سياسة تركية

محامية تركية: ندرس مقاضاة السيسي أمام الجنائية الدولية

غولدن سونمز أكدت أن "فرص نجاح الدعوى القضائية التي قامت برفعها ضد السيسي وآخرين في تركيا كبيرة جدا"- عربي21

كشفت المحامية الحقوقية التركية، غولدن سونمز، عن أنهم يعملون حاليا على بحث إمكانية مقاضاة رئيس الانقلاب المصري، عبد الفتاح السيسي، أمام المحكمة الجنائية الدولية، مضيفة: "يوجد لدينا ملف شامل يتم تجهيزه، ونخطط لتقديم طلبنا إلى المحكمة الدولية قريبا".

وقبل أيام، أعلنت "سونمز" أن مكتب المدعي العام في إسطنبول فتح، الثلاثاء الماضي، تحقيقا ضد السيسي و29 مسؤولا مصريا؛ بتهمة التعذيب، وارتكاب جرائم ضد الإنسانية.

جاء ذلك على خلفية دعوى قضائية رفعتها "سونمز"، نيابة عن طالب مصري مُقيم بتركيا يُدعى عمر جمال إبراهيم، الذي أكد أنه "جرى اعتقاله في 4 مراكز احتجاز و7 سجون ومقرين للاستخبارات لمدة 3 سنوات، تعرض خلالها للتعذيب".

وأكدت "سونمز"، في مقابلة خاصة مع "عربي21"، أن فرص نجاح الدعوى القضائية التي قامت برفعها ضد السيسي وآخرين في تركيا كبيرة جدا، لافتة إلى أنه "في حال صدور أحكام قضائية نهائية في تركيا ضد السيسي والمسؤولين الآخرين سيتم وضع أسمائهم على قوائم المطلوبين لدى المنظمة الدولية للشرطة الجنائية (الإنتربول)، وسيتم القبض عليهم حينما يقومون بزيارة أي بلد عضو في المنظمة الدولية للشرطة الجنائية، سواء تركيا أو غيرها".

وتاليا نص المقابلة:

 

ما أبعاد الدعوى القضائية التي قمتم برفعها ضد السيسي؟ وما هي الأدلة التي تستندون إليها؟

 

القوانين التركية والدولية تسمح لنا برفع دعاوى قضائية ضد مسؤولين في الدول الأخرى، خاصة إذا كانت الانتهاكات تتعلق بجرائم ضد الإنسانية، وبالتالي فالدعوى التي قدمناها بحق السيسي والمسؤولين المصريين الآخرين تستند إلى حق تركيا في محاكمة الأجانب الذين يرتكبون جرائم ضد الإنسانية في بلدان أخرى بغض النظر عن جنسية المتضرر، فتركيا تملك صلاحية المحاكمة الدولية، لذا هذا الملف يطالب بمحاكمة السيسي ومَن هم تحت إمرته على جرائم القتل والاعتقال والتعذيب التي قاموا بارتكابها.


أما الأدلة فهي آثار التعذيب الموجودة على جسد موكلنا الطالب المصري عمر جمال إبراهيم، إلى جانب فقدانه لجزء من بصره. كما لدينا معلومات وتقارير للطب الشرعي ومقاطع فيديو وصور حول الجرائم التي ارتكبها السيسي ومَن هم تحت إمرته، وعمليات الإعدام الذي نفذوها خارج نطاق القضاء، والاعتقالات، وممارستهم للتعذيب في المخافر والسجون، فقد تم إدراجها في الطلب المُقدم كدليل.

في حال صدور حكم من القضاء التركي ضد السيسي.. كيف سيتم تنفيذه والجميع يعلم العداوة المتبادلة بين النظامين المصري والتركي؟


إن القضاء التركي مستقل، والأدلة موجودة وواضحة في طلب الدعوى القضائية التي تقدمنا بها، لذلك يجب أن تتم المحاكمة بشكل مستقل عن العلاقات التركية المصرية؛ لأن الموضوع يتعلق بجرائم التعذيب، كما أن دولا عديدة، من ضمنها تركيا ومصر، طرف في اتفاقية مناهضة التعذيب واتفاقية الأمم المتحدة، لذا نتوقع استمرار عملية التحقيق، وإصدار الإنتربول قرار باعتقالهم بعد عملية المقاضاة.

ونأمل ألّا تؤثر العلاقات بين مصر وتركيا على عملية المقاضاة، سواء سلبا أو إيجابا، وما نطالب به هو إجراء مقاضاة عادلة، وكشف الأدلة والجرائم، وإصدار الأحكام والعقوبات اللازمة. وملف القضية يتضمن كل ما يلزم بشكل واضح، وبإمكان السيسي والـ29 الآخرين استخدام حق الدفاع من خلال توكيل محامين لهم بتركيا في حال تم رفع الدعوى القضائية ضدهم.

ما فرص نجاح الدعوى القضائية التي قمتم برفعها ضد السيسي؟


كما تعلمون أن جرائم التعذيب ومحاكماتها تختلف عن الجرائم الأخرى؛ لذا سيتم في نهاية المطاف مقاضاتها ومعاقبة مرتكبيها كجرائم الحرب، وأؤمن بذلك كمحامية. ونجاح هذه القضية مرتبط برفعها مشفوعة بكل الأدلة القانونية، لذلك عملية رفع الدعوى القضائية وسيرها ومحاكمة السيسي والمسؤولين الآخرين يُعد نجاحا للقضية في حد ذاته، لكن الجانب الأهم لذلك هو مساهمة تلك الدعوى القضائية في منع عمليات التعذيب المتواصلة، إضافة إلى أن عمليات اعتقال السيسي ومسؤوليه في بلدان أخرى سيكون أمرا واردا باستمرار، حتى لو لم يأتوا إلى تركيا. فحال صدور أحكام قضائية نهائية في تركيا ضد السيسي والآخرين سيتم وضع أسمائهم على قوائم المطلوبين لدى المنظمة الدولية للشرطة الجنائية (الإنتربول)، وسيتم إلقاء القبض عليهم حينما يقومون بزيارة أي بلد عضو في المنظمة الدولية للشرطة الجنائية.

البعض قد يقول إن الدعاوى القضائية ضد ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في جريمة اغتيال "خاشقجي" لم تنجح.. فما الذي يجعل دعوتكم القضائية ضد السيسي مختلفة عن الدعاوى الأخرى ضد ابن سلمان؟


قضية "خاشقجي" وولي العهد السعودي محمد بن سلمان لم تنته بعد، وما زالت مستمرة في القضاء التركي، حيث إن هناك دعوى مرفوعة بهذا الشأن.

وعلى الرغم من أن الدعوى التي رفعنها بحق السيسي و29 شخص آخرين لم تختلف عن قضية "خاشقجي" من ناحية تقنية قانونية، لكن لكل قضية خصوصيتها، وملفنا يتضمن أدلة ملموسة حول الجرائم المرتكبة ومَن ارتكبها، لذلك يمكنني القول إن فرصة نجاح هذا الملف عالية جدا، كما أرى أن فرصة نجاح قضية "خاشقجي" عالية على المدى البعيد.

وفي الحقيقة، هذه الأمور كلها تتعلق بالنقاشات الجارية حول ما إذا كانت "سيادة القانون" أم "سيادة القوة" أقوى. نحن نؤمن بأن سيادة القانون هي التي ستتغلب على القوة، وأنه سيتم مثول مَن يمارسون الظلم ضد الناس بالقوة أمام القانون ومحاسبتهم أمام القضاء، وهذا سيظهر من خلال هذه القضايا المرفوعة.

ألا ترون أنكم تأخرتم في رفع هذه الدعوى القضائية وذلك بعد أكثر من 7 سنوات على انقلاب السيسي؟


هذا لا يُشكّل مشكلة كبيرة، لأن الظروف التقنية لها تأثير على ذلك، كما تعلمون هناك عدد كبير من المصريين فقدوا حياتهم جراء التعذيب والمجازر، وأعدموا خارج نطاق القضاء، لكن ذويهم لم يتمكنوا من رفع دعاوى قضائية، كما أن عددا كبيرا منهم سُجنوا وتعرضوا للتهديد، كما حدث لمحمد سلطان الذي تم احتجاز أفراد عائلته بسبب المبادرة التي قام بها في الولايات المتحدة.

وفي نهاية المطاف، العديد من الناس بقوا مكتوفي الأيدي؛ نتيجة تعرضهم للتهديد، مثلما حصل لموكلي (عمر إبراهيم)، حيث تم سجن شقيقيه في مصر، ولا أخبار عن شقيقه الأصغر منذ أكثر من 30 يوما، ولا يُعرف أين يتم احتجازه، لكن موكلي وجد الحل في القانون، ولجأ إلى القضاء، وهناك العديد من الناس يريدون القيام بذلك، لكن تهديدهم باحتجاز أقاربهم من جهة، وانعدام الإمكانيات، وعدم منح القضاء في بلادهم إمكانية القيام بذلك من جهة أخرى، كانت من الأسباب التي حالت دون اللجوء لمثل هذه الخطوة.

لكن موكلي المقيم في تركيا تمكن من رفع هذه الدعوى نتيجة نضج جميع الشروط. وبالنسبة لي فإن الوقت لم يتأخر، رغم مرور 7 أعوام على الأحداث، لأن المهم بدء عملية المقاضاة، ونحن اليوم نجحنا في ذلك، وآمل في أن العديد من المصريين الذين يجدون الإمكانية سيقومون برفع دعاوى قضائية، لأن حالات التعذيب وجرائم القتل تُقدر بالآلاف، كما هو مبين في ملف قضيتنا.

هل ستكون لكم تحركات أخرى مستقبلا بشأن محاكمة السيسي دوليا؟


بالفعل، نحن نعمل حاليا على تقديم شكوى إلى المحكمة الجنائية الدولية في مدينة لاهاي الهولندية، لا تتعلق فقط بموكلنا عمر إبراهيم، يوجد لدينا ملف شامل يتم تجهيزه، ونخطط قريبا بتقديم الطلب إلى المحكمة الدولية.

كيف تنظرون لأوضاع حقوق الإنسان في مصر حاليا؟


انتهاكات حقوق الإنسان مُمنهجة ومتواصلة في مصر، من بينها سوء المعاملة، والتعذيب، وظروف السجون غير الإنسانية، ومحاكمة المدنيين في المحاكم العسكرية، وعدم وجود إمكانية الدفاع عن النفس في المحاكم، بالإضافة لانتهاك حق المقاضاة بشكل عادل، والاختفاء القسري، وتنفيذ عقوبة الإعدام. وهذه الانتهاكات الممنهجة لحقوق الإنسان هي نتاج نظام الحكم العسكري الانقلابي، وآمل أن يتحسن الوضع في أقرب وقت ممكن.

لا يمكننا أن نغض الطرف عن تعرض أي شخص للانتهاكات ونقف مكتوفي الأيدي أمامها، بغض النظر عن البلد الذي ينتمي إليه أو عقائده الدينية، أو فكره السياسي أو عرقه، وما نريده وقف انتهاكات حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم، بما فيها مصر.

لا يمكنني أن أتحدث حاليا عن شيء ملموس حول ما إذا كان سيحدث تطور إيجابي بخصوص مصر، ولكن يجب رفع دعاوى قضائية ضد كل مَن يمارس التعذيب وينتهك حقوق الإنسان بموجب القانون الدولي، وإذا لم يتمكن الناس المظلومون من القيام بذلك، فيجب دعمهم ليتمكنوا للوصول إلى العدالة وتسهيل أمورهم. والمطلوب من المؤسسات الدولية القيام بمسؤولياتها حيال ذلك، وأرى أنه سيكون من المفيد اتخاذ بعض المؤسسات مثل الأمم المتحدة، والمحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، ومنظمة التعاون الإسلامي، خطوات بناءة وتوجيهية حيال مصر.