيا الاستشارية: "يرغب السعوديون في مناقشة إطار استراتيجي للتعاون ... وبحث القضايا من ناحية تاريخية. لربما كان بايدن يفضل الانتقاء من بين قائمة من الاختيارات ولكنني أظن أن هذا مستبعد من مائدة الحوار. وإذا أراد بايدن التحدث في الطاقة فإن عليه أن يتحدث في السياسة، وهذه رسالة بلغت بشكل واضح إلى الإدارة."

ويضيف كامل أنه كان لدى الولايات المتحدة قدرة ضغط أكبر في عام 2019، عندما تعززت الأرضية التي يقف عليها من كانوا يشككون في السعوديين داخل الكونغرس، وكان بايدن وغيره من خصوم الرئيس دونالد ترامب يسلطون الضوء على ارتباطاته بالمملكة.

ويقول: "وبحلول عام 2022 بات السعوديون هم من يملكون قدرة أكبر على الضغط".

في مقال أخير نشرته مجلة فورين أفيرز وتم تداوله بكثافة في دوائر صنع السياسة، وصفت كايه الزيارة التي كان حينذاك قد أشيع عن عزم بايدن القيام بها بأنها بمثابة "تنازل شفاف عن المبادئ" وقالت إنه يتوجب على الرئيس إثبات أن الزيارة سوف "تعود على الولايات المتحدة بشيء ذي قيمة وستخدم المصالح الأمريكية."

وقالت إنها لا تعتقد بأن شيئاً من ذلك سيحدث.

وأضافت: "يتعلق التبدل الحاصل بما يشبه القول إننا سوف نذهب لنثبت أننا الناضجون، وعندما تكون المصالح على المحك، فإننا على استعداد لإجراء ما يلزم من تعديلات. تلك هي طريقة التفكير السائدة بين كثيرين داخل واشنطن. ووجهة نظري أن الشراكات تذهب في الاتجاهين."

يقلقها أن السعوديين سوف يرون في قرار بايدن زيارة البلد مؤشراً آخر على أنهم لن يحتاجوا لأن يخشوا من إجراءات أمريكية ضدهم فيما لو انتهجوا سياسة خطرة.

على سبيل المثال قد تصعد المملكة العربية السعودية من التوترات مع جارتها إيران بالانسحاب من المحادثات مع الإيرانيين أو بإجهاض المفاوضات مع المليشيا الموالية لإيران في اليمن، حيث ما زالت الهدنة التي تم تمديدها مؤخراً قائمة ولكنها متزعزعة. في المقابل يمكن أن يؤدي تولي بايدن للسعوديين إلى استفزاز الإيرانيين أو شركائهم ويحرضهم على ضرب أهداف أمريكية أو حليفة.

تقول كايه: "إنها بيئة متفجرة." وأضافت بالإشارة إلى تبدد الآمال في استعادة الصفقة النووية مع إيران: "إذا ما حصل تصعيد عسكري آخر فإن ذلك سوف يؤدي إلى إعاقة توريدات النفط العالمية وإلى حالة أسوأ من التضخم."

والخشية الأخرى هي أن ولي العهد وفريقه قد يريان في الزيارة مؤشراً على أن بايدن لم يعد يعبأ بقضية خاشقجي أو الهجوم المستمر الذي يشنه السعوديون على من يعتبرونهم خصوماً لهم من النشطاء المدافعين عن حقوق النساء إلى أبناء الرئيس السابق لجهاز المخابرات السعودية.

في بيان صدر في الثالث عشر من يونيو / حزيران، طالبت ثلاث عشرة مجموعة حقوقية الرئيس بايدن بوضع شروط مسبقة للقاء مع محمد بن سلمان. وجاء في البيان: "إن الجهود التي تبذل لإصلاح العلاقة بين الولايات المتحدة وحكومة المملكة العربية السعودية إذا لم يصاحبها التزام حقيقي بوضع حقوق الإنسان على رأس قائمة الأولويات من شأنها ليس فقط أن تعتبر نقضاً للعهود التي قطعتها أثناء حملتك الانتخابية بل وكذلك من المحتمل أن تؤدي إلى تجرؤ ولي العهد على ارتكاب مزيد من الانتهاكات للقانون الدولي والقانون الإنساني."

ثمة خلاف جوهري بين فريق بايدن ومنتقديه حول كيف ينبغي أن تتغير السياسة الأمريكية تجاه السعودية، وما إذا كان الهدف هو استعادة اللهجة الودودة أو معالجة الهموم العالقة منذ وقت بشأن خيارات المملكة وكيف تعاملت الولايات المتحدة معها.

يرى المسؤولون في الإدارة الأمريكية أن الهدنة التي أبرمت في اليمن تمثل نجاحاً مهماً، على سبيل المثال، ولكنهم لم يقولوا الكثير حول الدليل على أن الولايات المتحدة أخفقت في التحقيق في دور الأسلحة الأمريكية في قتل المدنيين في الحرب هناك أو ما تم الكشف عنه من استمرار المساعدة الأمريكية بما يحدد معالم أي قتال يتجدد.

تجنب بايدن قضايا الشرق الأوسط في السنة الأولى من فترة رئاسته وكلف كبار المسؤولين في مجلس الأمن القومي بالتركيز على أماكن أخرى بينما سلم صغار الموظفين زمام الأمور. لم تعد مثل هذه الاستراتيجية مجدية.

يقول كامل: "الفكرة التي ترى بأن السعودية أو أقطار الخليج الأخرى موجودة على الهامش أو أنها لم تعد مهمة من وجهة النظر الأمريكية، أظن أنها ازدادت صعوبة في ضوء التطورات التي تشهدها الحرب الروسية الأوكرانية."

حتى الآن، لم يزل خيار بايدن الواضح حول كيف يستجيب للمتغيرات هو الانكفاء على التقليد، سواء كان ناجعاً أم لا.