سياسة عربية

غليان سياسي بمصر بين "أحزاب السيسي" والحركة المدنية

"خلية الأمل" تشعل مواجهة بين الحركة المدنية وتحالف حزبي مناصر للسيسي- جيتي
مواجهة جديدة في الشارع السياسي المصري، بين تحالف الأحزاب المصرية الذي يضم 40 حزبا، مدافعا عن السلطة العسكرية الحاكمة ورأسها عبدالفتاح السيسي، وبين الحركة المدنية الديمقراطية المعارضة للنظام والمدافعة عن الحقوق والحريات وسجناء الرأي في مصر.

البداية كانت ببيان، الخميس، أطلقته الحركة المدنية التي تتشكل من بعض الأحزاب والشخصيات السياسية والعامة المعارضة للنظام، جاء بعنوان "الحرية لسجناء الحقوق الاجتماعية والمهنية والحريات العامة"، وحمل دفاعا عن ما يعرف بـ"معتقلي الأمل".

وأعلنت الحركة رفضها لاعتقال النظام أصحاب الرأي، وشخصيات عامة، وأعضاء بالأحزاب المعارضة، ومستقلين، وصحفيين، و"شباب الأمل"، ومنسق الحملة الشعبية المصرية لمقاطعة إسرائيل، رامى شعث.

وانتقدت أيضا اعتقال أصحاب المطالب الاجتماعية والمهنية من النقابيين، والعمال، والمعلمين، ونجل الصحفي مجدي شندي للضغط على والده، والقبض على الأستاذ الجامعي طارق الشناوي، على خلفية هاشتاغ #علماء_مصر_غاضبون.

ودعت الحركة المدنية، "الأحزاب والقوى السياسية والنواب المحترمين في البرلمان ومؤسسات المجتمع والنقابات والرأي العام للتضامن معهم والدفاع عن الحقوق والحريات الأساسية"، وهو ما أثار غضب تلك الأحزاب فأطلقت بيانها متهمة الحركة المدنية بالعمل لصالح جماعة الإخوان المسلمين.

 

المثير أن بيان تحالف الأحزاب المصرية أذاعته جميع الفضائيات المصرية كخبر عاجل ونقلته جميع الصحف والمواقع كاملا، مساء الجمعة.


ووصفت الأحزاب، ما جاء ببيان الحركة الوطنية بأنها مزاعم وادعاءات "كاذبة وغير صحيحة"، متهمة الحركة بتنفيذ استراتيجية ومخططات جماعة الإخوان المسلمين.

وقال التحالف الحزبي إن بيان الحركة المدنية "تضمن عبارات إخوانية غير صحيحة في ظل المناخ الديمقراطي الذي تعيشة الأحزاب السياسية، وأنها استخدمت عبارات الغرض منها الترويع والبطش وتحتوي على معلومات غير صحيحة نهائيا".

وأِشار إلى أن "الأحزاب تمارس نشاطها بحرية تامة، وأن الحركة المدنية تخاطب الخارج لا الشعب المصري الذي يقف مساندا لرئيس مصر وخلف جيشه وشرطته".

"هشاشة الوضع السياسي"

وفي رؤيته لدلالة هذه المواجهة بين 40 حزبا وبين المعارضة المدنية ودور النظام فيها، قال المعارض اليساري حسن حسين، إن "ما نشاهده الآن لا يعبر عن أي قوى سياسية حقيقية من الجانبين، وإن كان يعبر عن مدى هشاشة الوضع السياسي العام للنظام والمعارضة على حد سواء".

حسين، أكد لـ"عربي21"، أن هذا الوضع ينبئ أيضا؛ بمدى فداحة ما سيحدث كرد فعل تجاه سوء الأوضاع الاقتصادية، وإغلاق أبواب الحريات، والقمع المتواصل ضد أي صوت يطالب بحقوق الشعب المهدرة، وحقوق الوطن الضائعة".

وفي رده على التساؤل هل دور الأحزاب الدفاع عن السلطة؟ وهل هذا يمثل انحرافا عن دورها الحقيقي؟ أجاب الكاتب الصحفي، بقوله: "ليس هناك لا أحزاب ولا حياة سياسية، تلك مؤسسات شكلية ديكورية وظيفية، لا علاقة لها بالجماهير، وغير مؤثرة بأي شكل من الأشكال في مواجهة التدهور المتحقق بشكل مرعب في أوضاع الوطن والمواطن".

وحول علاقتها بالسلطة، أكد أن "بعض الأحزاب يمكن استدعاؤها للقيام بدعم السلطة الحاكمة، مثل تحالف الأحزاب الوهمية".

وختم بالقول إن "الأمر في مجمله غير مرشح للتطور أو للتدهور، بل للسقوط التاريخي، للفاشيين وللمتخاذلين، بينما الشعب غير ضالع في تلك المعادلة بالمرة".

"صراع الثورة والثورة المضادة"

ويعتقد الناشط اليساري أشرف أيوب، أن تلك المواجهة تعبر عن التناقض والصراع بالمجتمع المصري، "بين ما يطلق عليهم القوى المدنية بأحزابها المنحازة لثورة يناير، والأخرى المتذيلة لأجندة العسكر".

وأضاف، بحديثه لـ"عربي21"، أن ذلك التناقض يعبر عنه أيضا "فيديوهات المقاول محمد علي من الصراع داخل أروقة السلطة بين المدني والميري، وبين رجال أعمال مبارك وجنرالات المقاولات، وبزنس الجيش".

عضو الحركة الثورية الاشتراكية، أكد أن تلك الحالة تمثل "عملية فرز تؤشر على موجة ثورية جديدة إن وجدت لها قيادة"، مضيفا وإن "كانت الثورة المضادة تحاول أن تولد لها رأس؛ نجاحها مرهون بتطور الصراع داخلها".

ويرى أيوب، أن الصراع في الأساس هو بين "قوى الثورة والثورة المضادة"، موجها تساؤلاته لمن أسماهم بـ"الأحزب المتزيلة لبيادة العسكر"، ولكل الساسة في مصر والمدافعين عن أخطاء النظام بدعوى حربه على الإرهاب، مطالبا إياهم بـ"تحديد خندقهم الذي سيقفون فيه".

وتساءل أيوب: "هل محاربة الإرهاب، تعني التفريط بالأرض، والانحياز الطبقي للأغنياء، وإدارة منظومة الفساد؟ وهل تعني التفريط بحقوقنا التاريخية بمياه النيل، وإغراق البلاد بديون تم استثمارها بمنظومة الفساد؟ وهل تعني غلق المجال العام وتحويل مصر لسجن كبير، وممارسة العقاب الجماعي ضد المصريين".

وتابع: "هل معنى محاربة الإرهاب، ممارسته على أهل مصر في سيناء بالعملية الغاشمة التي مارست العنف والقتل بالرصاص الطائش عن عمد، وممارسة التمييز ضدهم على أساس الهوية والثقافة، وتجريدهم من مصريتهم وحقوقهم في الاعتداد بملكيتهم لأرضهم المبنية والمزروعة، لكي تديرها منظومة الفساد بقانون فاسد وغير دستوري، (قانون 14 لسنة 2012 بشأن التنمية الشاملة لسيناء).

الحركة الوطنية ومؤتمر الشباب

وعبر صفحته بـ"فيسبوك"، اعتبر الكاتب الصحفي عبدالفتاح فايد، أن بيان الحركة المدنية الديمقراطية الذي يأتي تزامنا مع مؤتمر الشباب الذي يعقد السيسي بالقاهرة السبت، "يحذر من خطورة استمرار الأوضاع الحالية على مستقبل مصر".

وأضاف فايد، أن بيان الحركة "يؤكد أن مؤتمر الشباب محاولة لتجميل مشهد عام مشوه أو الرد على اتهامات باتت تلاحق النظام من داخله".

وأشاد بما طالب به البيان من "إطلاق لسراح المعتقلين السياسيين، ووقف تشويه المعارضين، واستخدام الحبس الاحتياطي أداة للاعتقال، واستخدام أسر الصحفيين رهائن"، مشيرا لمطالبته بـ"تحرير الإعلام من سيطرة الأجهزة الأمنية، والتصدي للفساد ووقف سياسات الإفقار، وفتح المجال العام وإطلاق حرية الحركة للأحزاب السياسية".