أفكَار

كيف تعامل إسلاميو المغرب مع "البلوكاج"؟ رؤية محمد يتيم

محمد يتيم: العدالة والتنمية عالج تداعيات البلوكاج مؤسساتيا- (عربي21)

نتائج الانتخابات المحلية والتشريعية كانت جوابا من الناخبين ومن خلال صناديق الاقتراع على أن حصيلة الحزب في التدبير كانت حصيلة إيجابية.. فعلى المستوى الجامعي أفرزت الانتخابات المحلية الجماعية تصدر الحزب للانتخابات في المدن الكبرى بما في ذلك المدن التي تخضع لنظام وحدة المدينة ونظام المقاطعات، حيث تقدم الحزب في كثير منها بالأغلبية المطلقة وحصل على عمادة مدن كبرى مثل طنجة وتطوان وسلا والرباط والدار البيضاء ومراكش وأكادير ومكناس وفاس وعددا آخر من المدن المتوسطة والصغرى إضافة إلى حصوله على رئاسة جهتين هما جهتا الرباط والراشيدية.
 
وزكت الانتخابات التشريعية هذا التقدم، حيث حصل الحزب على 125 مقعدا وحاز في عدد من الدوائر على مقعدين فضلا عن تصدر لائحته النسائية.
 
مني حزب الأصالة والمعاصرة الذي كان ينعت بحزب "التحكم" أو الوافد الجديد بخسارة سياسية فادحة بالنظر إلى ما حشد له من دعم وتحشيد وبحكم أنه لم يحقق الغاية من تأسيسه ألا وهي إزاحة حزب العدالة والتنمية من صدارة المشهد السياسي لدرجة أنه قد وقعت عملية تجريف لعدد من الأعيان من عدد من الأحزاب لترشيحهم باسم الوافد الجديد، لكن تطلعه ذلك باء بخيبة أمل واسعة.

العاهل المغربي يعين بن كيران رئيسا للحكومة

وتفعيلا لمقتضيات الدستور وخاصة الفصل 47 الذي يقضي بتعيين رئيس الحكومة من الحزب الذي يتصدر الانتخابات عين الملك الأستاذ عبد الإله بن كيران رئيسا للحكومة مكلفا بتشكيلها في أول سابقة في تاريخ المغرب يتم فيها تكليف رئيس حكومة من نفس الحزب السياسي.

مفاوضات عسيرة لتشكيل الحكومة

غير أن المغرب سيدخل في مرحلة (تعطيل لمسار تشكيل الحكومة) أو ما سيعرف بالبلوكاج الذي دام ستة أشهر بسبب عدة عوامل كان أولها خروج حزب الاستقلال من المعادلة بسبب تصريحات أمينه العام عبد الحميد شباط اعتبرت مسيئة للشقيقة موريتانيا. وكانت قد بذلت محاولات مستميتة قادها زعيم حزب الأصالة والمعاصرة من أجل تشكيل تحالف من عدد من الأحزاب لتكوين أغلبية يتم إخراج الحزب المتصدر للانتخابات منها في تعارض تام مع روح الدستور الذي تقوم على احترام الإرادة الشعبية.
 
كان الأستاذ عبد الإله بن كيران حريصا على ضم حزب الأحرار لأسباب لا تخفى وهو ما اضطره لانتظار عقد مؤتمره الوطني. غير أن اشتراطات زعيم حزب الأحرار وخاصة ما يتعلق بنقطة عدم إدراج مسألة الدعم المباشر نحت بالمفاوضات منحى لا يبشر أنها ستكون سهلة.

بعد فشل "المحاولة الانقلابية" الأولى على نتائج صناديق الاقتراع سينشأ تحالف رباعي حول رئيس التجمع الوطني للأحرار ضم احزاب الاحرار والاتحاد الاشتراكي والحركة الشعبية والاتحاد الدستوري وهو التخالف الذي سعى للدخول لمفاوضات تشكيل الحكومة ككتلة سياسية واحدة مما دفع رئيس الحكومة المعين إلى رفض ذلك وإصدار بلاغ (انتهى الكلام) ويصدر موقفا حاسما رافضا للتفاوض مع (التحالف الجديد) ومن ثم إعلان موقف حاسم رافض لدخول حزب الاتحاد الاشتراكي للحكومة من بوابة التحالف المذكور بعد أن كانالأستاذ عبد الاله بن كيران يفكر في البداية ضمه لأغلبية عريضة تتشكل من أحزاب العدالة والتنمية وحزب الاستقلال وحزب الأحرار وربما الحركة الشعبية.
 
سعى الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية لتقريب وجهات النظر، وكان حزب التقدم والاشتراكية قد  ربطته علاقة وثيقة بحزب العدالة والتنمية وأمينه العام تجسدت من خلال عدد المناصب الحكومية التي كان قد حصل عليها في الحكومة الأولى للأستاذ عبد الإله بن كيران..

دخلت المفاوضات الى طريق مسدود نتيجة لذلك دام حوالي ستة أشهر ليصدر الملك قرارا بإعفاء الاستاذ عبد الإله بن كيران وتعيين الدكتور سعد الدين العثماني رئيسا للحكومة.

وخلال استقباله بالقصر الملكي من أجل تكليفه بتشكيل الحكومة أبلغ جلالة الملك الدكتور سعد الدين العثماني بأن يبلغ تحياته لمناضلى الحزب وتأكيد حرصه على أن يشتغل الحزب إلى جانبه.

قدم الأستاذ عبد الإله بن كيران دعما واضحا لتعيين الدكتور سعد الدين العثماني وأسهم بقوة خلال أشغال المجلس الوطني في إقناع أعضائه باتخاذ قرار مواصلة المشاركة في الحكومة، لكن ضم الاتحاد الاشتراكي للحكومة كان نقطة ستنقل أزمة البلوكاج من أزمة موضوعية مرتبطة بمسار المفاوضات إلى مشكلة تنظيمية داخلية ستعرف بتداعيات البلوكاج على المستوى التنظيمي. 

الولاية الثالثة وانتخاب الدكتور سعد الدين العثماني أمينا عاما للحزب خلفا لبن كيران

وقد تجلت تلك التداعيات واضحة في النقاش الداخلي الحاد حول قضية تعديل النظام الداخلي للحزب كي ينص على امكانية إسناد مسؤولية الأمانة العامة لنفس الشخص لثلاث ولايات وليس إثنين كما جرى العمل بذلك، وهو ما لم يقره المجلس الوطني لتتواصل تداعيات البلوكاج على المستوى الداخلي قبل أن يقرر المجلس الوطني أن تدبير مرحلة ما بعد الانتخابات التشريعية هو مسؤولية حماعية.
 
خلال المؤتمر الثامن للحزب الذي نظم سنة 2017 سيتم انتخاب الدكتور سعد الدين العثماني أمينا عاما لحزب العدالة والتنمية ترجيحا لخيار وحدة القيادة الحزبية والمسؤولية الحكومية في انتخابات عرفت تنافسا كبيرا بين الدكتور سعد الدين العثماني والدكتور إدريس الآزمي الذي سينتخب رئيسا للمجلس الوطني كي تحسم تداعيات أزمة البلوكاج تنظيميا مع توصية من المؤتمر بتنظيم حوار داخلي..

 

إقرأ أيضا: محمد يتيم: هذه جذور إسلاميي المغرب التاريخية والسياسية

 

إقرأ أيضا: قصة إسلاميي المغرب والعبور من المساندة النقدية إلى المعارضة

 

إقرأ أيضا: محمد يتيم: هكذا واجه إسلاميو المغرب سياسة الاستهداف

 

إقرأ أيضا: كيف أدار إسلاميو المغرب الحكم لفترتين متتاليتين؟ وزير يجيب