ملفات وتقارير

هل تراجع السيسي عن خطه الأحمر في مواجهة إثيوبيا؟

السيسي مصر الانقلاب الرئاسة الاستفتاء- جيتي

جاء حديث رئيس الانقلاب العسكري عبدالفتاح السيسي، الأربعاء، عن هزائم المصريين بالقرن الـ20، بعد أسبوع من تصعيد لهجته بمواجهة التعنت الإثيوبي بملف المياه، وإعلان ما دعاه بـ"الخط الأحمر"؛ ليثير تساؤلات المراقبين حول أسباب تغير لهجة السيسي، ومدى تراجعه عن خطه الأحمر.

وفي الوقت الذي كان ينتظر فيه المصريون من السيسي استكمال لهجته القوية لأول مرة منذ 8 سنوات في ملف مياه النيل، عندما أعلن في 30 آذار/ مارس الماضي، أن مياه النيل خط أحمر؛ فوجئ الرأي العام المصري به يذكرهم بهزائمهم في حرب اليمن وفي حرب يونيو 1967، دون أن يذكر المصريين بانتصار أكتوبر 1973.

وقال السيسي، الأربعاء، مخاطبا إثيوبيا: "مشفتوش مواجهة 1962، و1967 عملت إيه، وتكلفتها كانت إيه، ومواجهة أشقائنا في العراق عملت إيه"، مشددا على أن "التعاون والاتفاق أفضل كثير من أي شيء".


"السيسي جزء من الأزمة"

وفي تعليقه على حديث السيسي، قال السياسي المصري حاتم أبو زيد، إن "السيسي جزء من المؤامرة، سواء كان ذلك عن علم ورغبة منه، أو لرعونته، ولكن من تتبع الخط من بداية التوقيع على اتفاقية 2015، ثم المسار العبثي للمفاوضات، يرى هذا الأمر بوضوح".

المتحدث باسم حزب "الأصالة"، أضاف في حديثه لـ"عربي21": "أدل شيء على ذلك أن السيسي في المفاوضات التي عقدت برعاية وزارة الخزانة الأمريكية، والتي انسحبت منها إثيوبيا، ووقعت مصر عليها بالأحرف الأولى، وافق فيها السيسي لأثيوبيا على ملء 18 مليار متر مكعب، وهذا ما ستقوم به إثيوبيا في الملء الثاني".

وتابع: "والمقصد من جملة السيسي جزء من المؤامرة، أنه كان يهدئ الشارع المصري ويسكنه بأحاديث: اطمئنوا، لا تخافوا، نحن نتفاوض، والآن هو يرتفع بالنبرة، ويعلن أن جميع الخيارات مفتوحة للرأي العام الداخلي، والاستهلاك المحلي".

وألمح أبوزيد، إلى أنه "في نفس الوقت يخوف الشارع بتذكيرهم بما حدث في 1967"، لافتا إلى أن "النظام العسكري في 1967 لم يكن يريد الحرب، هو فقط كان يروج لخطاب إعلامي يكسب به مزيدا من الشعبية، ويصعد منتظرا أن تحل المسألة تفاوضيا".

وأوضح، أن السيسي "كذلك يصعد ليكسب معركته داخليا، ويسعى تفاوضيا، ويؤهل الجماهير أن الحل العسكري لن ينجح"، مضيفا: "وأظن أنه يفعل ذلك حتى إذا اضطر إليه وفشل، يعلق فشله على أن الناس هي التي طلبت، وهو قد حذر، فمن ثم يغسل يديه من جريمة السد".

ويعتقد السياسي المصري، أنه "لا حل لمشكلة السد، سواء سياسيا أو عسكريا، إلا بالتخلص من السيسي ونظامه، ووقتها يمكن للشعب المصري الإعلان أن اتفاق 2015 وقعه نظام غير شرعي لا يمثل الشعب، وإثيوبيا كدولة كانت تعلم هذا، لكنها تواطأت معه، ولتسرق حقوق الشعب المصري".

وأضاف: "كما أن إثيوبيا لا تعترف بالاتفاقات التي جرت في 1902، والتي منحتها حق إدارة أراضي بني شنقول، التي يقام عليها السد الآن، مقابل ألا تقوم بأي إنشاءات على النيل الأزرق، كذلك مصر لا تعترف بها ولا باتفاقية مارس 2015 التي وقعتها مع السيسي، ويمكن لنا وقتها أن نخوض حرب تحرير لأرض بني شنقول ونسيطر على السد".

أبوزيد، أشار إلى أن "هناك ضغوطا كثيرة يمكن أن تمارس على إثيوبيا، كونها تحتل أرضا صومالية، وبنت سدود على نهر شبيلي، ما أدى لجفاف أراضي بالصومال، ولديها أزمة مع كينيا بسبب سد نهر أومو، بجانب مشاكلها مع إريتريا، بخلاف المشاكل الداخلية".

وختم بقوله: "الحلول كثيرة، لكنها لن تأتي من هذا النظام، فهو جزء من المشكلة، ولن يكون جزءا من الحل".

"حذر المصريين".. و"طمأن إثيوبيا"

وفي تعليقه على تصريحات السيسي، قال المؤرخ المصري الدكتور عاصم الدسوقي، إن "السيسي بالفعل تراجع عن الخط الأحمر الذي أعلنه لمواجهة إثيوبيا"، مشيرا إلى أن "تذكرته للمصريين بهزائم اليمن وسيناء في وقت تفاقم أزمة المياه، ليؤكد للشعب خطورة الدخول في حرب".



أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر، أضاف في حديثه لـ"عربي21"، أنه "بذلك طمأن إثيوبيا لجانب مصر، وأنها لن توجه ضربة عسكرية للسد، بل ومنحها فرصة كي تواصل تعنتها"، مؤكدا أن "كل ما يحدث هو لصالح إسرائيل".

ويعتقد أن الحل الذي يتم دفع مصر نحوه هو "الموافقة على توصيل مياه النيل لإسرائيل عبر سيناء"، مبينا أن "هذا أصل المشكلة؛ لذا منحت إسرائيل أبي أحمد جائزة نوبل للسلام لهذا الغرض".

"ليست معركته"

الكاتب الصحفي رئيس تحرير جريدة "المصريون"، جمال سلطان، يعتقد في حديثه لـ"عربي21"، أن السيسي بالفعل تراجع عن خطه الأحمر بمواجهة إثيوبيا.

سلطان، أكد أن السيسي "يخشى أن يخوض معركة حقيقية"، لافتا إلى أنه "لم يخض في حياته أي معركة، سوى معركته مع مواطنين مدنيين عزل في ميدان رابعة أو مسجد الفتح".

وأضاف أن "السيسي يخشى أن يدخل مواجهة ويخسرها أو يفشل فيها فيخسر الكرسي"، مضيفا أن موقفه المتخاذل الأخير أعطي الفرصة لإثيوبيا "لاستكمال عنادها وتحقيق أهدافها، ومنحها الشرعية التي كانت تفتقدها".

سلطان، أشار إلى ما كتبه عن الأمر بصفحته عبر "فيسبوك"، مخاطبا الذين يُذكِرون المصريين بحرب 67 وآثارها الكارثية على الوطن، في إشارة إلى السيسي، مذكرا إياه بأن "النكسة لم تكن بسبب الحرب وقتها، إنما بسبب وجود دولة فاسدة وجيش فاسد ونظام ديكتاتوري قمعي فاسد وقيادة فاسدة".

الكاتب المصري المعارض تساءل في بوست آخر مخاطبا السيسي: "لماذا تأسست الجيوش؟ ولماذا أنفقنا ثروات هائلة اقتطعناها من قوت الشعب الفقير لشراء "الرافال"، و"أف 16"، وحاملات الطائرات والبوارج وآلاف الدبابات ونصف مليون مقاتل؟".

"تساؤلات مواقع التواصل"

وعبر صفحته بـ"فسيبوك"، تساءل السياسي المصري المهندس سمير عليش، عن سبب التحول السريع للسيسي، من الإعلان الصارم عن الخط الأحمر للتذكير بالهزائم والزعم بأن ٢٥يناير 2011، سبب أزمة مياه النيل، منتقدا عدم تذكيره "بانتصارنا وعبورنا من قاع اليأس إلى قمة البأس في 1973".


وعلى نفس المنوال، تساءل الكاتب الصحفي سليم عزوز: "ماذا عن الخط الأحمر؟ ولماذا تحصر نفسك (السيسي) في هزيمة 67؟"، مؤكدا أن "السيسي يتراجع اليوم عن خطابه قبل أيام".