ملفات وتقارير

"اعتقالات ليلة الامتحانات".. طلبة فلسطين هدف متواصل للاحتلال

يعتقل الاحتلال أكثر من 250 طفلا تحت عمر 18 عاما غالبيتهم العظمى من طلبة المدارس- وفا

بعد يوم دراسي طويل، خلد الطالب خلف شكارنة إلى النوم عاقدا العزم على استكمال الدراسة في اليوم التالي استعدادا لامتحان الرياضيات في المرحلة الثانوية العامة، لكنه مداهمة جنود الاحتلال لمنزله غيرت كل شيء.


ففي الساعة الثالثة والنصف فجر الثلاثاء الماضي استفاق خلف على صوت طرقات شديدة على باب منزله في قرية نحالين غرب مدينة بيت لحم بالضفة المحتلة، ومن ورائها كان الجنود يصرخون "افتح.. جيش.. افتح"، وخلال دقائق قليلة كان أكثر من 15 جنديا إسرائيليا ينتشرون في المنزل ويفتشون محتوياته.

 

ووضع الجنود الطالب خلف  في غرفة بمعزل عن بقية عائلته، ما يشير إلى احتمالية اعتقاله، وحاول طرد هذه الهواجس من رأسه منتظرا انتهاء "فوضى الاحتلال" والعودة إلى  مسار حياته الطبيعي.


ويقول والده أسامة شكارنة  لـ"عربي21" إن قوات الاحتلال اقتحمت المنزل وعاثت فيه خرابا بحجة التفتيش، موضحا أن نجله خلف كان محتجزا في غرفة أخرى بينما احتجزت بقية العائلة في غرفة أخرى.

 

اقرأ أيضا: اعتقالات ومداهمات بالضفة.. والمستوطنون يقتحمون الأقصى (شاهد)
 

وبعد مرور أكثر من ساعة على الاقتحام، سمع شكارنة أصوات الجنود يغادرون المنزل فذهب للاطمئنان على نجله حلف لكنه لم يجده، وأسرع نحو المدخل الثاني فلمح الجنود وهم يقتادون نجله صوب آلياتهم العسكرية، وكانوا يضعون قطعة قماش على عينيه، وفق ما رواه.

 

وأعرب الوالد عن استغرابه من اعتقال خلف في ظل تقديمه الامتحانات النهائية للثانوية العامة، والتي تعد مرحلة مفصلية للطلبة الفلسطينيين، وأوضح أن نجله كان "يعلق آمالا كبيرة على النجاح فيها ودخول الجامعة ودراسة التخصص الذي يحبه".


ويعتبر أن الاحتلال "يريد فقط تنغيص حياة الفلسطينيين بكل مكوناتهم". واعتقلت قوات الاحتلال طالبا آخر من البلدة في الليلة ذاتها في الوقت الذي كان فيه يستعد لتقديم الامتحانات.


ويضيف: "تعمد الجنود خلال اقتحام المنزل تخريب الكتب الدراسية التي كانت موجودة على مكتب خلف وبعثرة أوراقه التي كان يدرس بها، وكأنها رسالة منهم بأن التعليم أمر بعيد المنال وسيحاربونه بكل ما أوتوا من قوة".


تم نقل خلف إلى مركز توقيف "عتصيون" المقام على أراضي شمال الخليل، وتمديد اعتقاله إلى الأسبوع القادم، ولم تسمع عائلته أي خبر عنه حتى الآن، وتقول: "نعلم جيدا أنه يشعر بالظلم الشديد بعدما تسبب الاحتلال بحرمانه من تقديم الامتحانات النهائية".


ويشير والده إلى أن خلف كان يعود من كل امتحان سعيدا بما أنجزه، ويشعر بأنه اقترب خطوة بعد خطوة لتحقيق حلمه، ولكن ممارسات الاحتلال قوضت ذلك ووضعته في زنازين مع مصير مجهول.


وتابع:" نأمل أن يتم الإفراج عنه، وأن يلتحق بالمرحلة التكميلية لتقديم الامتحانات مجددا؛ وهذا قدرنا كفلسطينيين أن نعيش هذا الواقع، وعلينا فقط أن نصبر ونصمد فهذه ضريبة صمودنا في أرضنا".

 

استهداف التعليم

 

ويرى الفلسطينيون أن استهداف الاحتلال للطلبة، على وجه الخصوص، يأتي ضمن سياسة "التجهيل" التي يسعى الاحتلال لفرضها عليهم.

ويعتقل الاحتلال أكثر من 250 طفلا تحت عمر 18 عاما غالبيتهم العظمى من طلبة المدارس.

 

وبدورها، ترى رئيسة الدائرة الإعلامية في جمعية نادي الأسير الفلسطيني أماني سراحنة أن الاحتلال يستهدف التعليم بطرق متعددة وفي مراحلهم الدراسية المختلفة، وليس فقط في الثانوية العامة.

 

وفي ذات الوقت تنبه سراحنة إلى خصوصية مرحلة الثانوية العامة كونها مرحلة مهمة ينهي  خلالها الطالب المدرسة  ليدخل بعدها مرحلة دراسية جديدة، مبينة أن "الاعتقالات في كل عام تطال عددا من طلبة الثانوية العامة" بحسب ما قالت لـ"عربي21".

 

وتوضح أن اعتقالات الاحتلال اليومية تطال الطلبة من مختلف المراحل التعليمية، وحتى الأطفال الذين يتم اعتقالهم ينقطعون عن دراستهم لفترات طويلة، مؤكدة أن "حق التعليم مستهدف من الاحتلال".

 

وتشير إلى أن ترتيبات تتم كل عام لإجراء امتحانات داخل السجون، وذلك لكسر سياسة الاحتلال في محاربة التعليم ولحفظ حق الفلسطينيين في إكمال تعليمهم؛ ولكن الأمر لا يخلو من صعوبات كبيرة".

 

وتضيف: "على مدار السنوات حارب الاحتلال تعليم الأسرى وكانت هناك عدة مشاريع لقوانين تركزت على وقف تعليمهم داخل السجون، كما عرقل  العديد منهم عن استكمال تعليمهم بعد سنوات دراسية أتموها".

 

وتبين بأن المؤسسات المعنية بشؤون الأسرى تحاول بطرق عدة إما من خلال المحامين أو هيئة الصليب الأحمر الدولية الضغط لإدخال الكتب التعليمية للأسرى، وأن هناك جزء من المعتقلين تمكنوا من إكمال تعليمهم والحصول على شهادات موثقة رغم سعي الاحتلال لمنع ذلك ومحاربة التعليم.

 

وتشير إلى أنه رغم محاولة الاحتلال سلب حق من الحقوق الطبيعية للأسرى وهو التعليم،  في المقابل هناك محاولات جاهدة من الأسرى لاستكمال تعليمهم، وهو ما ساهمت وساعدت في توفيره الجامعات الفلسطينية.

 

وتلفت سراحنة إلى أن واقع الطلبة المعتقلين بمدينة القدس المحتلة أكثر صعوبة لأن الحرب على التعليم هناك أشد، وإضافة للاعتقالات التي تطال طلاب المدينة هناك سياسة الحبس المنزلي التي تعيق عودة عدد من الطلاب للمدارس، ضمن سياسة "التجهيل" التي يعتمدها الاحتلال. وفق تعبيرها.