صحافة دولية

ما أهداف تركيا من الوقوف إلى جانب أوكرانيا؟

الرئيس الأوكراني ونظيره التركي اتفقا على مواصلة التعاون في المجال الدفاعي- الأناضول

نشرت صحيفة "غازيتا الروسية" تقريرا سلطت فيه الضوء على مخاوف موسكو من التقارب السياسي والتعاون العسكري بين تركيا وأوكرانيا، وأهداف كل منهما من هذا التقارب الذي يأتي في إطار سياسة تعدد المحاور التي تعتمدها أنقرة، فيما تسعى كييف للاستفادة من التكنولوجيا العسكرية التركية المتطورة، خاصة في مجال الطائرات المسيرة.


وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن روسيا تشعر بالقلق تجاه تقارب بعض الدول مع أوكرانيا في سياق التوتر الحالي بين موسكو وكييف، ويتجه القلق الروسي بشكل خاص نحو تركيا، التي تم سابقا رصد طائراتها المسيرة وهي تحلق في سماء إقليم دونباس.


وأوضحت الصحيفة أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ونظيره التركي رجب طيب أردوغان كانا قد اتفقا على مواصلة التعاون في المجال الدفاعي، لكن في الوقت ذاته، تشير تقديرات الخبراء إلى أن خطوات التقارب التركي مع كييف تم تنسيقها مسبقا مع موسكو، بشكل لا يمنع أنقرة من السعي وراء تحقيق أهدافها.

 

اتباع نهج عدائي

 
وقد وجّه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف دعوة للأطراف المعنية بالأزمة الحالية، ومن ضمنها تركيا، للامتناع عن شحن المشاعر العسكرية في أوكرانيا.


ومن وجهة نظر لافروف، فإنه منذ الانقلاب الذي حدث في 2014، تواصل أوكرانيا اتباع نهج عدائي ضد شعبها وبتأثير وتشجيع من دول بعينها.


وكان لافروف قد دعا الدول التي تتعاون مع أوكرانيا إلى أن تتذكر كيف تعاملت الحكومة مع سكان إقليم دونباس، قبل تزويدها بالمعدات العسكرية، والمقصود على وجه خاص هو الطائرات المسيرة بيرقدار تي بي 2، التي سلمتها أنقرة لكييف قبل عامين.


وأشارت الصحيفة إلى أن تصريحات وزير الخارجية الروسي تأتي على إثر زيارة زيلينسكي إلى تركيا، حيث التقى الرئيس الأوكراني بنظيره التركي رجب طيب أردوغان. ومن ضمن المواضيع التي تم التطرق إليها التعاون العسكري، فيما تحدثت وسائل إعلام عن تحليق مسيرات تركية في أجواء دونباس.


القمة التركية الأوكرانية


وذكرت الصحيفة أن اللقاء بين زيلينسكي وأردوغان ركز على نقاط أساسية، أولها الدعم المباشر لانضمام أوكرانيا لحلف الناتو، وهو الأمر الذي تعارضه ألمانيا. كما أكد أردوغان دعمه للمبادرة الأوكرانية في شبه جزيرة القرم، حيث تسعى لتنظيم قمة دولية تتناول وضع شبه الجزيرة في آب/ أغسطس المقبل.

 

اقرأ أيضا: روسيا غير راضية عن بيع طائرات تركية مسيّرة لأوكرانيا

وقد دعا الرئيس التركي لخفض التوتر في إقليم دونباس، رغم تمسكه بتواصل التعاون العسكري مع كييف.


ورغم إشادة أردوغان بأهمية التعاون العسكري بين البلدين، فإنه أكد أن هذا التعاون ليس موجها ضد طرف ثالث، وشدد على ضرورة تنفيذ اتفاقات مينسك لحل الصراع في دونباس بشكل سلمي.


أهداف أنقرة


وتتباين آراء الخبراء حول مقاربة أردوغان في تعامله مع أوكرانيا. ويقول آمور هاجييف، من مركز الدراسات الشرقية في أكاديمية العلوم الروسية إن المكالمة الهاتفية التي دارت بين الرئيسين التركي والروسي قبل اللقاء مع زيلينسكي تمثل حدثا هاما، وهي تشير إلى أن تركيا تصرفت مع أوكرانيا بموافقة ضمنية من موسكو.


كما استبعد هاجييف أن تمضي أنقرة قدما في بناء تحالف مع كييف وإبرام اتفاقيات شراكة استراتيجية معها، بل من المرجح أن تكتفي فقط باستخدام هذه المقاربة البراغماتية من أجل اقتحام هذه السوق الكبيرة وبيع منتجاتها التكنولوجية المتطورة، على غرار الطائرات المسيرة.


في المقابل يرى فيكتور نادين راييفسكي، الباحث في مركز دراسات الاقتصاد والعلاقات الدولية في موسكو، أن أنقرة تريد استخدام أوكرانيا ورقة ضغط ضد روسيا. وحسب رأيه، فإن كييف نفسها متحمسة لأن تصبح أداة في يد تركيا، حيث أنها ترى في هذا الوضع فرصة للحصول على الأسلحة التركية التي أظهرت تفوقها في حرب كاراباخ الأخيرة، وتحديدا الطائرات بدون طيار.


الاصطفاف مع الغرب


في الوقت ذاته، يتفق الخبراء على أن أنقرة تظل وفية لسياسة تعدد المحاور التي تعتمدها على الصعيد الخارجي. ويرى آمور هاجييف أن التقارب مع كييف يعكس اهتمام تركيا الكبير بمنطقة البحر الأسود.


ويرى رايفسكي أن أردوغان يحاول من خلال دعمه لانضمام أوكرانيا لحلف الناتو التذكير بأن تركيا دولة مهمة في الحلف، وبالتالي دحض الادعاءات حول إمكانية إقصائها منه.


ويضيف: "هذه الأصوات المشككة في إمكانية بقاء تركيا ضمن حلف الناتو ترددت كثيرا في الفترة الماضية، خاصة بعد شراء أنقرة منظومة الدفاع الجوي الروسية إس 400، إلى جانب عدة خطوات أخرى مثيرة للجدل. ولكن في الواقع، التعاون بين هذا الحلف وأنقرة مهم جدا للجانب التركي، باعتبار أن أغلب أسلحتها تأتي من دول الناتو".


كما تبدو اللحظة مناسبة لأنقرة لتحسين علاقاتها مع الدول الغربية، وذلك من خلال دعم أوكرانيا في سياق المقاربة المشتركة للاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة في التعامل مع هذا الملف، والسعي لمنع التصعيد في دونباس.