ملفات وتقارير

مستقبل انتخابات ليبيا "بمهب الريح".. وحديث عن خارطة جديدة

بنر الانتخابات الليبية

فتح تأجيل الانتخابات الليبية، الباب أمام تحذيرات من انهيار العملية السياسية برمتها في البلاد، في ظل مراوحة الأزمة بين الأجسام السياسية المختلفة، وتوجه مجلس النواب بزعامة، عقيلة صالح، إلى وضع خارطة طريق تنظم انتخابات جديدة، دون توافق مع المجلس الأعلى للدولة.

 

ويرى محللون أن تحرك "النواب" دون توافق بين الأطراف المعنية، سيفتح الباب أمام تكرار أزمة قوانين الانتخابات التي أوصلت الاستحقاق إلى طريق مسدود، وخيبت الآمال في تمكين نحو 2.8 مليون ناخب ليبي من الاقتراع في الانتخابات، التي كان يفترض أن تجري اليوم الجمعة لاختيار الرئيس.


وحذرت المبعوثة الأممية الخاصة إلى ليبيا، ستيفاني ويليامز ستيفاني وليامز، من تقويض الاستقرار، وضياع المكتسبات التي تحققت خلال الفترة السابقة، وقالت في تصريحات لها؛ إنه "يجب تهيئة الظروف السياسية والأمنية في ليبيا لضمان إجراء انتخابات شاملة ونزيهة وسلمية".


وتابعت في بيان لها، أنه "لا ينبغي بأي حال من الأحوال استخدام التحديات الحالية في العملية الانتخابية لتقويض الاستقرار والتقدم الذي تم إحرازه في ليبيا خلال الأشهر الخمسة عشر الماضية".

 

اقرأ أيضا: "عربي21" تستطلع مواقف مسؤولين من تأجيل انتخابات ليبيا

كما وأعربت الولايات المتحدة، عن قلقها إزاء "خيبة أمل" الليبيين بتأخر الانتخابات التي كانت مقررة الجمعة، مطالبة بالتعجيل في معالجة العقبات القانونية أمامها.


وقالت سفارة الولايات المتحدة الأمريكية لدى ليبيا في بيان لها: "تشارك الولايات المتحدة قلق وخيبة أمل الغالبية العظمى من الليبيين، الذين ينتظرون أن تتاح لهم الفرصة للتصويت من أجل مستقبل بلدهم".


وتابعت: "يتعين على القادة الليبيين نيابة عن الشعب التعجيل بمعالجة جميع العقبات القانونية والسياسية لإجراء الانتخابات، بما في ذلك وضع اللمسات الأخيرة على قوائم المرشحين للانتخابات الرئاسية".


ودعا بيان السفارة الأمريكية أطراف الخلاف، إلى "تهدئة الوضع الأمني في طرابلس وليبيا كلها".


وأردف: "يحث المبعوث الأمريكي الخاص وسفير الولايات المتحدة لدى ليبيا ريتشارد نورلاند على التهدئة، ويشجع الخطوات التي يمكن أن تستمر في تهدئة الوضع الأمني المتوتر في طرابلس، أو في أي مكان آخر في ليبيا".


وتابع البيان: "الآن ليس هو الوقت المناسب لاتخاذ إجراءات أحادية الجانب أو عمليات انتشار مسلّح تنطوي على خطر التصعيد وعواقب غير مقصودة، تضرّ بأمن الليبيين وسلامتهم".

 

فراغ في الشرعية

 

ودعت وزارة الخارجية التركية كافة الأطراف الليبية إلى التحرك بحس المسؤولية إثر تأجيل الانتخابات، وقالت، إن الانتخابات تعتبر منعطفا هاما في العملية الانتقالية بليبيا.


وشددت على أن "من أجل سلامة الشعب الليبي الشقيق ينبغي ألا يحدث فراغ في الشرعية والسلطة في البلاد إلى أن يتم تشكيل حكومة جديدة عقب الانتخابات، ونتوقع من كافة الأطراف الليبية أن تتحرك بحس المسؤولية والتحلي بالحكمة في هذا الإطار". 

 

وعادت الكرة إلى ملعب مجلس النواب عقب تأجيل الانتخابات، ليقرر، الخميس، تشكيل لجنة من 10 أعضاء مهمتها وضع خارطة طريق للانتخابات المقبلة، خلال أسبوع، وتسليمه لرئاسة البرلمان، وسط تحذيرات من فشل تنظيم الانتخابات مرة أخرى.


خارطة طريق

بدوره، قال مدير مركز بيان للدراسات، نزار كريكش؛ إن فرض خارطة طريق جديدة من قبل مجلس النواب لن تنجح، وستزيد الانقسام الحاصل في الشارع الليبي؛ لأنها لن تأتي بالتوافق.

 

اقرأ أيضا: ويليامز تحذر من تقويض الاستقرار عقب تأجيل الانتخابات الليبية

وأضاف كريكش في حديث متلفز تابعته "عربي21"، أن خيبة الأمل التي تعيشها ليبيا الآن بعد تأجيل الانتخابات خفضت سقف التوقعات وخفضت الثقة في كل السياسيين الموجودين، في ظل تخبط المجتمع الدولي، وعدم طرحه رؤية للحل في ليبيا، إذ إنه قدم "مقاربة الانتخابات دون تفاصيل".


وتابع قائلا: "كل الأجسام السياسية أوصلتنا الآن إلى طريق مسدود، وهؤلاء عليهم إجراء مراجعات، حتى لا نكرر الأخطاء، ومجلس النواب يجب ألا يكرر الأخطاء بإصدار قوانين جدلية دون توافق".

 

تغير التحالفات


وشدد على أن "هناك حالة انقسام وتشرذم في الحالة الليبية، فالولاءات تمزقت والتحالفات تغيرت، والشيء الوحيد المستمر الآن في ليبيا هو الانقسام"، محذرا من أن  "أعضاء النظام السابق سيكونون بؤرة لتويتر كبير في المشهد؛ لأنهم شعروا بإقصاء كبير، وكل طرف الآن يشد بالحبل بطريقة ستؤدي إلى كارثة".


ورأى أن "الأشكال في ليبيا يتمثل في أنه لا يوجد سلطة تأسيسية محايدة، فكل طرف من الأطراف الموجودة الآن يطمع في الاستمرار بالسلطة".

 

من جانبه قال المحلل السياسي، موسى ترسي، في تصريح لـ"عربي21"؛ إن "تأجيل إجراء الانتخابات لأي موعد تقرره السلطات المختصة ليس مهما بقدر أهمية مخرجاتها، كون أن الحكمة تقتضي التأني والتريث وحساب مآلات الأمور، عوضا عن اتخاذ قرارات وإملاءات بعيدة كل البعد عن الواقع الليبي اليوم".

وأضاف: "البلاد تمر بأزمة سياسية، اقتصادية وأمنية خطيرة جدا، ومن الصعوبة بمكان إجراء انتخابات في مثل هذه الظروف". 

وتابع: "أطراف الصراع سيلجؤون للاحتكام إلى السلاح إذا كانت نتائج الانتخابات في غير صالحهم، خاصة بعد ظهور المرشح سيف الإسلام القذافي تغيرت نظرة الغربيين وخاصة الولايات المتحدة الداعية بإصرار إلى إجراء الانتخابات في موعدها المقرر، حيث تشير كل القرائن إلى أن الأخير يحظى بدعم من الكرملين".

وخلص ترسي في تحليله إلى القول: "لذا من الأفضل لليبيا والليبيين تأجيل إجراء هذه الانتخابات، لكي يتسنى للجميع الاستعداد بشكل أفضل؛ لأن الغاية منها تكمن في لملمة شتات الليبيين، وإخراج البلاد من دوامة الفوضى والعمل على حلحلة المشاكل بدلا من حرق المراحل بشكل متسرع، أو غير محسوب العواقب من خلال دفع الأمور إلى الأمام فقط".

 

المفاجآت القادمة


في سياق متصل، قال المحلل السياسي أحمد الروياتي؛ إن تأجيل الانتخابات لم يكن مفاجئا، بل كان متوقعا منذ نحو 20 يوما مضت، مشددا في حديث متلفز على أن "الخوف الآن من المفاجآت القادمة بعد هذا التاريخ، ومستقبل السلطة الحاكمة في البلاد".


وشدد على أنه "لا أحد يستطيع أن يتنبأ بما سيجري بعد انقضاء موعد الانتخابات، خاصة مع وجود تحشيدات عسكرية شهدتها العاصمة طرابلس، والتغيرات الحاصلة على مستوى التحالفات، والحديث الذي يدور عن مساعي البرلمان لإعلان خارطة طريق جديدة".


من جهته، يعتقد الكاتب والمحلل السياسي صلاح البكوش، أن أي محاولات جديدة لإخراج سلطة جديدة في البلاد من مجلس النواب ستفشل، وذلك لأن المجتمع الدولي لا يريد أي تغيير، ولن يسمح بتعقيد المشهد أكثر من ذي قبل، لأنه لا يرد أن يبدأ من الصفر مجددا.

 

اقرأ أيضا: محللون يعلقون على مقترح تأجيل انتخابات ليبيا واجتماع بنغازي

وأضاف البكوش قائلا؛ إن من "يريدون الآن فتح الباب أمام سلطة جديدة في البلاد، هم أنفسهم من اختاروا من هم موجودين في السلطة الآن، دون اعتبار للكفاءات.

 

صراع إرادات


ويرى البكوش أن هناك صراع إرادات بين من يريد أن يعيد الأمور إلى ما قبل اتفاق جنيف (نتج عنه السلطة الجديدة)، ليتح لنفسه الفرصة أن يتحكم في المشهد، كعقيلة صالح والمتحالفين معه، وطرف آخر مدعوم من المجتمع الدولي لا يريد أن يبدأ من الصفر، ويريد استكمال خارطة الطريق التي أقرتها الأمم المتحدة".

عضو هيئة صياغة الدستور الليبي، نادية عمران، قالت؛ إنه "على مجلس النواب أخذ العبر مما سبق، فإن تجاهل الواقع السياسي الموجود في ليبيا، وانتهاج سياسة عدم التوافق التي ينتهجها مجلس النواب، لن يفضيا إلى انتخابات بالمطلق".

وأضافت في حديث لـ"عربي21": "وضع خارطة طريق للمرحلة المقبلة تبدأ باحترام نصوص الإعلان الدستوري والاتفاق السياسي، وبمشاركة الأطراف الفاعلة لتحديد الخطوات القادمة التي ترتكز على التوافق على قاعدة دستورية تصدر استنادا عليها قوانين انتخابية، وصولا للانتخابات"، وفق رؤيتها.