مدونات

إضاءات عن الصحراء المغربية‎

حسان الشويني- كاتب مغربي
في كل مرة تطفو قضية الصحراء المغربية تصاحبها نوبة هيستيريا إعلامية من المعسكر الشرقي المتهاوي والذي ما زال يفكر بمنطق الحرب الباردة. وحتى نكون أكثر صراحة فالحديث عن مليشيات البوليساريو هو حديث عقيم، والأجدر أن نتحدث مباشرة عن الجزائر أو السلطة الجزائرية، فهي الممول ومن أبجديات الحروب أن الضعيف يصبح رهينة لمن يزوده بالسلاح. 

لن نتحدث هنا عن تاريخ الأرض لأننا سنجد أنفسنا أمام حدود مغربية تنتهي في نهر السنغال، ولن نبحث عن دولة اسمها البوليساريو لأنها لا توجد أصلا، إذا نحن أمام أمر واقع: مغرب يسيطر على أرضه من طنجة إلى الصحراء، ويستثمر ويشيد الموانئ والضيعات الفلاحية الغنية بالخضر، وبحار تجود عليه بشتى أنواع الأسماك. هذه هي الحقيقة ومن يتواجدون في تندوف، ونتحدث عن المسلحين طبعا لأن أغلب المدنيين محتجزين لا لاجئين؛ مجرد نتيجة لمعاداة القذافي وبومدين للنظام الملكي بالمغرب.

النظام في الجزائر لا هو سويسري ولا هو ديمقراطي، لكنه لا يجد حرجا في الحديث عن دعم الشعوب في تقرير المصير. لو تحدث بلغة المصالح لكان الأمر هيناً في عالم تحكمه المصلحة بين الدول.. عجيب حب الشعوب الذي لم يجد طريقه للطوارق بدولة مالي، ولم يجد طريقه لدعم إقليم كاتالونيا، لكنه وجد طريقه للصحراء بعد أن آوتهم مدينة وجدة من شتاء الاحتلال الفرنسي.. ما علينا.

حقيقة إن مخاطبة العالم بلغة الأخلاق من طرف النظام الجزائري في ملف الصحراء المغربية يبعث على الغثيان، هو نفس النظام الذي تسبب في العشرية السوداء، هو نفس النظام الذي دعم النظام البراميلي في سوريا ضد شعبه.

الكثير من الجزائريين المغرر بهم يدعمون انفصال جنوب المغرب بدعوة أن الانفصاليين ثائرين عن "المخزن"، وهنا لا بد من توضيح بسيط، فالقضية لدى المغاربة ليست قضية نظام أو تسلط هذا موضوع آخر تماما، ولم نطلب ولن نطلب من أي شخص غير مغربي أن يؤيد النظام في المغرب، هذه مسألة داخلية كما لكم قضاياكم الداخلية، القضية تتجاوز ذلك ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن نختلف على حدود المغرب تحت أي ظرف أو حكم. أي خطاب استمالة للشعب المغربي فيه تأييد واضح لتقسيم المغرب فهو يستهدف المغاربة بشكل مباشر ولا حاجة للحربائية.