سياسة عربية

عفو رئاسي عن ضباط بمصر متورطين في قضايا تعذيب (وثيقة)

شمل العفو الرئاسي ضباطا محكومين بالسجن على خلفية تورطهم في قتل مواطنين تحت التعذيب- جيتي

حصلت "عربي21" على وثيقة رسمية ومعلومات من مصدر أمني مصري بارز، تؤكد صدور عفو رئاسي من رئيس النظام المصري عبدالفتاح السيسي، عن ضباط وشرطيين في مصر محكوم عليهم بالسجن في ثلاث قضايا تعذيب مواطنين حتى الموت في أقسام شرطة مختلفة، والإفراج عنهم عقب صدور قرار العفو الرئاسي.


القضية الأولى الصادر فيها قرار بالعفو هي القضية التي حملت الرقم 8414 لسنة 2018 جنايات حدائق القبة.



وضمت أسماء المعفو عنهم في القضية، وهم: "تامر صابر فراج رائد شرطة ورئيس مباحث قسم شرطة حدائق القبة، ومحمد جمعة الحارس (أمين شرطة)، وأسامة شوقي عبدالناصر (أمين شرطة)، وثابت محمد طلبة (عريف شرطة)، ومحمد عبدالحليم عبدالقادر (أمين شرطة)".


وكانت النيابة العامة وجهت إلى المتهمين في القضية تهما بأنهم في يومي 21 و22 حزيران/ يونيو 2018، قاموا بصفتهم موظفين عموميين بتعذيب محتجز لديهم في القسم يدعى "أحمد السيد محمد عجمي"، ألقوا القبض عليه دون إذن من النيابة ودون تقييد اسمه بدفاتر القسم، لحمله على الاعتراف بارتكاب جريمة سرقة، ما أدى إلى وفاته.


وتوفي المحتجز بعد أن طرحه المتهمون أرضا وشدوا وثاق يديه خلف جسده وانهالوا عليه ركلا بالأقدام وضربا بالعصا وصعقا بالكهرباء في مواضع مختلفة من جسده، قاصدين إجباره وحمله على الاعتراف بارتكاب واقعة الجنحة سالفة البيان والإرشاد عن المسروقات، وأحدثوا به إصابات أودت بحياته.

 

ووجهت لهم النيابة أنهم حازوا وأحرزوا أداتين (عصا وصاعقا كهربائيا) لاستخدامهما في الاعتداء على الاشخاص دون مسوغ قانوني أو مبرر من الضرورة المهنية والحرفية.


ووجهت النيابة إلى المتهمين الأول والثاني، تهمة قيامهما بتعذيب محتجز آخر يدعى "علي شريف يحيى" لحمله على الاعتراف باشتراكه في ارتكاب جريمة سرقة، حيث اقتاده المتهم الثاني إلى المتهم الأول، فانهال عليه الأخير صفعا بأحد نعليه ولكمه في صدره، قاصدين إجباره وحمله على الاعتراف بارتكاب جريمة السرقة.


ووجهت النيابة للمتهم الأول، تهمة احتجاز المواطن "علي شريف يحيى" بدون أمر النيابة العامة أو أحد الحكام المختصين بذلك، وذلك بعد أن أودعه لليلة كاملة في إحدى الغرف بوحدة البحث الجنائي بقسم شرطة حدائق القبة.


ووجهت للمتهم الثاني تهمة إلقاء القبض على المواطن ذاته دون أمر النيابة العامة أو أحد الحكام المختصين بذلك، وفي غير الأحوال التي تصرح فيها القوانين واللوائح بالقبض على ذوي الشبهة، وذلك بعد أن ضبطه واقتاده إلى مقر وحدة البحث الجنائي بقسم شرطة حدائق القبة قبل صدور إذن النيابة العامة بضبطه.


وجاءت اتهامات النيابة العامة للمتهمين، بعد أن حاولوا في البداية إخفاء جريمتهم وأنكروا وجود المجني عليهما "المتوفى والمصاب"، داخل ديوان القسم، إلا أنه ثبت من تفريغ محتوى كاميرات الـ (DVR) الخاص بقسم شرطة حدائق القبة أن المتهمين هم من قاموا بالقبض واقتياد والتحقيق مع المجني عليهما المتوفى والمصاب، ونقل المجني عليه المتوفى خارج القسم وهو جثة هامدة لمحاولة إخفاء جريمتهم.


وتولت النيابة العامة لاحقا التحقيق، وبحثت في البداية عن موقع القبض على المجني عليهما، وتوصلت إلى أنه كائن بتقاطع شارع الجندي مع شارع الخليج المصري أمام مقهى يسمى (أم صابر) بدائرة قسم شرطة حدائق القبة.


وتم التقابل مع عدد من المتواجدين بالمكان والمارين به، وأفادوا بأنهم شاهدوا واقعتي ضبط المجني عليهما المتوفى والمصاب، وأخطروا النيابة بوجود كاميرتين مثبتتين في موقع الضبط، وتبين أن إحداهما التقطت مقاطع لوقائع الضبط وتم التحفظ عليها.


وثبت بالتقرير الطبي الصادر من مستشفى الزيتون التخصصي لحالة المجني عليه، وصول جثمان المجني عليه، وقيد "مجهول الهوية" لذكر، وأنه حضر إلى المستشفى جثة هامدة مع وجود كدمات متفرقة في الجسم والبطن وزرقة حول المعصمين الأيمن والأيسر وزرقة بالشفة وتوسع بالقرنية، وتم عمل محاولة إنعاش قلبي ورئوي متقدم لمدة 14 دقيقة، إلا أن المجني عليه لم يستجيب وتم إعلان وفاته.


وقضت محكمة جنايات القاهرة، المنعقدة بمجمع محاكم طرة، بالسجن 8 سنوات على "تامر صابر فراج رائد شرطة ورئيس مباحث قسم شرطة حدائق القبة"، والسجن سنة على "أحمد محمد عبدالحافظ نقيب شرطة ومعاون مباحث قسم شرطة حدائق القبة".


وقضت المحكمة بالسجن المشدد 7 سنوات على كل من "محمد جمعة الحارس (أمين شرطة)، وأسامة شوقي عبدالناصر (أمين شرطة)، وثابت محمد طلبة (عريف شرطة)، ومحمد عبدالحليم عبدالقادر (أمين شرطة)".


القضية الثانية الصادر فيها قرار بالعفو هي القضية التي حملت الرقم 4733 لسنة 2019 جنايات الأميرية.
وضمت أسماء المتهمين الصادر  لهم قرار العفو، وهم: "سامح السيد جابر قاسم، وياسر حسن محمود الحسانين، وسعد رواش أبو العزم خليل، ومحمد أحمد حسن علي، وأيمن محمد محروس الديب"، وجميعهم "أمناء شرطة" كانوا يعملون في قسم شرطة الأميرية وقت ارتكابهم جريمة تعذيب أحد المواطنين حتى الموت.


ووجهت النيابة العامة للمتهمين في القضية 3 اتهامات وهي: "ضرْب أفضى إلى موت المواطن مجدي مكين داخل قسم شرطة الأميرية، وإحداث الإصابات الواردة بتقرير الطب الشرعي للضحية وزملائه والتي أكدت عمليات التعذيب، وتزوير محررات رسمية ومحضر الواقعة والإضرار العمدي بجهة عملهم (وزارة الداخلية)".


وجاء تقرير مصلحة الطب الشرعي، ليؤكد وجود آثار تعرض زملاء "مجدي مكين" في الحجز للضرب بالأيدي في أماكن حساسة بأجسادهم، وعدم استخدام الآلات الحادة أو العصي، والاعتداء من قبل أمناء الشرطة والضابط المتهم.


وجاء تقرير الطب الشرعي الخاص بالضحية "مجدي مكين" ليؤكد تعرُّضه للتعذيب البشع، وأن سبب الوفاة ضرْبه والوقوف على ظهره وتعذيبه، ما أحدث له صدمة عصبية في الوصلات العصبية بالنخاع الشوكي، نتج عنه حدوث جلطات في الرئتين، وتسببت في وفاته، وتساند ذلك مع أقوال زملاء "مجدي مكين" في التحقيقات، الذين كانوا معه بالحجز.


وتمت إحالة المتهمين إلى المحاكمة الجنائية، وصدر حكم بمعاقبة الضابط "كريم مجدي" وثمانية آخرين من أمناء شرطة قسم المطرية بالسجن مع الشغل لمدة ثلاث سنوات وبراءة أمين شرطة أخر، وذلك في القضية التي عرفت إعلاميا باسم قتل "مجدي مكين" تعذيبا.


وضمت أسماء المحكوم عليهم بالسجن: "الضابط كريم مجدي عبد العزيز محمد لطفي"، وأمناء الشرطة سامح السيد جابر قاسم، ومحمد سعيد صلاح محمد، وعبد الغني منير عبد الغني محمد، ومحمود صابر أحمد صابر، وسعد الرواش أبو العزم خليل، وأيمن محمد محروس الديب، ومحمد أحمد حسن علي، وياسر حسن محمود حسانين".


القضية الثالثة الصادر فيها قرار بالعفو هي القضية التي حملت الرقم 2725 لسنة 2016 جنايات مركز طهطا بمحافظة سوهاج.

 

اقرأ أيضا: ‎NYT: جثة هدهود تثير تساؤلات عن مستوى التعذيب في مصر

وضمت قائمة المحكوم عليهم والصادر لهم قرار بالعفو ثلاثة ضباط، وهم: "المزمل نافع أحمد رائد شرطة ورئيس مباحث مركز طهطا وقت الواقعة، وعمر أحمد سعد نقيب شرطة ومعاون مباحث المركز وقت الواقعة، وعمر خطاب شحات عقيد شرطة ورئيس فرع بحث شمال سوهاج وقت الواقعة".


ووجهت لهم النيابة العامة تهم تعذيب المواطن "محمد صالح أحمد" لإجباره على الاعتراف بجريمة لم يرتكبها، حتى توفي أثناء تعذيبه، وتزوير محرر رسمي عبارة عن تقرير الطب الشرعي الخاص بالضحية.
حيث ثبت من تقرير الطب الشرعي الحقيقي في القضية، تعرض الضحية للتعذيب الممنهج وإطفاء السجائر في جسده وخلع بأظافر اليد اليسرى وآثار كدمات و"سحجات" بأماكن متفرقة في الجسد تسببت في وفاته.


وقد بدأت هذه القضية ببلاغ من "محمد أحمد عبدالوارث"، بوفاة شقيقة "عبدالناصر"، وهو "عمدة" قرية الشيخ زين الدين بمحافظة سوهاج، داخل مسكنه الذي يقيم فيه بذات الناحية ولم يتهم أحد بالتسبب في ذلك.


وانتقل إلى مكان الواقعة ضباط مباحث مركز شرطة طهطا وبمناظرة الجثة تبين وجودها على "دكة" بالمنزل وبها إصابات في الرأس، وقامت الشرطة بالقبض على عدد من الأشخاص المشتبه فيهم بالمنطقة ومن بينهم سائق "توك توك" يدعى "محمد صالح أحمد".


وتم الاشتباة فيه كون الضحية يقوم بقضاء متطلبات العمدة الشخصية ودائم التردد عليه وهناك اتصالات متكررة بين الطرفين، فتم القبض عليه واحتجازه بمركز الشرطة، وتم تعذيبه وإجباره على الاعتراف بقتل العمدة، حتى توفي في يد ضباط الشرطة خلال تعذيبه.


وتمت إحالة الضباط الثلاثة إلى المحاكمة الجنائية، حيث صدر حكم ضدهم بالسجن المشدد ثلاث سنوات مع الشغل والنفاذ.