حقوق وحريات

السودان.. حملة اعتقالات واسعة لمواجهة الاحتجاجات

احتجاجات في السودان بسبب الغلاء والأمن يعتقل قيادات من المؤتمر الوطني- الأناضول

حذّرت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا، من خطورة اتساع حملات الاعتقال التي تشنها السلطات السودانية ضد معارضيها بالتزامن مع تصاعد الاحتجاجات على تردي الأوضاع المعيشية في السودان.

وقالت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا في بيان لها الجمعة أرسلت نسخة منه لـ "عربي21": "إن توسع السلطات السودانية في حملات الاعتقال التعسفية التي تشنها ضد معارضيها من أصحاب التوجهات المختلفة؛ أمر يثير مخاوف عدة حول أوضاع حقوق الإنسان المتدهورة بالفعل".

وأكد البيان أن "تلك الاعتقالات تتزامن مع ما تشهده مدن السودان المختلفة من احتجاجات على الظروف المعيشية الصعبة، وعجز الحكومة عن توفير متطلبات الحياة اليومية التي تمكن المواطنين من سبل العيش الكريم".

وأضافت المنظمة: "إن الحكومة السودانية شنت خلال اليومين الأخيرين حملات اعتقالات تعسفية جماعية  مبنية على الانتماء السياسي وفق قرار لجنة إزالة التمكين والتي أصدرت تعميما لولاة الولايات ولجان إزالة التمكين الولائية الخميس الماضي لاتخاذ إجراءات جنائية بواسطة النيابة العامة، في مواجهة كافة رموز المؤتمر الوطني وكوادره النشطة في المركز والولايات، ليُعاملوا بموجب المواد 13 و14 من قانون التفكيك، والمواد 35 و36 و37 من قانون مكافحة الإرهاب وغسل الأموال لسنة 2014، والمواد 50 و51 من القانون الجنائي لسنة 1991 تعديل 2020، وهو قرار يمثل انتهاكا صارخاً للقانون، ومحاولة مشبوهة لشرعنة القمع وخرق القانون".

وذكرت المنظمة أنه وبحسب إفادة أحد المحامين فإن النيابة العامة أصدرت أوامر قبض بحق 56 شخصا، تم القبض على 12 منهم: نائب رئيس المؤتمر الوطني بالولاية عبد القادر محمد علي، عميد كلية الطب جامعة القضارف دكتور جمال خالد، الدكتور حسبو محمد عبد الرحمن ـ نائب رئيس الجمهورية السابق، الصحفي حسين خوجلي عبد الإله ـ صاحب قناة فضائية "أم درمان" وصحيفة "ألوان" وإذاعة "المساء"، داؤود محمد علي، حسن جعفر، محمد عبد الفضيل السني، أبوبكر دج، محجوب محمد نور، الشيخ علي محمود، علم الدين يحيى، عوض شاويش، جاهد البرير وكافة المعتقلين مُنعوا من أخذ حاجياتهم الضرورية كالثياب والعلاج".

ولفتت المنظمة إلى أن المعتقلين بينهم كبار في السن ويعانون من ظروف صحية تحتاج إلى رعاية خاصة لا تتوافر في مقار احتجازهم كالدكتور حسبو محمد عبد الرحمن، والذي يعاني من ارتفاع ضغط الدم والتهاب حاد في الرئة، الصحفي حسين خوجلي عبد الإله والذي تجاوز السبعين من عمره، ويعاني من فقدان البصر بأحد العيون والسكري وارتفاع ضغط الدم ومريض بالقلب والشرايين، والمعتقلان داؤود محمد علي، حسن جعفر واللذان يعانيان من مرض السكري، والمعتقل عبد القادر محمد علي الذي تجاوز السبعين من عمره، أبوبكر دج، وجمال خالد وجميعهم يعانون من مرض السكري وارتفاع ضغط الدم.

وبينت المنظمة أنه وفي أعقاب الثورة السودانية شهد السودان تزايدا مقلقا في الاعتقالات التعسفية والاحتجاز غير القانوني، بالإضافة إلى سعي السلطات السودانية إلى شرعنة انتهاكاتها عبر قوانين معيبة تخالف الدستور السوداني والمواثيق الدولية ذات الصلة، وتهدر دولة القانون. 

وأكدت المنظمة أن كافة الاعتقالات التي جرت لناشطين سياسيين أو صحفيين، أو أشخاص بسبب انتمائهم الفكري والسياسي، هو جزء من أزمة أوسع نطاقاً لحقوق الإنسان في السودان، حيث باتت حرية الرأي والتعبير جريمة ممنوعة، ويعاقب ذوو الرأي المخالف بالاعتقال والفصل من الوظيفة ومصادرة الأموال.

ودعت المنظمة المجتمع الدولي الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة إلى اتخاذ موقف جاد ضد الموجة الراهنة من الاعتقالات للخصوم السياسيين، وضد حرمان المعتقلين من حقهم في المحاكمة العادلة وضمان وفاء السودان بالتزاماته فيما يتعلق بحقوق الإنسان على نحو كامل، وإلغاء كافة القرارات والقوانين التي تم سنها لعقاب مجموعة من المواطنين لمجرد آرائهم السياسية المعارضة.

وتشهد مناطق مختلفة في السودان منذ عدة أسابيع احتجاجات على غلاء المعيشة، ولم يؤثر في ذلك إعلان تشكيل حكومة جديدة مكلفة بإصلاح الاقتصاد المتعثر.

واندلعت في الأسابيع الماضية احتجاجات في العاصمة الخرطوم ومدينة القضارف في شرق السودان بسبب الأوضاع الاقتصادية، تخللتها عمليات نهب وسرقة.

واتهمت السلطات السودانية قيادات في حزب المؤتمر الوطني بالوقوف خلف هذه الاحتجاجات، وعمدت إلى تنفيذ حملة اعتقالات شملت العديد من قياداتهم.

يذكر أن "لجنة إزالة التمكين ومحاربة الفساد واسترداد الأموال"، التي تم تشكيلها نهاية العام 2019، قد أصدرت قرارات بإنهاء خدمة المئات من العاملين في مؤسسات الدولة، بينهم قيادات ومستشارون وقضاة ودبلوماسيون، بدعوى تبعيتهم لنظام الرئيس المعزول، عمر البشير (1989 ـ 2019).

وكانت احتجاجات شعبية استمرت أشهراً، بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية، أدت إلى إسقاط نظام عمر البشير في نيسان (أبريل) 2019.

 

إقرأ أيضا: بعد مظاهرات حاشدة بالسودان.. 3 تعهدات من السلطة الانتقالية