ملفات وتقارير

كيف سيؤثر انقسام فتح وقائمة القدوة على فرص عودة دحلان؟

قال مراقبون إن "دحلان ملاحق قانونيا وغيابه كشخص عن الانتخابات لا يعني أنه غائب سياسيا"- جيتي

مع تفاقم الخلافات داخل حركة "فتح" وما أفرزته من انقسامات داخل جسمها التنظيمي، تقرأ "عربي21" مدى تأثير هذا الوضع على فرص عودة القيادي المفصول من "فتح" محمد دحلان إلى الحياة السياسية الفلسطينية من بوابة انتخابات المجلس التشريعي.


وتوجت خلافات "فتح" الداخلية الخميس، بقرار لجنتها المركزية فصل القيادي ناصر القدوة، بسبب موقفه من الانتخابات ونيته تشكيل قائمة منفصلة عن قائمة "فتح" الرئيسية التي يعمل عليها قائد الحركة محمود عباس، في حين يخطط القيادي البارز في "فتح" الأسير مروان البرغوثي، للترشح لانتخابات الرئاسة في تحد واضح لمرشح الحركة عباس.


وشهدت الأيام الماضية عودة المئات من كوادر وعناصر تيار دحلان إلى قطاع غزة عبر معبر رفح البري، نتيجة تفاهمات سابقة بين التيار وحركة "حماس"، التي تدير قطاع غزة.


وفي تعليقها حول مدى تأثير قرار فصل القدوة على وحدة "فتح" التي ستخوض الانتخابات في الفترة القريبة المقبلة، أكدت حركة "فتح" على لسان الناطق الرسمي باسمها حسين حمايل، أنه "لن يؤثر، وبالعكس؛ لأن ناصر القدوة معروف امتداده الجماهيري وحجمه وتواصله مع الناس، وفي الأصل هو بعيد عن الشارع".

 

اقرأ أيضا: قيادي بفتح: كان يجب التدرج بالعقوبات قبل فصل القدوة


وأضاف في تصريح سابق خاص بـ"عربي21": "في النهاية هو من سيدفع ضريبة عدم التزامه فقط"، منوها إلى أن فصل القدوة هو "رسالة لكل من يحاول أن يغلب أهواءه الشخصية وأجنداته الخاصة على المصلحة العامة".


وعن مدى تأثير تفاقم خلافات حركة "فتح" الداخلية على فرص عودة القيادي المفصول محمد دحلان للحياة السياسية الفلسطينية، أوضح الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل، أن "الأمر لا يتعلق بدحلان كشخص، ففي موضوع الانتخابات، دحلان سيرشح قائمة ولربما يدعم قوائم أخرى".


ونبه في حديثه لـ"عربي21"، أن "القانون الفلسطيني يمنع أي شخص عليه حكم قضائي من الترشح للانتخابات"، في إشارة منه للقضايا المتهم فيها دحلان، التي تتطلب أن يمثل أمام المحاكم الفلسطينية للبت فيها.


وذكر عوكل أن "دحلان ملاحق قانونيا، ولكن غيابه كشخص عن رأس قائمة انتخابية أو عن الانتخابات، لا يعني أنه غائب سياسيا، بل هو حاضر سياسيا من خلال التيار الذي يمثله"، متوقعا أن يكون هناك "تنسيق مع ناصر القدوة أو مع آخرين".


إعادة تموضع


وأكد أن "ضعف التيار المركزي لحركة فتح هو في مصلحة دحلان، ولفترة قادمة على الأرجح هو كشخص، ليس له دور سياسي إلا من خلال التيار أو القائمة التي تمثله، خاصة في ظل هذا الوضع القلق داخل فتح"، مضيفا: "دحلان موجود في السياسة ومؤثر وفاعل من خلال التيار".


وعن مدى زيادة قدرة دحلان على التأثير في السياسية الفلسطينية بعد فصل القدوة، قال: "من الواضح أن دحلان بعد فصل القدوة الذي ربما يتبعه قرار فصل آخرين من قيادات فتح وكوادرها، مستفيد من هذا الوضع بالتأكيد، وهذا يظهر كما هي الأوضاع لدى فتح هشة وضعيفة وقلقة ومفككة".


من جانبه، أكد الباحث في الشؤون السياسية والعلاقات الدولية منصور أبو كريم، أن "دحلان يستعد للدخول للنظام السياسي عبر بوابة الانتخابات، وهو يعمل على الاستفادة من انتخابات المجلس التشريعي، لإيجاد ثقل في النظام السياسي، يستطيع من خلاله تعزيز وجوده في الساحة السياسية الفلسطينية".


وأضاف لـ"عربي21": "يسعى دحلان بقوة إلى تحقيق نتائج إيجابية من خلال صندوق الاقتراع، من أجل إعادة تموضعه على المستوى السياسي والشخصي في النظام السياسي الفلسطيني بعد ابتعاده لفترة".

 

اقرأ أيضا: دحلان يعلق على فصل القيادي ناصر القدوة من حركة فتح


ولفت أبو كريم إلى أن "دحلان استعد لهذه المرحلة بشكل جيد، بتكوين تياره الذي أطلق عليه "التيار الديمقراطي"، وهو تنظيم مواز لتنظيم حركة فتح، يريد من خلاله فرض نفسه كلاعب مؤثر في المعادلة السياسية الفلسطينية عبر الانتخابات".


ورجح أن "يكون دحلان وتياره، هو المستفيد الأول من انتخابات التشريعي، بما يمتلك من إمكانات مادية ولوجستية ستمكنه من تحقيق نتائج إيجابيه".


وحول مدى استفادة دحلان من قرار فصل القدوة، رأى الباحث أن "دحلان لن يستفيد كثيرا من فصل عضو اللجنة المركزي ناصر القدوة، مع التأكيد أن هذا القرار يمثل تحديا إضافيا لحركة فتح قبل إجراء الانتخابات التشريعية".

 

أما الكاتب والمحلل السياسي وسام عفيفة، أكد أنه "من الصعب أن ينسى الشعب الفلسطيني إرث أي قائد وسلوكه السياسي ومواقفه، وهذا يصبح جزءا أساسيا من تقيمه لأداء هذا القائد". 

وأضاف في حديثه لـ"عربي21": "مسألة أخرى؛ هل ما زال يرتبط هذا القائد بتلك القضايا التي أدت إلى الانقسام؟، ودحلان الذي كان يمثل رأس حربة في محاربة الإسلام السياسي، هل ما زال يتبنى هذا المشروع؟"، منوها إلى أن "هذه الإرث ما زال حاضرا في الأذهان". 

ولفت عفيفة إلى أن "تيار دحلان يحاول تغيير هذا المسار، وهو يعمل على هذا الموضوع من خلال البعد الإنساني والتركيز على البعد الاقتصادي، ومن الملاحظ أن تيار دحلان مقل في الحديث عن برنامجه السياسي"، معتبرا أن "الاختبار الحقيقي للتيار عندما يتحدث عن برنامجه السياسي؛ موقفه من اتفاقية أوسلو، التطبيع، التنسيق الأمني والعلاقة مع الاحتلال". 

ورأى أن "دحلان يعود للمشهد الفلسطيني ليس من بوابة القائد السياسي وإنما من بوابة التيار الذي يحاول أن يرمم آثار الانقسام، خاصة في البعد الاقتصادي والمعيشي". 

وذكر أن دور دحلان السياسي القادم وقوته، "يعتمدان على حركة فتح، ومدى قدرتها على أن تكون حاضرة في المشهد وتعيد غزة إلى الصدارة". 

ورجح أنه "في حال كان هناك دورا حقيقا وفاعلا لفتح أبو مازن، اعتقد أن دور دحلان سيكون محدودا، ولكن في حال استمر تشقق فتح وعدم اهتمام أبو مازن بغزة، هذا سيعطي دحلان مجالا أوسع للحضور في المشهد الفلسطيني، لأنه سيشكل أحد البدائل للفتحاويين الذين يشعرون بالقهر والظلم من تيار أبو مازن".