سياسة عربية

محاكمات الجزائر.. خبايا تنكشف ومحامون يتفاجأون بالأحكام

محامو كبار المسؤولين السابقين المدانين في قضية التآمر يتجهون إلى استئناف الأحكام- تويتر

يتجّه محامو كبار مسؤولي الدولة السابقين المدانين في قضية "التآمر على سلطة الدولة والجيش"، إلى استئناف الأحكام الصادرة ضدهم بعد أن تم تسليط عقوبة 15 سنة سجنا لكل منهم.


وأُغلقت أمس ليلا المحاكمة الشهيرة التي اهتم لها الإعلام الجزائري بقوة، والتي جرت لمدة يومين بالمحكمة العسكرية بالبليدة وسط إجراءات أمنية مشددة، حيث سُمح فقط لعائلات المتهمين والمحامين بالحضور بينما غابت وسائل الإعلام.


وكان مُتهما في هذه القضية، كل من السعيد بوتفليقة شقيق الرئيس السابق ومستشاره الخاص، ومحمد مدين الملقب بالجنرال توفيق مدير المخابرات السابق، وعثمان طرطاق منسق الأجهزة الأمنية السابق بالإضافة إلى زعيمة حزب العمال لويزة حنون.


وضُمّ إلى قائمة المتهمين في نفس القضية لاحقا، كل من وزير الدفاع الأسبق خالد نزار، ونجله لطفي، وفريد حمدين مسير شركة للصيدلة، والذين فرّوا إلى خارج الجزائر قبل مدة.

 

وصدر الحكم بالنسبة للفريق الأول بـ15 سنة سجنا نافذا، بينما حكم غيابيا على الفريق الثاني بـ20 سنة سجنا.


دفاع حنون متفاجئ

 
وقال المحامي بوجمعة غشير، إن فريق الدفاع عن الأمينة العامة لحزب العمال لويزة حنون، تفاجأ بالحكم الصادر ضدها وبوضعها في نفس المستوى مع بقية المتهمين.


وكشف غشير في تصريح لـ"عربي 21" أن هيئة الدفاع قررت استئناف الحكم الصادر ضد لويزة حنون، بالاستفادة مما يُتيحه القانون الذي يُعطي مهلة 10 أيام أمام المحامين للطعن في الحكم الصادر.
وأبرز المحامي أن مُوكلته خلال إجابتها على أسئلة القاضي، أكدت بأن ما قامت به كان من صميم عملها السياسي كمسؤولة عن حزب ونائب في البرلمان.

 

اقرأ أيضا: السجن 15 عاما لسعيد بوتفليقة ومسؤولين أمنيين بالجزائر

وأضاف أن لويزة حنون ذكرت بأنها لم تكن تُوافق على فكرة إسناد تسيير المرحلة الانتقالية للرئيس السابق اليامين زروال مثلما خطط له السعيد بوتفليقة والجنرال توفيق، مشيرا إلى أنها اقترحت كحلّ للأزمة طرح المجلس التأسيسي الذي لم يلق القبول عند أصحاب القرار في تلك الفترة الحساسة.
من جانبه، قال المحامي الآخر مقران آيت العربي، في بيان له إن إدانة لويزة حنون وعقابها بـ 15 سنة سجنا بدون أي دليل عن التآمر، هو دليل على أن الحكم الصادر ضدها كان بسبب نضالها وأفكارها التي عبرت عنها علانية وتمسكت بها أمام المحكمة العسكرية.


بعض الخبايا تنكشف

 
وجاء إدراج اسم لويزة حنون في القضية بعد حضورها أحد الاجتماعات التي ضمّت كلا من السعيد بوتفليقة والجنرال توفيق يوم 27 آذار/ مارس قبل 6 أيام من استقالة الرئيس بوتفليقة، بحيث اتهم من حضروا الاجتماع بمحاولة تنفيذ "مؤامرة" لإزاحة رئيس أركان الجيش من منصبه بعد أن دعا الأخير إلى إعلان شغور منصب الرئيس.


ونقل المحامون الذين كان لهم حظّ حضور المحاكمة، الكثير من التفاصيل حول ما تضمنه الملف وما نقله الشهود من كبار المسؤولين وما جاء في إفادات المتهمين أمام القاضي.


ومن بين الأمور اللافتة، ما رواه الجنرال توفيق عن لقائه الشهير بالرئيس السابق اليامين زروال يوم 30 آذار/ مارس والذي خرج الفريق أحمد قايد صالح رئيس أركان الجيش في نفس اليوم، يصفه بـ"الاجتماع المشبوه".


وكان الرئيس اليامين زروال، قد وضّح موقفه بخصوص هذا اللقاء وقال بأن الجنرال توفيق قد نقل له عرضا من السعيد بوتفليقة بتسيير المرحلة الانتقالية بواسطة الجنرال توفيق في مقر إقامته بالجزائر العاصمة، غير أنه رفض ذلك كما قال.


غير أن الجنرال توفيق خلال المحاكمة، قد نقل جانبا آخر من كواليس هذا اللقاء، بحيث قال إن الرئيس زروال كان مؤيدا للعرض ومتحمسا للّقاء لكنه تراجع في آخر لحظة بحجة المرض والتقدم في السن.

 

اقرأ أيضا: قايد صالح يهاجم "العصابة"ويؤكد على إجراء الانتخابات بموعدها

أما رئيس المجلس الدستوري السابق، الطيب بلعيز، الذي حضر كشاهد، أورد بأن السعيد بوتفليقة الذي كان بمثابة الحاكم الفعلي في رئاسة الجمهورية في ذلك الوقت، قد طلب منه الرد على دعوة رئيس أركان الجيش بتطبيق المادة الدستورية الخاصة بشغور منصب الرئيس، لكنه حسبما قال رفض ذلك وقال بأن المؤسسة العسكرية من حقها أن تقترح تفعيل هذه المادة.


وكان السعيد بوتفليقة قد رفض تماما الإجابة على أسئلة القاضي وطلب الانسحاب من المحاكمة شأنه في ذلك شأن عثمان طرطاق الذي لم يحضر أصلا للمحاكمة لأنه يعتقد حسب محاميه خالد برغل أنها لا تتوفر فيها الشروط المطلوبة.


نفي للتهم

 
وقال فاروق قسنطيني محامي الجنرال توفيق، إن موكله بيّن للمحكمة أنه قدّم رأيا فقط بعد استشارته في الأزمة السياسية بعد انفجار الغضب الشعبي في 22 فيفري ضد العهدة الخامسة، ولم يكن أبدا يريد الإطاحة برئيس أركان الجيش، على حد قوله.


ويعتقد قسنطيني في حديثه مع "عربي21"، أن موكله كان ضحية تكييفات غير صحيحة للقانون، لأن المادة 284 من قانون القضاء العسكري أو المادتين 77 و78 من قانون العقوبات، لا تنطبقان على حالته.
لكن المحامي رفض القول بأن المحاكمة التي جرت سياسية، وقال إنه يحتكم في تصوره فقط للقانون والجانب الإجرائي ولا يعلق على مثل هذه التأويلات.


وعن مستقبل القضية، قال قسنطيني إنه سيدرس مع موكله إمكانية استئناف الحكم من أجل إعادة المحاكمة.