ملفات وتقارير

محلل روسي: وقف حرب "قره باغ" بيد أنقرة.. وموسكو سترد

لم يستبعد أونتيكوف أن تلجأ روسيا إلى ممارسة ضغوط على تركيا في جبهات أخرى، مثل سوريا وليبيا وشرق المتوسط- جيتي

اعتبر المحلل السياسي الروسي، أندريه أونتيكوف، أن قرار وقف الحرب الدائرة في "قره باغ" بين أذربيجان والانفصاليين الذين تدعمهم أرمينيا، "تركي بامتياز"، في اتهام لأنقرة بلعب دور في استمرار المواجهة.

 

وفي حديث لـ"عربي21"، شدد أونتيكوف على أن روسيا لا يمكنها الاكتفاء بمراقبة ما يجري على حدودها الجنوبية، رغم التزامها الحياد بين طرفي الصراع.

 

وقال: "برغم حديث أذربيجان عن إصرارها على خروج القوات الأرمنية من قره باغ، فإن الحل لن يكون على ساحة القتال، ولن يكون في باكو أو يريفان، بل في أنقرة".

 

وأضاف: "كلنا نعلم أن تركيا أعلنت دعمها الواسع لأذربيجان، وما دامت الأخيرة تشعر بوجود هذا الدعم فإنها ستواصل العمليات القتالية في قره باغ".

 

وشدد أونتيكوف على ضرورة "إقناع الجانب التركي بالتوصل إلى حل وسط وعدم إمكانية استمرار ما يحصل حاليا في قره باغ".

 

وقال: "تركيا تدرك أن روسيا متورطة بالأزمة في بيلاروسيا، واستغلت هذا لتقوية نفوذها في أذربيجان (..) لا أستبعد في نهاية المطاف أن تكون تلك هي الجبهة الجديدة للخلاف بين موسكو وأنقرة".

 

اقرأ أيضا: هكذا تقرأ أذربيجان موقف روسيا في قره باغ.. ماذا عن أرمن لبنان؟

 

ولم يستبعد أونتيكوف أن تلجأ روسيا إلى ممارسة ضغوط على تركيا في جبهات أخرى، مثل سوريا وليبيا وشرق المتوسط.


وتابع: "لا يمكن أن تقف موسكو مكتوفة الأيدي أمام تصرفات أنقرة في المنطقة (القوقاز) واستمرار التصعيد بين أرمينيا وأذربيجان".

وأضاف: "ستتواصل الاتصالات بين روسيا وتركيا والمحاولات الدبلوماسية ولكن لا يمكن أن نستبعد في نهاية المطاف أن تفقد موسكو صبرها وتلجأ لخيارات أخرى".

 

وفي وقت سابق، أكد نائب مدير مركز الشؤون الدبلوماسية والدراسات السياسية في إسطنبول (DIPAM)، أحمد إشجان، في حديث لـ"عربي21"، اهتمام تركيا بمنطقة القوقاز اقتصاديا واستراتيجيا، لكنه اتهم روسيا وإيران بدعم أرمينيا، ما يخرج الصراع من طابعه "الثنائي" بين الأخيرة وأذربيجان.

 

وأكد "إشجان" أن اشتعال جبهة ثالثة مع روسيا في هذا التوقيت "سيضع تركيا في موقف أكثر صعوبة من منظور جيوسياسي"، في وقت تواجه فيه ضغوطا في سوريا وليبيا وشرق المتوسط.

اقرأ أيضا: خبير أذري لـ"عربي21": روسيا تريد ليّ ذراع أرمينيا.. وهذه خيارات باكو (شاهد)

 

وبالحديث عن خيارات موسكو، أكد أونتيكوف اعتماد بلاده الخيار الدبلوماسي، مع إمكانية تحريك أوراق ضد أنقرة، مشيرا في السياق ذاته إلى وجود مئات آلاف المنحدرين من أذربيجان وأرمينيا في روسيا، وبينهم رجال أعمال لديهم تأثير كبير على سياسات البلدين.

وقال: "خلال هذه الأيام واضح تماما أن الجيش الأذري لم يستطع أن يحقق إنجازات كبيرة على ساحة القتال، رغم الدعم الخارجي الذي يتلقاه من إسرائيل (الاحتلال) وتركيا"، متهما الأخيرة بإرسال "مرتزقة" إلى قره باغ.

 

تجدر الإشارة إلى أن باكو نفت مرارا تلقيها أي دعم خارجي في حربها لـ"تحرير قره باغ"، واتهمت يريفان في المقابل باستقدام دعم خارجي وتوطين "أرمن لبنان" في المنطقة التي تعتبر جزءا من أذربيجان وفق الشرعية الدولية.

 

وقال أونتيكوف: "كما أن أذربيجان تتمتع بميزانية عسكرية كبيرة جدا مقارنة بتلك التي لدى أرمينيا، ولكن رغم كل تلك العوامل فإنها لم تستطع تحقيق إنجاز كبير على ساحة القتال".

 

وحول الحديث عن تراجع مستوى العلاقة بين موسكو ويريفان في الآونة الأخيرة، رغم التحالف الاستراتيجي ومعاهدة الدفاع المشترك التي تجمعهما، قال أونتيكوف: "العلاقات بين روسيا والحكومة الحالية في يريفان (منذ 2018) سيئة للغاية، ولكن ذلك ليس سببا لاتخاذ موسكو موقفا محايدا حاليا".

 

اقرأ أيضا: خبير تركي لـ عربي21: جبهة ثالثة بين أنقرة وموسكو في "قره باغ"

 

وشدد أونتيكوف على التزام روسيا الحياد حتى إبان الحكم الموالي لها في أرمينيا، مشددا في الوقت ذاته على وجود علاقات جيدة مع أذربيجان، وعلى المستوى الشخصي بين زعيمي البلدين، فلاديمير بوتين وإلهام علييف.

 

وأوضح أن أذربيجان، بخلاف أوكرانيا وجورجيا، لا تسعى إلى الانضمال لحلف شمال الأطلسي "الناتو" أو أي تحالفات "معادية لروسيا".

 

وأضاف: "بالطبع موسكو قلقة من التقارب الأذري التركي، لكننا نعرف في نهاية المطاف أن القيادة في باكو حريصة على علاقات قوية مع موسكو"، معتبرا أن مجمل تلك الحسابات يثبت أن الحديث الروسي عن "الحياد" ليس "دبلوماسيا وحسب".

 

وقال: "كل ما تريده موسكو هو الهدوء في المنطقة وتوقف الأعمال القتالية وعدم تدخل أي طرف أجنبي بها".

 

وحول استخدام أرمينيا منظومة "أس300" الدفاعية الروسية ضد أذربيجان، وصف أونتيكوف الأنباء بهذا الخصوص بأنها "شائعات غير مؤكدة"، معتبرا في الوقت ذاته أن يريفان لديها سلطة كاملة على تلك البطاريات وليس لموسكو سلطة عليها.

 

وفي وقت سابق، لم ينف "النور علييف"، رئيس مركز "نظامي كنجوي" الدولي في باكو، في حديث لـ"عربي21" استخدام يريفان للمنظومة الروسية، لكنه شدد في الوقت ذاته على أن دور موسكو في الصراع ينحصر "حتى الآن" في السعي لوقف إطلاق النار وجمع طرفي الصراع على مائدة المفاوضات.