اقتصاد عربي

"عربي21" تنفرد بنشر تفاصيل كبرى قضايا الفساد بمصر (وثائق)

مسؤولون كبار و 5 رجال أعمال و 6 محامين استولوا على 500 قطعة أرض للدولة بقيمة 459 مليار جنيه- جيتي

مسؤولون كبار و5 رجال أعمال و6 محامين استولوا على 500 قطعة أرض للدولة بقيمة 459 مليار جنيه

 

تم تزوير توقيعات وأحكام قضائية.. واتهامات لقيادات أمنية وعسكرية كبرى متورطة في القضية

 

المتهمون استولوا على أراضي الدولة بمختلف محافظات مصر على مدار 11 سنة كاملة


محامي عدد من المتهمين: سيتم تقديم وثائق وتسجيلات هامة بأولى جلسات المحاكمة

 

حصلت "عربي 21" على وثائق واحدة من أكبر قضايا الفساد في تاريخ مصر، انتهت نيابة الأموال العامة العليا من التحقيق فيها، خلال الأيام القليلة الماضية.

 

وكشفت الوثائق عن فاتورة فساد وأرقام هائلة تضمنتها أوراق القضية، التي لم تتوقف أبعاد المتورطين فيها عند المتهمين المحالين للمحاكمة، بل تم الكشف عن متورطين آخرين من مسؤولين كبار في الدولة، وقيادات أمنية وعسكرية، وضعت يدها على أراضي الدولة، واستولت عليها دون أن يتهموا في القضية في تواطؤ واضح من قبل الجهات المعنية وجهات التحقيق القائمة على القضية.

 

وتضم القضية 17 متهما -أحيلوا بالفعل للمحاكمة الجنائية- قاموا بالاستيلاء على نحو 500 قطعة أرض كبرى مملوكة للدولة ووزاراتها وهيئاتها المختلفة، على مدار 11 سنة كاملة، في عدد من المحافظات المصرية، بدءا من عام 2009 وحتى عام 2020، وبلغت قيمة هذه الأراضي نحو 459 مليار جنيه.


ووفقا لأوراق القضية، فإن تشكيل عصابي يضم 5 رجال أعمال و6 محامين و3 موظفين كبار بمحكمة البدرشين الجزئية، ورئيس مكتب شهر عقاري وآخرين، ظل يمارس نشاطه الإجرامي في الاستيلاء على أراضي الدولة من خلال أوراق وقضايا وأحكام مزورة، وذلك على مدار 11 سنة كاملة.


وكان ذلك من خلال خطة محكمة وضعوها للاستيلاء على أراضي الدولة، مستغلين المناصب الوظيفية لعدد منهم، بل وقيامهم بتزوير قرارات وتوقيعات لرؤساء وزراء مصر خلال 11 عام ورؤساء محاكم وأعضاء هيئة قضايا الدولة وممثلين عن جهات حكومية أخرى، ليدعوا زورا أحقيتهم في هذه الأراضي، وتصالح الدولة معهم بالتنازل لهم عنها، على خلاف الحقيقة.


حملت القضية الرقم 5322 لسنة 2020 جنايات مصر الجديدة، وقيدت تحت رقم 94 لسنة 2020 حصر تحقيق أموال عامة عليا، وتم التحقيق فيها تحت إشراف المستشار طارق الحتيتي المحامي العام الأول لنيابة الأموال العامة العليا.

 

 

وشهد، حسام محمود عدنان -41 سنة- عضو بهيئة الرقابة الإدارية، خلال التحقيقات، أنه وردت إليه معلومات تفيد قيام المتهمين بتكوين تشكيل عصابي تخصص في تزوير المستندات الرسمية للاستيلاء على أراضي الدولة المصرية مستغلين المنصب الوظيفي لبعض أفراد التشكيل العصابي الذين يعملوا مسؤولين بارزين بمحكمة البدرشين.


وأضاف: "زوروا أحكام قضائية لصالح أعضاء التشكيل العصابي للاستيلاء على أكثر من 500 قطعة أرض تجاوز قيمتها 400 مليار جنيه من خلال خطة محكمة استمروا في مزاولتها على مدار 11 سنة كاملة، ثم جاءت القيمة النهائية المقدرة لهذه الأراضي بمبلغ 459 مليار جنيه.


وتابع عضو هيئة الرقابة الإدارية، أن المتهمين زوروا إمضاءات رؤساء وزراء مصر منذ عام 2009 وحتى عام 2020، وأيضا قاموا بتزوير إمضاءات وزراء ومسؤولين وقضاة وأعضاء جهات سيادية (جيش وشرطة ومخابرات) وأعضاء بهيئة قضايا الدولة، وغيرهم من المسؤولين، وذلك طوال هذه السنوات أيضا.


كما شهد، محمد عباس عيسى - 49 سنة - عضو بهيئة قضايا الدولة، بتحقيقات النيابة، أن المتهمين زوروا إمضاءات وشهادات وأقوال عدد من أعضاء هيئة قضايا الدولة ونسبوا زورا أنهم أقروا بأن أطراف من الدولة وفي مقدمتهم رئيس الوزراء والوزراء والمسؤولين بالجهات المعنية، أقروا بتصالحهم مع عدد من المتهمين مقابل تنازلهم عن الأراضي لهم، وذلك خلافا للحقيقة.


وتابع بأنه وعدد من أعضاء الهيئة باعتبارهم ممثلين عن الدولة، لم يباشروا الدعاوي التي زعم المتهمين أنهم شهدوا فيها لصالحهم، وأن أقوالهم وإمضاءاتهم مزورة تزويرا كليا، سواء بالنسبة للحضور أو الأقوال ذاتها.


وأظهرت أوراق القضية أن التشكيل تخصص في الاستيلاء على قرابة 500 قطعة أرض مملوكة للدولة ووزاراتها والهيئات العامة والبالغ قيمتها المقدرة من قبل الجهات الرسمية المختصة 458 مليار و769 مليون و807 ألف و207 جنيه، وفقا لنص تحقيقات نيابة الأموال العامة العليا.


وكان ذلك حيلة بأن قاموا باصطناع أحكام قضائية في العديد من الدعاوي المدنية، تفيد حصولهم على أحكام قضائية بتمكينهم من تلك الأراضي بعد التصالح مع الدولة وممثليها من الوزارات والهيئات المختلفة.

 


واستند التشكيل العصابي في تنفيذ مخططه على 3 مسؤولين كبار من الموظفين البارزين في محكمة البدرشين، حيث كانت مهمتهم مع عدد آخر من المتهمين، هي تزوير الدعاوي ومحاضر الجلسات ومحاضر الصلح الوهمية مع الدولة وما يعرف بإسم "رولات" القضاة وإخطارات قيد الدعاوي. والإدعاء زورا أنه صدرت أحكام لصالح أفراد التشكيل العصابي من رجال الأعمال، وذلك في دعاوي قضائية كانت تختصم رؤساء وزراء مصر منذ عام 2009 وحتى الآن ورؤساء مصلحة الشهر العقاري خلال تلك الفترة. وإضافة أوراقا تتضمن بيانات لقطع أراضي مملوكة للدولة وأجهزتها مطالبين بتسليمها لأعضاء من التشكيل العصابي، بعد الادعاء بتصالح الدولة معهم بخصوص هذه الأراضي.

 

وقام المتهمون باصطناع إخطارات بقيد الدعاوي موجهة إلى هيئة قضايا الدولة وهيئة الأوقاف المصرية للإيهام بصحة إجراءات اختصامها، وذيلوها بتوقيعات نسبوها زورا إلى كتاب أول المحكمة.


وقاموا أيضا باصطناع محاضر الجلسات على غرار الصحيح منها، أثبتوا بها على خلاف الحقيقة مثول ممثلي أجهزة الدولة المختلفة وأعضاء هيئة قضايا الدولة الممثلين عن الدولة أمام المحكمة، وإقرارهم جميعا بالصلح مع باقي أطراف الدعاوي المدنية. ووقعوها بتوقيعات نسبوها زورا إلى سكرتارية الجلسات المختصة، وشفعوها ببصمات لأكلاشيه مصطنع لمحكمة البدرشين الجزئية، وذيلوها بتوقيعات نسبوها زورا للقضاة رؤساء الدوائر المنسوب صدور الحكم من خلالها.

 

كما زور المتهمون توقيعات أعضاء هيئة قضايا الدولة التي تزعم إقرارهم بتصالح الدولة مع أطراف الدعوى من التشكيل العصابي وتمكينهم من الأراضي. وقاموا باستخراج صورا رسمية من الجلسات الملحق بها محاضر الصلح المزورة كأحكام قضائية عقب اصطناع مستنداتها بما يفيد مثول ممثلي أجهزة الدولة ونائب الدولة أمام المحكمة وإقرارهم بالصلح فيها. قاصدين من ذلك جعل الأحكام المصطنعة حجة في مواجهة الدولة فيما تضمنته من بيانات كاذبة تمكنهم من نقل ملكية تلك الأراضي لصالح أعضاء من التشكيل العصابي تنفيذا للأحكام المزورة الصادرة في تلك الدعاوي المدنية.

 

وأحالت نيابة الأموال العامة العليا المتهمين إلى المحكمة الجنائية، بعد أن واجهتهم بالاتهامات المذكورة والواردة في أمر إحالة المتهمين إلى المحاكمة عن الجرائم المرتكبة خلال الفترة من يوليو/ تموز 2009 وحتى فبراير شباط من عام 2020.


أبعاد القضية لم تتوقف عند المتورطين فيها من المتهمين المحالين للمحاكمة، بل تم الكشف عن متورطين آخرين من مسؤولين كبار في الدولة وقيادات أمنية وعسكرية. حيث أكد محامي عدد من المتهمين في تصريحات خاصة لـ"عربي 21"، أن المتهمين المحالين للمحاكمة هم "كبش فداء" لمسؤولين كبار في الدولة، وقيادات أمنية وعسكرية، وضعت يدها على أراضي الدولة، واستولت عليها دون أن يتهموا في القضية.

 

وتابع المحامي، الذي طلب عدم ذكر اسمه في الوقت الراهن؛ خوفا من ملاحقته أو استهدافه قبل تقديم ما لديه من أوراق ومستندات للمحكمة في أولى جلسات نظر القضية، بأن لديه مجموعة من الوثائق والتسجيلات التي تكشف تورط مسؤولين كبار في الدولة وقيادات أمنية وعسكرية كبرى وضعت يدها على أراضي الدولة، واستولت عليها، دون أن يتهموا في القضية، وأنه أعد هذه الوثائق والتسجيلات وسيتقدم بها في أولى جلسات نظر القضية خلال الأيام القليلة المقبلة.