صحافة دولية

MEE: هل الشارقة تلك الإمارة "الخضراء النقية" حقا؟

ميدل إيست آي: لدى الإمارات واحدة من أكبر معدلات الانبعاثات الكربونية في العالم- أ ف ب

نشر موقع "ميدل ايست آي" مقالا للكاتبة ديانا ديرك، تقول فيه إنه عندما يتعلق الأمر بسياسة المناخ فإنه يتم اتخاذ خطوات لمواجهة الصورة المتخلفة في الإمارات، مستدركة بأن هذا قد يكون مجرد علاقات عامة.


وتبدأ ديرك مقالها، الذي ترجمته "عربي21"، بالقول: "في الوقت الذي طفوت في مياه الخليج الحارة الشهر الماضي ذكرني كيس من البلاستيك اعترضني بأنه حتى الشارقة، التي تزعم أنها (الإمارة الصديقة للبيئة) و(العاصمة الثقافية) للإمارات العربية المتحدة، غير قادرة على السيطرة على مياه البحر".

 

وتقول الكاتبة: "على الأرض حاول حاكمها الثمانيني أن يوجه الإمارة دائما نحو طريق أكثر تنورا من الإمارات الست الأخرى، وبمنع تام للكحول فهي أيضا إمارة (جافة) خالية من المطاعم التي تقدم الكحول والنوادي الليلة كجارتها دبي".

 

وتضيف ديرك: "لقد عشت في الإمارات في فترة التسعينيات المزدهرة، والكل يقول إن الحياة أصبحت أكثر صعوبة، فالعمل أقل والرواتب أدنى والتكلفة أغلى، فكيف تستطيع الشارقة الخضراء والطاهرة أن تتغلب على العالم التجاري الحاد هذه الأيام".

 

علاقة حساسة

 

وتشير الكاتبة إلى أن "كثيرا من متاحف الشارقة تتركز حول دوار الكتاب، لكن المفضل لدي هو متحف التاريخ الطبيعي، القائم وحده في الصحراء أبعد من المطار الجديد، ويتناول موضوع الخلق، ويستخدم التكنولوجيا المتقدمة التي تتعامل مع الحواس كلها، وعلى مدخله آية: (لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُون)".

وتقول ديرك: "لاستيعاب هذا العمق جلست في مقهى في زيارة لي مؤخرا، كما كنت أفعل سابقا، أتناول كعكا عضويا تراقبني ذئاب جائعة على جانب النافذة الآخر، الذئاب في المساحة المفتوحة والناس محجوزون".

 

وتلفت الكاتبة إلى أن "الفكرة كلها تعود لماريكي جونغبلود، وهي طبيبة هولندية ومحبة للطبيعة، كانت أول مهتمة بالبيئة في الإمارات، وفي عام 1991 أصبحت أول شخص في الإمارات يهتم بالبيئة، وفي عام 1991 نشرت دليلا بعنوان الدليل الأخضر للإمارات، تفصل فيه كيفية تجنب إلحاق الأذى بالحياة البرية خلال ما أسمته (تدمير الوديان) باستخدام سيارات الدفع الرباعي".

 

وتذكر ديرك أن جونغبلود شرحت كيف بقي التوازن الحساس في العلاقة بين الحيوانات والنباتات والإنسان قائما في الصحراء لقرون دون أي عوائق، حتى اختراع البندقية التي غيرت ذلك التوازن للأبد. 

 

وتنوه الكاتبة إلى أنه "تم القضاء على وجود المها في البرية عام 1972، فكان صيدها شكلا من أشكال الرياضة، وكانت تقوم رحلات الصيد بالسيارات بالقضاء على قطعان كاملة، وبعد عدم تركهم شيء في بلدانهم، أصبح الأمراء العرب ومرافقوهم يذهبون لقتل الحياة البرية في بلدان أخرى، مثل الأردن والعراق، حيث تم القبض على فريق رحلة صيد قطرية عام 2015، وتم دفع فدية بعد ذلك".

 

وتفيد ديرك بأن "جونغبلود غادرت قبل فترة ونفدت نسخ الدليل الأخضر المطبوعة، لكن المها والغزلان وحيوانات الطهر (شبيهة بالماعز) والفهود العربية عادت لتعيش في المتحف ومركز التفريخ المجاور، وهناك لوحات عليها أسماء الأصناف المهددة بالانقراض وتقدم الحقائق والأرقام، لكن لا شيء يذكر هواية الصيد التي تسببت بانقراضها".

 

وتقول الكاتبة: "تسعدني رؤية طير الحبارى، الزائر الوحيد الذي ترى التشكك في عينيه الصغيرتين، ومن يستطيع لومه على ذلك؟".

 

الثقافة والبيئة

 

وتشير ديرك إلى أنه "في أيام ما قبل النفط كانت الشارقة أكثر ثراء من أبو ظبي ودبي، وذلك لوجود ميناء مزدهر على خليجها الصغير، الذي شكل مقرا لقبيلة القواسم التي اعتمدت على التجارة البحرية، كما كانت الشارقة في أوائل القرن العشرين مقرا لكشافة ساحل عمان المدعومين من بريطانيا، وكانت فيها قاعدة تابعة لسلاح الجو البريطاني، وكانت مقرا للوكيل السياسي البريطاني، وهو اللقب الذي كان يطلق على الممثل الرسمي البريطاني قبل أيام السفارات والقنصليات".

 

وتبين الكاتبة أنه "لذلك كان فيها وجود بريطاني أكبر من أي إمارة أخرى، وذلك بفضل موافقة حاكمها عام 1932 بأن يبني البريطانيون مهبطا للطائرات، كان الأول في الإمارات، وهذا جلب للشارقة دخلا إضافيا ضروريا في وقت توقفت فيه تقريبا تجارة اللؤلؤ، حيث توصل اليابانيون إلى اللؤلؤ المستزرع".

 

وتلفت ديرك إلى أنه "تم اكتشاف النفط في الشارقة بكميات تجارية في السبعينيات، ما يكفي منه لتحسين البنية التحتية، لكنها تبقى أفقر من كثير من جاراتها، ومضطرة لتشكيل مواردها، في الوقت الذي تعاني فيه من التحول الحضري السريع والتنامي السكاني السريع".

 

وتقول الكاتبة: "في زيارتي الأخيرة تحدثت مع أكبر عدد ممكن من الشباب في الشارقة حول الثقافة والبيئة، ولم يسمع منهم أحد بمتحف التاريخ الطبيعي، ووجدت أن ما يثير الشباب الإماراتي هو الثقافة العالمية، خاصة نجوم الرياضة العالميين، وكثير منهم، وللمفارقة، على عكس رحلات الصيد العربية، تجذبهم المكافآت السخية للقدوم إلى تلك البلدان واللعب في أماكن جديدة براقة في دبي وأبو ظبي". 

 

وتفيد ديرك بأن "الشارقة لا تستطيع أن تنافس في هذا المجال، لكنها تحصل على تقدير أعلى في موضوع الكنائس والروس، فقد كان هناك عدد قليل من الكنائس في التسعينيات، لكن اليوم هناك الكثير، والكنيسة الروسية الأرثودوكسية، بالتصميم البيزنطي والقبب البصلية الفيروزية، هي أكبر كنيسة ليس في الشارقة فقط، بل في الإمارات كلها، وهي تتسع لعشرين ألف مصل". 

 

وتنوه الكاتبة إلى أن "مئات الآلاف من الروس الذين يزورون المكان كل عام لا تجذبهم الكنائس فقط، بل الفنادق الرخيصة ومعاطف الفرو دون ضرائب".

 

لا حياة لمن تنادي

 

وتقول ديرك إن "نسخة اليوم من ماريكي جونغبلود، الناشطة السويدية غريتا ثنبيرغ قد تصاب بفشل القلب لو هي زارت الخليج، وتم وصف سياسات الإمارات المناخية بأنها (غير كافية) من برنامج العمل المناخي المستقل، فلدى الإمارات واحدة من أكبر معدلات الانبعاثات الكربونية في العالم، وتعد واحدة من أعلى معدلات توليد النفايات".

 

وتؤكد الكاتبة أن "هناك جهود قائمة لمواجهة هذه الصورة، حيث تقوم دبي بإنشاء (المدينة المستدامة)، وهناك أخرى يخطط لها في الشارقة، لكن قد يكون الأمر متعلقا فقط بالعلاقات العامة".

 

وتشير ديرك إلى أن "ثنبيرغ قد اتهمت زعماء العالم بـ(الذكاء في الحسابات والعلاقات العامة الخلاقة) لجعل الأمر يظهر كأنهم يفعلون شيئا لمكافحة التغيرات المناخية، لكنهم لا يفعلون إلا القليل، وبإمكان دبي أن تعطي دروسا مبدعة في هذه المهارات".

 

وتقول الكاتبة إن "حملة الدعاية لـ(إكسبو 2020) الذي يوصف بأنه (أعظم عرض في العالم) تحت شعار (نصل العقول ونخلق المستقبل)، وأحد مواضيعه الرئيسية هو (الاستدامة)".

 

وتفيد ديرك بأن "جونغبلود كانت تأمل بأن يكون التعليم هو المفتاح، وأن دليلها الأخضر سيغير التصرفات ويعلم الناس أن يفهموا الصحراء، فقالت: (وإن تفاعلت في هذا الأمر.. فبالتأكيد لن تترك الحقائب والعلب البلاستيكية والعلب ملقاة في كل مكان)".

 

وتختم الكاتبة مقالها بالقول: "بعد عقود من ذلك ينتشر البلاستيك على الأرض والبحر، ما يدل على أن رسالتها ورسالة ثنبيرغ لم تلق آذانا صاغية".

 

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)