صحافة دولية

كاتب روسي: انهيار أمريكا والاقتصاد العالمي أمر حتمي

الانهيار الاقتصادي، بحسب الكاتب، مرتبط بعدم قدرة الحكومات على إعادة سحب الدولارات والنقود غير المغطاة من الاقتصاد، دون إيقاف الاقتصاد- جيتي

كتب الكاتب والمحلل السياسي الروسي ألكسندر نازاروف، عن قناعته بحتمية انهيار الولايات المتحدة الأمريكية والاقتصاد العالمي.

ويقول نازاروف في مقال نشرته قناة "روسيا اليوم": "تعيش الولايات المتحدة الأمريكية والاقتصاد العالمي سنواتهما الأخيرة في شكلهما الحالي، وانهيار الاقتصاد الأمريكي والنظام الاقتصادي العالمي ككل هو أمر لا مفر منه حتما".

يستدل الكاتب على هذا التنبؤ بالإشارة إلى أن "قوانين الاقتصاد موضوعية، شأنها في ذلك شأن قوانين الفيزياء".

وعلى غرار قانون حفظ الطاقة "الطاقة لا تفنى ولا تستحدث من العدم"، كذلك في الاقتصاد، لا يمكن أن يأتي أي شيء من فراغ، أو أن يختفي في فراغ.

وهذا يعني، وفقا للكاتب، أنه لا يمكن طباعة النقود هكذا ببساطة من الفراغ، أو سحبها من الاقتصاد دون تبعات مؤلمة، وسوف يؤثر ذلك حتما على التوازن بين المال والسلع، ويغيّر من أسعار السلع.

كذلك فالتضخم في الاقتصاد يخضع لقانون نيوتن الثاني "القوة هي حاصل ضرب الكتلة في التسارع"، وعليه فإن التضخم (F) يتناسب طرديا مع "كمية النقود المتداولة (M) مضروبة في سرعة تداول هذه النقود (A)".

وبالتالي، فإن إجمالي الطلب لا يحدده فقط مقدار الأموال التي يمتلكها المستهلكون، ولكن أيضا معدل تسوقهم. وإذا حاول المستهلكون الاقتصاد في مدخراتهم ولم ينفقوا كل قرش إضافي، فإن عدد المعاملات يتناقص، وسرعة تداول الأموال (A) تنخفض، ويحدث عندها انخفاض في الأسعار (F)، وهذا يقود إلى الانكماش وانخفاض الطلب والإنتاج وتسريح العمال في هبوط متسارع.

 

اقرأ أيضا: مجلة: للصين هدف خفي من وراء تجارب لقاحاتها عالميا

ومن أجل الحفاظ على مستوى الأسعار (F) ولتجنب الصدمة الانكماشية، فإن الحكومة تقوم حينها بزيادة مقدار الأموال (M)، كما حدث أثناء الكساد الكبير عام 1929.

وهذا بالضبط ما نعيشه الآن، حيث أن البنوك المركزية لأكبر دول العالم تطبع في سعار شديد أموالا بالدولار واليورو والين غير مغطاة بالبضائع. فمثلا، كل خامس دولار متداول في العالم الآن تمت طباعته هذا العام وحده، أي أن البنك المركزي الأمريكي زاد المعروض النقدي بنسبة 20 بالمئة في أقل من عام.

ويقول نازاروف: "حجم ضخ كميات الأموال غير المغطاة (M) جنوني وغير مسبوق في تاريخ البشرية بأسرها، ولا تقوم بذلك الولايات المتحدة الأمريكية فحسب، بل تقوم به أيضا أوروبا واليابان والصين".

هذا الوضع يقود إلى "التضخم المفرط"، والذي ينجم عن انخفاض سرعة تداول النقود (A)، بسبب أن الناس يلجأون لادخار أموالهم في ظل جائحة كورونا والحجر الصحي، ما يؤدي إلى انخفاض الإنتاج والدخل وعدد المعاملات.

لذا تحاول الحكومات عبر ضخ الأموال رفع كمية النقود المتداولة، كي تعوّض انخفاض عدد المعاملات فقط (أي سرعة تداول النقود A).

والانهيار الاقتصادي، بحسب الكاتب، مرتبط بعدم قدرة الحكومات على إعادة سحب الدولارات والنقود غير المغطاة من الاقتصاد، دون إيقاف الاقتصاد.

كما أنه إذا بدأ المستهلك فجأة بالإنفاق مرة أخرى، بدلا من الادخار، فإن سرعة تداول النقود (A) ستزداد، ومن ثم سيرتفع حاصل ضربها في كمية النقود المتداولة (M) وهو ما سيرفع قيمة (F) أي سيؤدي إلى "تضخم مفرط".

 

ويصل إلى نتيجة بأن "الانتعاش الاقتصادي أصبح أمرا غير وارد، فإما أن يستمر العالم في الانزلاق للكساد إلى الأبد، أو أن يبدأ التضخم المفرط".

والتضخم المفرط في الدولار واليورو والين يعني "توقف التجارة العالمية، وانهيار جميع السلاسل الصناعية والتكنولوجية حول العالم". وبشكل عام، يعني ذلك نهاية العولمة والنظام العالمي بشكله الحالي، وهبوط مستوى المعيشة بمقدار النصف، وما يتبعه ذلك من ثورات وفوضى، كما يقول الكاتب.

 

اقرأ أيضا: الأمم المتحدة: الفقر يهدد أكثر من مليار شخص بسبب كورونا

وينبه إلى أنه ليس من الضروري لرفع سعر التداول محاولة إعادة الاقتصاد إلى طبيعته، بل يكفي فقط ارتفاع أسعار السلع في الولايات المتحدة الأمريكية بنسبة 8-10 بالمئة، وهذا سيغير التوقعات التضخمية.

وتابع: "الفائدة في البنوك الغربية قريبة من الصفر، وتوفير المال لم يعد مربحا، وبمجرد أن يلاحظ الأمريكيون والأوروبيون ارتفاع الأسعار، ويقرروا عدم الادخار، بل إنفاق الأموال قبل أن تفقد قيمتها، في تلك اللحظة بعينها سينمو التضخم بسرعة الانهيار الجليدي".

ويضيف: "بمنتهى البساطة والمنطق، تدرك النخب الاقتصادية العالمية أن العالم بشكله الحالي، وسلطتهم في طريقها نحو الأفول. كل ما هنالك أنهم يحاولون تضييع الوقت قدر الإمكان قبل طلقة الموت الأخيرة".

ويعتقد أنه لا أحد يمكنه التنبؤ بموعد حدوث ذلك، لكن جائحة كورونا ضاعفت من معدل تدهور الأزمة، ولم يبق وقت طويل على الانهيار، لكنه بالتأكيد لم يعد مسألة عقود.