صحافة دولية

إيكونوميست: قلق يوناني من التفوق البحري التركي عليها

خبير أمني: الغواصات "ستعيد تشكيل التوازن البحري بين اليونان وتركيا"- الأناضول

نشرت مجلة "إيكونوميست" تقريرا حول ما رأت أنه تفوق بحري تركي في شرق المتوسط على حساب اليونان، مشيرة إلى أن الغواصات التي زودت بها تركيا هي السبب.

 

وأوضحت المجلة في تقريرها ترجمته "عربي21"، أن الشاطئ الجنوبي من خليج أزميت يتشكل فيه مستقبل البحرية التركي؛ ففيه أول ست غواصات صممتها ألمانيا واقفة في البحر بعد تعويمها من رصيفها في آذار/مارس، وستنضم "بيري ريس" إلى الأسطول في العام المقبل، وستتبعها خمس غواصات أخرى في السنوات اللاحقة. وهو انتصار لتركيا وصداع لليونان. 


وفي العام الماضي، تشاجر البلدان في البحر المتوسط مع أنهما من أعضاء حلف الناتو، وتصادمت البوارج البحرية لديهما بعدما أرسلت تركيا سفينة بحث للمياه، وردت اليونان بتحشيد الحلفاء لها في أوروبا والشرق الأوسط، واشترت عددا من الطائرات الفرنسية، وفي كانون الأول/ديسمبر أعلنت عن زيادة النفقات الدفاعية إلى 5.5 مليار يورو.


وتظل هذه الميزانية أقل من نصف المستوى التركي، وتظل البحرية التركية أكبر وأحدث؛ فحاملة الطائرات الخفيفة "الأناضول" التي صممتها إسبانيا، لا تزال في المراحل الأخيرة من بنائها.

 

وتعلق المجلة، أن الغواصات الجديدة ستفاقم المشكلة. فغواصات "ريس" هي نسخة من الغواصة الألمانية نوع 214 التي تعمل في البحرية البرتغالية واليونان نفسها وكوريا الجنوبية، وتتميز بأنها مستقلة عن الهواء، أي إن الغواصات يمكنها العمل بدون دفع هوائي، وهو ما تحتاجه الغواصات التي تعمل على الديزل.

 

ويرى يوهانيس بيترز من معهد سياسة الأمن كيل، أن هذه الغواصات المستقلة عن الهواء يمكن أن تعمل لعدة أسابيع، وعلى خلاف الغواصات التي تعمل على الطاقة النووية لا تحدث انبعاثات صوتية، وهي صالحة للمياه الضحلة في النقاط الساخنة التركية- اليونانية. 


وترى المجلة أن إضافة خمس غواصات حديثة يعدّ إضافة للناتو، فالطرف الجنوبي للحلف يزداد سخونة، ففي 23 حزيران/يونيو قامت السفن الروسية بإطلاق النار على مدمرة بريطاينة في مياه شبه جزيرة القرم.

 

وبعد يومين، قامت روسيا بمناورات جوية وبحرية في البحر المتوسط، ما أدى لمواجهة مع حاملة طائرات بريطانية في البحر المتوسط. ثم أبطأت غواصة أمريكية تعمل على الوقود النووي في جبل طارق.

 

وفي الوقت نفسه، يرى إيمانويل كارغيانيس من كينغز كوليج في لندن، أن الغواصات "ستعيد تشكيل التوازن البحري بين اليونان وتركيا". ويمكن للغواصات أن تستخدم لجمع المعلومات من المياه المتنازع عليها والتنصت على الكوابل تحت الماء، التي تخطط اليونان لبنائها حتى تصل إلى قبرص ومصر وإسرائيل.

 

ويقول كارغيانيس؛ إن الغواصات يمكن تسليحها بصواريخ مضادة للسفن، وتستطيع "تحييد القدرات اليونانية المضادة للغواصات". وكل هذا يعتمد على قدرة تركيا على دمج أسلحتها المحلية بالغواصة المصممة على الطريقة الألمانية.

 

ومع أن اليونان لم تعارض الصفقة التي وقعت عام 2009، إلا أن المواجهات في العام الماضي غيرت الأمور. وقال مسؤول يوناني: "لا نقول: عليك ألا تبيعها لتركيا". وما نقوله الآن: "عليك ألا تبيعها لتركيا الحالية".

 

وتريد اليونان من ألمانيا وقف الصفقة، قائلة إن الغواصات يمكن بيعها لدولة أخرى. وأشارت إلى مثال الولايات المتحدة التي منعت تركيا من شراء مقاتلات أف-35 بعد شرائها منظومة صواريخ أس-400 الروسية، لكن دعوات اليونان لم يتم الاستماع إليها.

 

وتوقفت عدة دول في الاتحاد الأوروبي عام 2019 عن بيع السلاح لتركيا بعد عملياتها في سوريا. وفي العام الماضي، وقفت ألمانيا وإيطاليا وإسبانيا ودول أخرى ضد دعوة لحظر شامل على بيع السلاح  لتركيا.

 

وتقول المجلة؛ إن المقاومة الألمانية لإلغاء صفقة الغواصات ليس مدهشا، فقيمتها تصل إلى 3.5 مليار دولار، وهو مبلغ ضخم مقارنة لصادراتها من السلاح لعقد كامل وقيمتها 14 مليار دولار.

 

وتعدّ ألمانيا الأولى في العالم بسوق الغواصات، وقد باعت 120 منها إلى 17 قوة بحرية منذ الستينيات. والزبون الأخير هو أستراليا التي تفكر بشراء الغواصة الألمانية من نوع 214، حتى تحصل على الغواصات الفرنسية المتوقعة في العقد الثالث من القرن الحالي.


لكن الدوافع المالية ليست هي كل القصة، فعلاقة تركيا مع الاتحاد الأوروبي وموقعها في الناتو باتت محلا للخلاف. وتريد فرنسا واليونان وقبرص التحرك بقوة لمنع ما ترى أنه سلوك توسعي لتركيا. أما ألمانيا وإيطاليا وإسبانيا، فلا تريد أن يتحول الأمر إلى نزاع مر. ويرى المسؤولون اليونانيون أن أنغيلا ميركل المسكونة بهاجس الهجرة، تسمح لتركيا بابتزاز أوروبا. 


وقال المسؤول اليوناني؛ إن ميركل دفعت في 24 حزيران/يونيو باتجاه تقديم 3 مليارات يورو إلى تركيا لمتابعة الحزمة بقيمة 6 مليارات يورو التي أقرت عام 2016. ورغم تراجع عبور المهاجرين إلى أوروبا بمستوى النصف، إلا أن هناك 3 ملايين لاجئ في تركيا ينتظرون.

 

وبعيدا عن الشكاوى اليونانية، ترى ألمانيا أن دعم تركيا له بعد استراتيجي، وبخاصة في الطرف الجنوبي للناتو، حيث بدأت روسيا بتأكيد قوتها. وهناك ملامح محلية تتعلق بالسياسة الألمانية، ففي ألمانيا هناك أكبر تجمع للأتراك الألمان وعددهم 3 ملايين نسمة.

 

وقالت سنيم أدار الباحثة في معهد الدراسات التركية التطبيقية: "علاقات ألمانيا مع تركيا ليست أمرا يتعلق بالسياسة الخارجية، بل هو موضوع محلي".

 

ويساعد الموقف الألماني، أن البحر المتوسط هادئ الآن، وقام الناتو بعقد ست جولات من المحادثات بين القوات التركية واليونانية، وتم إنشاء خط عسكري ساخن لاستخدامه في الأزمة.

 

ولا تزال المفاوضات بين البلدين حول حقوق التنقيب جارية وبتقدم بطيء. والتقى رئيس الوزراء اليوناني كرياكوس ميتسوتاكيس مع أردوغان على هامش قمة الناتو في 14 حزيران/يونيو.