صحافة دولية

WP: نتنياهو يستلهم من ترامب "الوقفة الأخيرة" له قبل السقوط

بايدن كان سابقا ضمن إدارة أوباما التي حظيت بعلاقة متوترة جدا بنتنياهو- جيتي

نشرت صحيفة "واشنطن بوست" مقالا للصحفي إيشان ثارور، قال فيه إن من المقرر أن يفقد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو منصبه في الأيام المقبلة، لكنه بعد أن بقي على المسرح السياسي لمدة ربع قرن، "لن يذهب دون قتال".

ففي الأيام الأخيرة، شن نتنياهو ومساعدوه جولة بعد جولة من الهجمات ضد خلفائه المحتملين. والمستهدف الرئيس لتلك الهجمات هو نفتالي بينيت -السياسي اليميني المتطرف الذي كان ذات يوم حليفا وثيقا لنتنياهو-، ولكن من المقرر أن يصبح رئيسا للوزراء للعامين المقبلين كجزء من اتفاق تقاسم السلطة مع الائتلاف المناهض لنتنياهو.

 

ونتنياهو غاضب مما اعتبره خيانة بينيت له، وأصر على أن مدير مكتبه السابق باع الناخبين اليمينيين في إسرائيل لصالح الائتلاف "الخطير" و "اليساري" – بالرغم من أن معظم أعضائه ينتمون إلى أحزاب الوسط أو اليمين.

 

اقرأ أيضا: الكنيست يصوت على حكومة الإطاحة بنتنياهو الأحد المقبل

وأضاف ثارور أن نتنياهو اتهم وبلغة تشبه تلك التي استخدمها صديقه المقرب، الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، خصومه بأنهم مهندسو "احتيال القرن"، وصور نفسه ضحية لمؤامرات "الدولة العميقة" لإسرائيل.


وشابت هذه الديماغوجية الواضحة خطاب نتنياهو السياسي في السنوات الأخيرة، بينما سعى إلى التهرب من تهم الفساد، وأغرق البلاد في دوامة لا نهاية لها على ما يبدو من أربع انتخابات في غضون عامين، ولا تزال محاكمته بتهم رشوة وسائل الإعلام جارية.


وفي الوقت ذاته، أصدر رئيس الشاباك، جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي، تحذيرا نادرا من "الخطاب العنيف جدا والتحريضي" الذي يستهدف المشرعين المعارضين لنتنياهو. وقال مسؤول في الشاباك لموقع "Vice News" إن الوكالة، التي تركز عادة بشكل أكبر على التهديدات التي تواجه إسرائيل من الأراضي الفلسطينية، تشعر بالقلق من احتمال وقوع اضطرابات داخل اليمين الإسرائيلي.

 

وقال المسؤول: "نشهد تهديدات وانشقاقات داخل الجماعات المتطرفة تحتاج إلى مراقبتها عن كثب؛ بسبب مخاوف من أن المتطرفين قد يتصرفون بعنف".


بعبارة أخرى، فإن نتنياهو يؤسس لسيناريو لا يختلف عما حدث في الأسبوع الأول من شهر كانون الثاني/ يناير في أمريكا. 


وكتب ألون بينكاس في صحيفة "هآرتس" اليومية الإسرائيلية ذات الميول اليسارية: "مع خروج صديقه ترامب من السلطة، والذي لا يزال يتمتم ويشكو حول كيف سرقت الانتخابات منه من الديمقراطيين ووسائل الإعلام، ولدى نتنياهو صفحة أخيرة ينسخها من كتاب قواعد اللعب الخاص بترامب: 6 كانون الثاني/ يناير الخاص به.. نتيجة للتحريض والتضليل، ليتلقى بعدها القضاة والمدعون العامون والآن أيضا قادة المعارضة حماية إضافية بعد أن هدد أنصار نتنياهو حياتهم".

وحث بينبت خلال عطلة نهاية الأسبوع، نتنياهو، على التراجع ووقف حملة "الأرض المحروقة". وغرد بيني غانتس، وزير الحرب الإسرائيلي وشخصية قيادية أخرى في الائتلاف المناهض لنتنياهو، على "تويتر": "إذا قرر نتنياهو "حرق النادي"، فسوف يضر بالدولة ويضر بإرثه.. أدعوه إلى قبول النتائج الديمقراطية واحترام العملية الديمقراطية كما فعلنا دائما، حتى عندما كانت صعبة للغاية على قطاعات كبيرة من المجتمع الإسرائيلي".

 

اقرأ أيضا: WP: البيت الأبيض يبحث طرق التعامل مع تغير حقبة نتنياهو

ويبدو أن نتنياهو وأنصاره مصرون على موقفهم. وقالت شيرا روبين، مراسلة "واشنطن بوست"، في تقرير لها، إن "المتظاهرين خارج منازل ومكاتب بينيت ولبيد وآخرين كثيرين أصدروا تهديدات مبطنة بالقتل، ورفعوا لافتات تحمل شعارات وصورا تذكر بتلك التي شوهدت في الفترة التي سبقت اغتيال رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق رابين في عام 1995. وقتل رابين برصاص مستوطن يهودي متطرف، اعتبر أن اتفاقات السلام التي أبرمتها الحكومة اليسارية مع الفلسطينيين ترقى إلى الخيانة".


ويسود الآن جو مماثل. على التلفزيون الإسرائيلي، حيث قامت ماي غولان، عضوة الكنيست من حزب الليكود بزعامة نتنياهو، بوصف بينيت وزعماء آخرين في الحكومة الجديدة المحتملة بأنهم "إرهابيون" و"مفجرون انتحاريون".

 

ولجأ نتنياهو نفسه إلى القناة 20 الإسرائيلية، وهي شبكة شبيهة ببعض القنوات الأمريكية اليمينية التي كررت مزاعم ترامب الكاذبة بشأن انتخابات تشرين الثاني/ نوفمبر، للتذمر من المؤامرات المفترضة ضده والهجوم على وسائل الإعلام الإسرائيلية الأخرى.

 

وبعد تعليق حسابات وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بنجل رئيس الوزراء، يائير نتنياهو، مؤقتا، عندما حث أنصاره على الاعتصام أمام منزل أحد النواب المعارضين، اعتبر مسؤولو الليكود أنفسهم ضحايا "رقابة" شركات التكنولوجيا الكبرى.

وقال المؤرخ في جامعة "ييل" تيموثي سنايدر: "الرئيس ترامب كذب كذبة كبيرة بأن الانتخابات مزورة.. وهذا يخوله والآخرين السعي وراء السلطة بطرق غير ديمقراطية. تم إضفاء الطابع المؤسسي على الكذبة من خلال تشريعات الولايات التي تمنع التصويت، وهذا يعطي المجالس التشريعية في الولاية نفسها الحق في تقرير كيفية تخصيص الأصوات الانتخابية في الانتخابات الرئاسية ".

ويقول ثارور إنه "إذا فشلت مناورة نتنياهو الأخيرة ولم يتمكن من عزل المنشقين اليمينيين عن ائتلاف خصومه، فسيظل قوة سياسية بارزة كزعيم لليكود. وليس هناك ما يضمن أن الائتلاف الجديد -الذي كان مبدأه الموحد الوحيد هو الإطاحة بنتنياهو- سيكمل ولايته الكاملة، والتي من المتوقع خلالها أن يتنازل بينيت عن منصب رئيس الوزراء للزعيم الوسطي يائير لابيد".

وحتى لو استمرت، فمن المحتمل أن الحكومة الإسرائيلية القادمة ستواصل الكثير من إرث نتنياهو -ليس أقلها نهج رئيس الوزراء تجاه الفلسطينيين- لكن حنق ناخبي الليكود والفصائل اليمينية الأخرى التي تُركت في العراء سيستمر.

 

وكتب الصحفي في صحيفة "هآرتس" أنشل بفيفر، أن فرص بينيت في "الفوز بعدد كاف من المقاعد في انتخابات مستقبلية للعودة كرئيس للوزراء ضئيلة للغاية.. زعيم حزب صغير يعمل كرئيس للوزراء هو حدث غريب لن يتكرر".