ملفات وتقارير

انتقادات واسعة.. لماذا "همّشت" زيارة البابا السُنة بالعراق؟

بابا الفاتيكان فرنسيس زار مدينة النجف والتقى بالمرجع الشيعي في العراق علي السيستاني- الأناضول

أثارت زيارة بابا الفاتيكان فرنسيس إلى العراق، جدلا بين العراقيين بعدما تجاهلت عقد أي لقاء مع علماء الدين من المكون السني واقتصرت على الاجتماع مع المرجع الأعلى للشيعة في النجف علي السيستاني.

ورغم حديث البعض أن البابا سبق أن التقى بشيخ الأزهر أحمد الطيب في عام 2019، كممثل للسنة في العالم الإسلامي، إلا أن الانتقادات في العراق تحدثت عن خصوصية وحساسية موضوع المكونات في الحالة العراقية.

إقصاء وتهميش

من جهته، قال السياسي العراقي عبد الكريم العبطان إن "أي ضيف يأتي إلى العراق مرحب به، خاصة شخصية مثل بابا الفاتيكان، كونه يحمل رسائل مهمة تسمى برسائل السلام، لكن كان المفترض بمنظمي الزيارة وحتى البابا نفسه التفكير بأن استثناء مكون كبير مثل السُنة يثير أكثر من تساؤل".

وتساءل العبطان في حديث لـ"عربي21" قائلا: "هل كان الأمر متعمدا تجاهل السُنة أو غير ذلك؟ لكن إذا كانت حسن النوايا موجودة لدى البابا، فإنه بعد صدور أكثر من بيان بخصوص الموضوع، كان بإمكانه أن يلتقي بالمجمع الفقهي لكبار العلماء الممثل لأهل السنة".

وأضاف: "المكون السني ظلم وحتى الآن لديه آلاف المغيبين والمختطفين والمعتقلين، إضافة إلى أن بيوتهم هدمت وهُجروا من مناطقهم، وبالتالي فهم يعانون الكثير في العراق، فكان الأولى بالبابا- وهو رجل سلام- أن يسلط الضوء على مظلوميتهم، والآن أصبحت هناك غصة عند المكون السني بعدم زيارة من يمثلهم".

 

اقرأ أيضا: البابا فرانسيس يزور الموصل ويدعو المسيحيين للعودة إليها

وتابع العبطان قائلا: "أي مراقب يلاحظ أن الجانب السياسي كان طاغيا على زيارة البابا إلى العراق، وأن خطبته فيها مسحة سياسية حين تحدث عن النظام السياسي وعدم وجود درجة أولى وثانية في البلد وهو يعي ما يقول، لذلك كان عليه أن لا يستثني أهل السنة في العراق".

وقبل ذلك، انتقد النائب محمد الكربولي عن اتحاد القوى العراقية (أكبر ممثل للسنة بالبرلمان) ما أسماه "محاولات إقصاء وتهميش دور المكون السني"، خلال زيارة بابا الفاتيكان فرنسيس إلى العراق.

وكتب الكربولي تغريدة على موقع "تويتر"، السبت، قال فيها: "المرجعية الدينية السنية في العراق لا تقل عن الأزهر الشريف بمصر، نتفهم الظروف المعقدة التي تعرقل لقاء سماحة البابا بمرجعيتنا الكبيرة بقلوبنا رغم محاولات إقصاء وتهميش دور المكون السني الكبير".

 

 

 

 

أبعاد انتخابية

وفي المقابل، رأى النائب المسيحي في البرلمان العراقي، يونادم كنا، أن "زيارة إلى العراق طابعها رعوي وروحاني وإنساني، لكنه التقى قبل لقائه بالمرجع علي السيستاني، بشيخ الأزهر أحمد الطيب، والتقى هنا أيضا في العراق ببعض مشايخ السنة سواء في مدينة أور أو الموصل".

وأضاف "كنا" في حديث لـ"عربي21" إن "البابا لم يكن متعمدا في تجاهل المكون السني في البلد، وهو أيضا التقى رئيسي الجمهورية برهم صالح والبرلمان محمد الحلبوسي، والاثنان من السنة".

ورأى النائب المسيحي أن "بعض السياسيين السنة ربما أرادوا استثمارها في الحملة الانتخابية، فالانتقادات كانت لها أبعاد سياسية وانتخابية ليس أكثر، لأنه كما ذكرت التقى ممثلي السنة في العالم عندما جرى اللقاء مع شيخ الأزهر في دولة الإمارات العربية المتحدة في فبراير/ شباط 2019".

وفي السياق، رأى الباحث في الشأن العراقي، عماد حامد في حديث لـ"عربي21" أن "الصوت السني الإسلامي المعتدل (سياسيا وعلميا) غاب بشكل واضح ومؤثر خلال زيارة البابا إلى العراق".

ونوه الباحث إلى أن "هذا الفراغ الذي قد يكون متعمدا أو نتاج واقع، ترك سلبية عميقة، ولا سيما أن النماذج المقدمة سيئة للغاية، فهي بين انحراف فكري أو ضعف علمي أو انتهازية ومصلحية".

محطات الزيارة

ووصل بابا الفاتيكان فرنسيس، إلى العاصمة العراقية بغداد، الجمعة، قادما من روما، في زيارة تستغرق ثلاثة أيام، التقى خلالها فور وصوله برئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، ورئيسي الجمهورية والبرلمان.

وفي اليوم التالي، وصل بابا الفاتيكان فرنسيس، إلى مدينة النجف والتقى بالمرجع الشيعي في العراق علي السيستاني، ثم توجه إلى مدينة أور في محافظة ذي قار جنوب البلاد، والتي يعتقد أنها مسقط رأس نبي الله إبراهيم.

 

اقرأ أيضا: انتقادات لغياب "ملفات هامة" في زيارة "البابا" إلى العراق

وفي صباح يوم الأحد، وصل البابا إلى مدينة الموصل في جانبها الأيمن الذي دمرته الحرب ضد تنظيم الدولة في عام 2017 بنسبة 80 بالمئة، ثم زار قرية قرقوش، حيث التقى بمسيحيي سهل نينوى.

وبعدها توجه البابا إلى مدينة أربيل التي كانت آخر محطات زيارته التي وصفت بـ"التاريخية" إلى بلاد الرافدين،  حيث إنه قال في القداس الذي أجراه في عاصمة إقليم كردستان العراق: "الآن، اقتربت لحظة العودة إلى روما. لكنّ العراق سيبقى دائماً معي وفي قلبي".

وشارك في مراسم القداس الذي يعد الأول من نوعه في تاريخ العراق وإقليم كردستان نحو 10 آلاف مواطن تجمعوا بساحة ملعب فرانسوا حريري ومدرجات الملعب الذي يتسع لنحو 19 ألف متفرج.

وتقدم الحضور رئيس إقليم كردستان نيجيرفان البارزاني ورئيس حكومة الإقليم مسرور البارزاني وممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في العراق جينين هينس بلاسخارت وعدد من رجال الدين.