سياسة عربية

مخاوف من استشراء الفساد بمشروع الضبعة النووي بمصر

"الرقابة الإدارية" ألقت القبض على مدير الإدارة الهندسية بالضبعة في محافظة مطروح بعد تقاضيه رشوة "كبيرة"- مواقع التواصل

أذكى إلقاء القبض على مدير الإدارة الهندسية بمدينة الضبعة في محافظة مطروح (شمالي القاهرة) بعد تقاضيه رشوة، مخاوف تفشي الفساد في مفاصل المدينة الساحلية التي تضم مشروع المحطة النووية المزمع إقامته بالتعاون بين مصر وروسيا لتوليد الطاقة الكهربائية.

وألقت هيئة الرقابة الإدارية القبض على مدير الإدارة الهندسية بالضبعة في محافظة مطروح، شمال غرب البلاد على ساحل البحر المتوسط، الثلاثاء، بعد تقاضيه رشوة تبلغ 500 ألف جنيه، وقررت النيابة العامة حبسه على ذمة القضية.

وللمرة الثانية؛ أجلت مصر إصدار ترخيص بناء وحدة الكهرباء رقم 1 بمحطة الضبعة النووية بمشاركة روسيا للنصف الثاني من عام 2021 بدلا من منتصف 2020 المقرر سابقا للبدء في التحضير لإرساء الأساسات الخرسانية.

"رشوة سياسية"

في تشرين الثاني/ نوفمبر 2015، أبرم الطرفان اتفاقا يقضي بقيام روسيا بتمويل وبناء محطة "الضبعة" للطاقة النووية، والاتفاق على شروط تقديم القرض الروسي الذي اعتبره مراقبون رشوة سياسية من نظام السيسي لروسيا.

وتضم محطة "الضبعة" أربعة مفاعلات بقوة إنتاج تصل إلى 1200 ميغاوات من خلال شركة روساتوم الروسية للطاقة النووية، بإجمالي قدرات 4800 ميجا وات.

 

اقرأ أيضا: "السيسي" يقرر فصل معاوني نيابة عامة من عملهما

ووفق بوابة مشروعات مصر الحكومية؛ تبلغ تكلفة المشروع 28.75 مليار دولار، ستمول روسيا 85% من المشروع في صورة قرض حكومي بينما تتكفل مصر بتمويل الـ 15% الباقية.

وينص الاتفاق على أن "القرض يُستخدم على مدار ثلاثة عشر عاما، يبدأ سداد الفوائد على القرض فورا مع استلام أول دفعة من القرض ويبلغ سعر الفائدة 3% سنويا".

وفي 11 كانون الأول/ ديسمبر 2017، وقّعت مصر وروسيا اتفاقية لبناء أول محطة مصرية للطاقة النووية، أثناء زيارة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى القاهرة، في مراسم رسمية مع نظيره السيسي نقلت مباشرة على التلفزيون الرسمي.

"الفساد من الرأس لأخمص القدمين"

من جانبه، قال رئيس المكتب السياسي للمجلس الثوري المصري، عمرو عادل، إن "أي نظام سياسي أو اجتماعي يعتمد في جودته على عاملين مهمين؛ العامل الفني التخصصي والعامل الإداري، ومصر تعاني بشدة في السلط الحاكمة في الاثنين معا".

وأضاف، في تصريح لـ"عربي21": "لقد أصبح النظام المصري من أعلى منصب حتى أدناه مفتقدا للكوادر الفنية والإدارية المتميزة، ويكفي متابعة إحدى جلسات المجلس النيابي أو سماع دقائق معدودة من أعلى رأس بالدولة لتدرك ذلك، وتزيد المأساة بحجم فساد كبير تحول لفساد منهجي بنيوي داخل المؤسسات حيث يقضي الفساد على العمل الناجح".

وأعرب عادل عن مخاوفه من "استشراء الفساد في المشروعات المليارية التي يقوم بها السيسي"، ودلل على حديثه قائلا: "حجم المشاكل الفنية الكبير في المشروعات المنشأة يدل على انهيار البنية الإدارية والفنية وتوغل الفساد في كل الدولة كالسرطان".

وأشار أستاذ مساعد الهندسة الميكانيكية إلى أن "المفاعلات النووية من أكثر المشروعات التي تحتاج إلى كفاءات في كافة المجالات، وكذلك تحتاج إلى نزع الفساد تماما، حيث يجب أن يصل معدل الخطأ فيها إلى صفر، وربما هذا مستحيل في ظل نظام كالنظام المصري".

"تقنين الفساد لا محاربته"

من جهته؛ حذّر السياسي المصري، عمرو عبد الهادي، من مغبة استشراء الفساد ليس في مدينة الضبعة، حيث ستقام المحطة النووية، بل في البلاد بأسرها. وقال: "الفساد هو عمود نظام مبارك الذي استكمل أعمدته الآن نظام السيسي".

وأضاف في حديثه لـ"عربي21": "السيسي لا يحارب الفساد كما يروج لذلك نظامه وإعلامه، بل يقنن الفساد ويحصره في مجموعة من اللواءات حصريا ودون ذلك يتم القبض عليهم، وتقديمهم ككبش فداء لتلميع صورة الرجل المنغمس في الفساد".

واعتبر عبد الهادي أن "مشروع الضبعة النووي نفسه هو رشوة لروسيا يدفع ثمنها المصريون على مدار عقود؛ فالسيسي فاسد بدرجة (فاجر) ونتذكر حينما تم الاعتداء على المستشار هشام جنينة، رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات سابقا، في سلوك لا يقل عن سلوك عصابات المافيا".

وأكد السياسي المصري، أن "هناك مخاوف حقيقية تتعلق بنزاهة المسؤولين في المنطقة التي سوف تستقبل المحطات النووية الأضخم في أفريقيا، ومن ثم مخاوف من انتقال الفساد للمشروع لاحقا لارتباط المسؤولين بالمدينة بإجراءات البناء والتخطيط والإمداد وغيرها للمشروع، لكن السيسي يزيل فاسدا غبيا ويجلب فاسدا آخر".