سياسة عربية

انتقاد إسرائيلي لسياسة العقاب الجماعي ضد جنين

الإجراءات الأخيرة المتبعة ضد مدينة جنين ومخيمها ليست قرارات استراتيجية- الأناضول

تحاول حكومة الاحتلال وضع حد للهجمات الفدائية الفلسطينية، بالتزامن مع خروج أصوات إسرائيلية تعتبر أن ما تقوم به سلطات الاحتلال من عقوبات جماعية ضد مدينة جنين ومخيمها شمال الضفة الغربية، سيأتي بأعمال انتقامية من قبل الفلسطينيين.

وفي الوقت ذاته فإن هناك قناعات إسرائيلية متزايدة بأن هذه العقوبات إنما تأتي لإرضاء الضوضاء الحرجة الصاخبة التي تجتاح الرأي العام الإسرائيلي الغاضب على حكومته الفاشلة.

هذه الأصوات الإسرائيلية الناقدة تعتبر أن الإجراءات الأخيرة المتبعة ضد مدينة جنين ومخيمها ليست قرارات استراتيجية، بل إنها فقط تتماشى مع صخب الشارع الإسرائيلي، الذي رأى بأم عينه كيف تحولت شوارع تل أبيب وبئر السبع وبني براك والخضيرة إلى ساحات قتال يُقتل فيها اليهود، ما تسبب في إثارة أجواء الغضب الذي ينخر في عظام الدولة، والموت يتربص في شوارعها.

إيتان كلينسكي الكاتب الإسرائيلي في موقع "نيوز ون"، ذكر في مقال ترجمته "عربي21" أن "الغضب السائد بين الإسرائيليين بات يعتبر وصفة للنشاط السياسي لحكومة الاحتلال، في مواجهة الأحداث الصعبة التي واجهتها، وبالتالي فإن هذه الحكومة تسمح لغضب الشارع بالسيطرة على قراراتها السياسية، عقب ما سببته العمليات الفدائية الأخيرة من جلب جرعات من الفجيعة والألم إلى منازل الإسرائيليين".

 

اقرأ أيضا: شهيدان في جنين وتواصل المواجهات مع الاحتلال (شاهد)

وأضاف أنه "لا يجوز للحكومة الإسرائيلية أن تفرض عقاباً جماعياً على مدينة بأكملها، وهي جنين، لأنها تمتلك جميع الوسائل والوسائل التكنولوجية والعسكرية لملاحقة منفذي الهجمات، لأن العقاب الجماعي ضد الفلسطينيين لن يحقق هدفها، وهو أن يلقي الشباب الفلسطينيون أسلحتهم، كما أن العقاب الجماعي لإغلاق مدينة بأكملها لن يساهم في أمن الإسرائيليين، لكنه قد يزيد فقط من الأعمال العدائية، ويبعدنا عن أي فرصة لخطاب محتمل في الأفق السياسي".


صحيح أن هذه أصوات إسرائيلية قليلة، لكنها تعتبر لافتة أمام حالة التجييش العدائي ضد الفلسطينيين، ومن الواضح أن حكومة الاحتلال التي لا ترى الأفق السياسي هدفاً مركزياً في سياستها تجاههم، فإن فعل الانتقام الذي لا يتصالح مع رأي أي قيادة سياسية، يجعلها لا تقوم بأي قرارات استراتيجية طويلة الأمد، فقط لأنها تتماشى مع صخب الشارع الإسرائيلي، حيث سادت صرخات الشجار والانتقام، وهتافات "الموت للعرب"!

الصراخ الإسرائيلي في الشارع قد ينزلق بالحكومة إلى قرارات يدفع الإسرائيليون أثمانا باهظة بسببها، بل تعني عقابًا جماعيًا لمدينة بأكملها، وهذا العقاب لن يؤدي إلا إلى شلل اقتصادي لمدينة جنين، مع العلم أن 70% من القوة الشرائية للمدينة مصدرها من فلسطينيي 48، وبالتالي فإن حظر الدخول والشراء في المدينة لا معنى له من الناحية الأمنية، خاصة في شهر رمضان.

الخلاصة أن الحظر الذي فرضته الحكومة الإسرائيلية على جنين ومخيمها سيؤدي فقط لأضرار اقتصادية، قد تلحق ضربة قاتلة بالمدينة بأكملها، وبالإضافة لهذه الضربة الاقتصادية، فإن الاحتلال من حيث لا يقصد يغذي الحماسة التي تدفع الفلسطينيين للانتقام من هذه السياسة، خاصة إن تطور الأمر لتنفيذ جملة من الاغتيالات، واتخاذ مجموعة متنوعة من الإجراءات التي من شأنها دخول دولة الاحتلال في دورة من الحياة الدموية، بدلا من أن تساهم في الهروب من الهاوية الأمنية المتدهورة.