قضايا وآراء

مبادرة حمدوك.. تسجيل حضور داخلي!

1300x600
(1)
خلافاً للكثير من التحليلات والآراء، فإنني أرى مبادرة رئيس الوزراء السوداني د. عبد الله حمدوك يوم الثلاثاء الماضي (٢٢ حزيران/ يونيو ٢٠٢١م)، محاولة "تسويق داخلي" وإعادة حضور في تفاصيل الفعل السياسي، وتأكيد فاعليته في المشهد. ويمكن التدليل لذلك بثلاث إشارات:

- هي امتداد للخطاب السابق، في ١٥ حزيران/ يونيو ٢٠٢١م، حيث ركز على قضايا ذات اهتمام وارتباط بالمجتمع الدولي ومؤتمر الهايبيك (HIPC) وضرورة تنفيذ المجتمع الدولي وعوده.

- خلا الخطاب الأخير من مدح "الشابات والشباب والكنداكات والمرأة السودانية.. الخ" وركز على طرح قضايا يكون محورها د. حمدوك، فهو نجم اللحظة واللقطة الآنية..

- خلط كل الأوراق السياسية (عسكري- عسكري، مدني- عسكري، مدني- مدني)، دون الإشارة لفشل الجهاز التنفيذي في ابتداع سياسات خلاقة وإدارة كفؤة. لقد هدف إلى تحميل الآخرين فاتورة الفشل، وصاغ ذلك في عبارة موجزة: "لقد شهدت الفترة الماضية تصاعد الخلافات بين شركاء الفترة الانتقالية بما يشكل خطراً جدياً، لا على الفترة الانتقالية فحسب، بل على السودان كله"..

(2)
والفقرة أعلاه تعتبر اعترافاً بالفشل، دون تحمل عواقبه، بل رمى ذلك على شرائح وقطاعات أخرى من الفاعلين في المشهد السياسي. ود. عبد الله حمدوك وبقية المستشارين يستشعرون وقائع مهمة:

- مناداة قوى حية من بين الحاضنة السياسية لإسقاط الحكومة (تاني وتالت) لتبني مواقف تصعيد وإعتصامات وتتريس وتظاهرات وربما دعوة لعصيان مدني..

- تسريبات تململ أطراف من الحكومة الراهنة للبحث عن بدائل وخيارات أخرى، بدلاً عن د. حمدوك، وهي تحركات لم تعد خفية أو سرية..

- واستناداً إلى هذه النقطة، فإن د. حمدوك، وإن كان مستعداً للمغادرة، (وكما سبق أن رجحت في أو قبل ٣٠ حزيران/ يونيو)، فإن الفشل لم يكن منه، بل من عوامل أخرى..

ولذلك خاطب مرة أولى المجتمع الدولي لتحقيق مساهمة فاعلة في مؤتمر الهايبيك (٢٨ حزيران/ يونيو ٢٠٢١م)..

(3)
من الواضح أن المبادرة "هشة" في البناء والتواصل، فقد أنكرت قوى الحرية والتغيير استلامها للمبادرة، ورد الفريق أول عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة الانتقالي والقائد العام لقوات الشعب المسلحة، وبحضور الفريق أول محمد حمدان دقلو في تنوير للضباط يوم الأربعاء (٢٣ حزيران /يونيو ٢٠٢١م)؛ بأن "المؤسسات العسكرية موحدة" ودعا لعدم الالتفات لـ"الشائعات وزرع الفتن"..

وفي الأسواق والمدن تنشط مجموعة بالدعوة للتوقيع على عريضة "أختونا"، أي "دعونا وشأننا"، وهي دعوة للحكومة للاستقالة..

ومع غياب أفق وحلول القضايا الملحة (معاش الناس)، فإن أي مبادرات سياسية لا تخاطب واقع المجتمع لن تكون محل نقاش أو تداول، ناهيك عن ترحيب، فالمواطن مشدود لتفاصيل يومه..

إن هذه المبادرة، فقط أكدت على حقيقتين:

- وجود أزمة سياسية في المنظومة الحاكمة، وفقر في التواصل وتنازع على المناصب والمصالح..

- فقدان الحكومة للمشروعية بعد اختلاف الحاضنة السياسية ونزع التفويض والتأييد..

ويبقى الخيار الأكثر ترجيحاً، رد الأمر للشعب والأمة من خلال تسريع انتقال بانتخابات وتفويض شعبي وبناء مؤسسات دولة..