مقابلات

نخب ليبية تتحدث لعربي21 عن السلطة الجديدة والتدخلات

نخب ليبية قالت لعربي21 إن الثورة الليبية تعثرت لأن الكثير من الألغام انفجرت وعطلت المسار- جيتي

الثورة الليبية تعثرت لأن الكثير من الألغام انفجرت وعطلت المسار

 

فرصة بناء دولة ديمقراطية حديثة ما زالت قائمة وإن كان الأمل يتضاءل

 

القوى المضادة فعالة لأنها جزء من مشروع إقليمي يستهدف وأد الربيع العربي

 

المشهد السياسي صعب والسلطات الجديدة أمامها تحديات هائلة

 

الثورة المضادة في ليبيا حققت ما لم يحققه النظام السابق

 

الصراع على السلطة لن يحسم بغير الانتخابات وهذا انتصار لقوى التغيير

عبرت نخب ليبية عن أملها في تخطي البلاد للأزمة السياسية الراهنة، وصولا إلى اتفاق شامل يثبت دعائم الاستقرار، مؤكدين في أحاديث منفصلة لـ"عربي21"، أن القوى المضادة المدعومة من الخارج، عرقلت مسار الثورة، وخلقت الأزمات في ليبيا في إطار مشروع إقليمي استهدف وأد ثورات الربيع العربي في المنطقة.


عضو المجلس الأعلى للدولة، أبو القاسم قزيط، قال إن ثورة السابع عشر من شباط/ فبراير لم تحقق أهدافها بعد عقد على مرورها، مشيرا في حديث خاص لـ"عربي21" إلى أن الإنجاز الوحيد لها، أنها شكلت قطيعة مع الدكتاتورية والاستبداد.


ورأى المسؤول الليبي، أن "فرصة بناء دولة ديمقراطية حديثة ما زالت قائمة، وإن كان الأمل يتضاءل بسبب فساد النخب السياسية من كل المشارب والتدخل الأجنبي السافر والوقح".


وشدد على أن الثورة المضادة في ليبيا "كانت فعالة لأنها جزء من مشروع إقليمي يستهدف وأد الربيع  العربي"، مشيرا إلى أن "فساد وراديكالية بعض نخب الثورة، منع ظهور نخب تتبنى الثورة بعقلانية وقادرة على التعامل مع الواقع الصعب".

 

تحديات هائلة


وحول الواقع الحالي في ليبيا، قال إن "المشهد السياسي صعب، والسلطات الجديدة أمامها تحديات هائلة، لكن المناخات الدولية والإقليمية الوطنية ربما تساعد على التقدم خطوات إلى الأمام".


وعن فرص إجراء انتخابات في ليبيا نهاية العام الجاري، يعتقد قزيط أن إجراء الانتخابات في المواعيد المحددة "يحتاج إلى نصف معجزة"، مشددا على أن "الجميع يعرف ذلك، ولو كان الجميع واثقا من انتخابات في ديسمبر القادم، لما رأينا التنافس المحموم على الترشح للسلطات الجديدة".

 

اقرأ أيضا: نواب ليبيا يدعون لجلسة لاعتماد مخرجات الحوار

وأضاف قائلا: "شخصيا سأتقبل بقاءهم أشهرا إضافية في السلطة إذا شعرنا أن الأمور تتحسن، لأن فترة سبعة أشهر غير واقعية تماما للحكومة"، مشددا على أن "المناخات الدولية والإقليمية والوطنية ربما تساعد على التقدم خطوات إلى الأمام".


الكاتب والمحلل السياسي، محمد شوبار قال، "إن الثورة الليبية كان هدفها الأساسي إدارة عجلة التنمية وتحسين الوضع المعيشي للشعب الليبي، وإطلاق الحريات، ولكن التدخلات الأجنبية أدت إلى انقسام حاد في المؤسسات وخلق صراعات سياسية تطورت إلى حروب وخراب ودمار وإراقة للدماء وسرقة ونهب لمقدرات الدولة، وتواجد أكثر من 20000 مرتزق ومقاتل أجنبي وعشر قواعد عسكرية أجنبية".


ولفت شوبار في حديث خاص لـ"عربي21" إلى أنه بعد التطورات الأخيرة في البلاد، خاصة وقف إطلاق النار وفتح الحقول والموانئ النفطية، والرجوع إلى مسارات الحوار السياسي الليبي والإعلان عن السلطة التنفيذية الجديدة، "تراجعت المجموعة الدولية خطوات بشأن دعم السلطة الجديدة، وظهر ذلك جليا من خلال البيانات الضبابية التي صدرت عن المجموعة الدولية خصوصا المؤسسة الرسمية الأمريكية".


وتوقع شوبار أن يكون لحالة التراجع الدولي انعكاسات سلبية بشأن اعتماد الحكومة من مجلس النواب، ما يجعل إجراء الانتخابات في 24 من ديسمبر القادم أمرا بعيد المنال، داعيا السلطة التنفيذية الجديدة لتجديد الالتزام بتنفيذ اتفاق جنيف ومخرجات الحوار السياسي الليبي.


عضو المجلس الأعلى للدولة، عادل كرموس قال، إن "الاحتفالات بثورة فبراير لها طعم خاص لدى كل الأحرار الذين يرفضون الاستبداد والدكتاتورية ويعشقون الحرية".


وأكد في حديث خاص لـ"عربي21"، أن الكثير من الليبيين قدموا أغلى ما يملكون للثورة، فمنهم من قدم أبناءه شهداء، لأنه شعر ولأول مرة في تاريخ ليبيا أنه يملك قراره ويعبر عن رأيه بكل حرية.

 

ورأى أنه "رغم المعاناة والأزمات المفتعلة إلا أن ذلك لا يمنع الليبيين من الخروج في هذه الذكرى للتعبير عن فرحتهم".


وعن الثورة المضادة قال، "الثورة المضادة نجحت في كثير من أعمالها وحققت ربما ما لم يحققه النظام السابق، فمثلا ونتيجة الإعلام المغرض الذي تقوده الثورة المضادة محليا وإقليميا أصبح المواطن البسيط يرفض المشاركة في الانتخابات بحجة أنها لن تجلب إلا من هو سيء، وشاهدنا العزوف عنها في انتخابات البرلمان، والآن الانتخابات البلدية وأيضا هناك عزوف شبه تام عن الانخراط في الأحزاب لأنهم يرون أن الأحزاب هي سبب هذه الأزمات".


الثورة المضادة على أشدها


وأضاف: "لا زالت الحرب معلنة من الثورة المضادة وعلى أشدها من أجل إسقاط الاستحقاق الدستوري وهو تمرير مشروع الدستور عن طريق من يملكه ألا وهو الشعب الليبي".


المحلل السياسي، عبد الله حديد، قال إن الدافع الوطني من ثورة فبراير كان البحث عن إنسانية مفقودة، وحقوق مضيعة مهدورة، فكانت انتفاضة مجتمعية من أجل الإصلاح والحقوق، وكرامة الإنسان.

 

اقرأ أيضا: تحديات كبيرة تواجه حكومة ليبيا الجديدة.. أبرزها الانتخابات

ورأى حديد في حديث خاص لـ"عربي21" أن قيادة الثورة كانت لا تنتمي للمواطن البسيط، بل هي جزء من النظام فلم تسمح بالتغيير إلا فيما يناسبها، وانعكس ذلك في تشكيلة المجلس الانتقالي والمكتب التنفيذي، والسياسات التي أقرت وقت الانتقال، فهي لم تلامس واقع الناس ولا طموحهم، فاستمر النظام دون فصل بين السلطات، ولم يملأوا الفراغ الدستوري، والأسوأ أنهم رجعوا بالبلاد إلى تقسيم إداري مضى عليه خمسون عاما وهو الأقاليم الثلاثة.

 

غياب الرؤية


وشدد على أن مسار الثورة أجهض وحيل بين المواطن وما يطمح إليه، وبقي مظهر الثورة حيا دون أساسه وهو المواطن. 


ولفت إلى أن "تصدر نخبة ليبيا الغد بجناحيها الإسلامي والليبرالي أعاق خلق مناخ مناسب للتغيير، يضاف إلى ذلك، عدم وجود رؤية واضحة للحكم لدى متصدري المشهد، وعدم قراءة مشهد التغيير وطنيا ودوليا، والتعجيل بالانتخابات التشريعية العامة قبل تهيئة البيئة الانتخابية". مشددا على أن الأسباب الخارجية من تدخل أجنبي وارتهان القوى السياسية له، والتداعيات الإقليمية تأتي في المرتبة الثانية بعد الأسباب المحلية.


وشدد على أن "المشهد قد لا يكون مستجيبا لتطلعات المواطن، لكن الأمل مرتبط بمدى تمكن القيادة الجديدة من خلق رؤية توافقية تسمح بإذابة الانسداد السياسي الحالي".


عضو لجنة الحوار الليبي "لجنة 75"، عبد القادر حويلي قال، إن ثورة فبراير انتهت "يوم إجراء الانتخابات  في تموز/ يوليو 2012، حيث سلمت السلطة مبكرا، قبل أن تثبت الثورة مبادئها وأهدافها بقوة".


أطماع دولية

 
ولفت إلى أن الثورة قوبلت بقوى محلية مضادة، "ترتبط بأطماع إقليمية ودولية جندت لها ضعاف النفوس بعضهم محسوب على ثورة فبراير، ممن لهم أطماع شخصية للوصول للسلطة وتم تهيئة الرأي العام لهم بواسطة المخابرات الأجنبية بدعوة محاربة الإرهاب ثم محاربة الميليشيات والإخوان ثم عدالة توزيع الثروة وحقوق بعض المناطق ثم الاتفاق على تقاسم السلطة في الحوار".


وشدد حويلي على أن "المشهد الحالي أفضل لو تمكنت السلطة التنفيذية الجديدة من تشكيل حكومة ترضية موسعة يقبلها الجميع وتعمل على تنفيذ خارطة الطريق التي أقرها ملتقى الحوار السياسي الليبي بتونس، وصولا إلى الانتخابات العامة".


وحول رؤيته لإجراء الانتخابات قال، إنه "يمكن إجراء هذا الاستحقاق حال أقر مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة تعديل الإعلان الدستوري بمعزل عن الانتخابات".

 

الثورة تعثرت

 

الكاتب والمحلل السياسي، عبد الله الكبير قال إن الثورة الليبية تعثرت لأن طريق التغيير لم يكن ممهدا، فالكثير من الألغام انفجرت وعطلت المسار.


وأضاف في حديث لـ"عربي21" أن الشعب لم يكن مهيأ للثورة بل حلت فجأة كالزلزال، وظهرت كل المشاكل التاريخية التي خلفتها أمراض الحقب التاريخية. وما كان يمكن المضي في إنجاز استحقاقات الثورة قبل تفجر هذه المشاكل وتخرج "نتنها".

 

هجوم عنيف


وشدد على أن الثورة تعرضت لهجوم عنيف من القوى المضادة للثورة في الإقليم وهي التي سعت بكل قوة لإعادة الشعب والبلاد لحكم العسكر والاستبداد. مع استغلال الجماعات المتطرفة لحالة الانهيار لتنفيذ مشاريعها. 


لكنه أكد أن القوى المضادة لم تنجح في هزيمة الثورة التي تصارع ولم تزل، وانتشرت قيمها بين الجيل التالي الذي ولد في حضنها.


وأكد على أن تغير الظروف الدولية بعد هزيمة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب دفع الجميع إلى الرضوخ للتسوية لكن الطريق ما يزال طويلا أمام الثورة حتى تحقق أهدافها.

 

اقرأ أيضا: حكومة ليبيا الجديدة تكشف لـ"عربي21" تطورات التشكيل الوزاري

وتابع: "سيعض الأحرار في ليبيا على حريتهم بالنواجذ في مواجهة قوى الثورة المضادة والبيئة المهيأة لإعادة إنتاج الدكتاتورية في شرق ليبيا".


ولا يتوقع الكبير أن تجرى الانتخابات في موعدها، "وستظهر الخلافات حول القاعدة الدستورية وستواجه الحكومة الجديدة تحديات عديدة أمنية واقتصادية واجتماعية حتى تخلق بيئة مواتية للانتخابات"، مؤكدا أن "استمرار الدعم الدولي لمسارات التسوية هو ما قد يدفع بإجراء الانتخابات في موعدها، وقد يتم التأجيل بالتوافق بين القوى السياسية وليس بسبب وجود عرقلة". 


وختم بالقول إن "الصراع على السلطة لن يحسم بغير الانتخابات. وهذا انتصار لقوى التغيير في مواجهة قوى العسكر وحلفائهم".

المتحدث باسم المجلس الأعلى للدولة، محمد عبد الناصر قال، إن الثورة الليبية جاءت بسبب الظلم وكبت الحريات التي كانت مسلطة على الشعب من قبل نظام القذافي.


السلطة الجديدة والانتخابات


وأوضح عبد الناصر في حديث لـ"عربي21" أنه "في بداية الثورة وخاصة سنة 2012 و2013 شهدت ليبيا تحسنا ملحوظا في كل الجوانب، ولكن الثورة المضادة سرعان ما تحركت من أجل إعادة الحكم الشمولي وحكم نظام القذافي، حيث لا زلنا إلى اليوم نعاني تبعات هذه التحركات والانقلابات من أجل إنهاء ثورة فبراير التي دفع الليبيون ثمنها دماء أبنائهم".

وفي قراءة للمشهد السياسي الحالي قال عبد الناصر، إن البلاد دخلت مرحلة تسوية سياسية بين أطراف النزاع في ليبيا من أجل الوصول إلى انتخابات نهاية هذا العام، والحكومة الجديدة وهي حكومة وحدة وطنية عليها التزامات وتحديات كبيرة من أجل الحفاظ على استقرار الوضع الحالي وعدم خلق أي تجاذبات بين الأطراف المتنازعة وأن تكون على مسافة واحدة من الجميع وأن تهيئ للانتخابات كأولوية قصوى لإنهاء الانقسام السياسي والمؤسسي في ليبيا.

وتوقع أن تجرى الانتخابات القادمة في موعدها، مدفوعة بضغط دولي ومحلي على الحكومة والمجلس الرئاسي.