حقوق وحريات

علماء مصر غاضبون لأوضاعهم المادية الصعبة

مرتبات الأساتذة الجامعيين في مضر تستند لقانون عام 1972 وبنفس القيمة منذ 47 عاما- جيتي

أطلق أعضاء هيئة التدريس بالجامعات المصرية، وباحثون في مجالات علمية مختلفة هاشتاغا يحمل عنوان "#علماء_مصر_غاضبون".


وقالوا إنها "محاولة للفت أنظار المسئولين لأوضاعهم المالية المتردية التي تحكمها قوانين ولوائح مالية منذ فترة سبعينيات القرن الماضي، وتؤثر على دورهم العلمي والوطني وحياتهم الخاصة".

عقبات تواجههم
المدير العام الأسبق لكلية التربية جامعة بني سويف، الدكتور أحمد رشاد، أشار إلى أن "رواتبهم لا توفر عيشة كريمة لهم ولأسرهم، ولا ملابس لائقة ومواصلات مقبولة، ولا مظهرا اجتماعيا جيدا بوسطهم العائلي والأكاديمي وأمام الطلاب".


وأضاف الأكاديمي المصري في حديثه لـ"عربي21" أن "أستاذ الجامعة لا يمكنه إصدار أكثر من بحث أو بحثين سنويا؛ لقلة المعامل وأدواتها والتكلفة العالية للتجارب، وارتفاع أسعار الكتب والمراجع والمصادر والاشتراك بالمكتبات العالمية، وتكاليف نشر الأبحاث بالمجلات العلمية المعتمدة".

 

اقرأ أيضا: قصور السيسي تثير غضب المصريين.. وخبراء: "خلل أولويات"

ويعتقد رشاد، أن العقبة الثالثة التي يواجهونها هو "الجانب الأمني"، موضحا أنهم "يحتاجون جوا آمنا يضمن لهم الجرأة لكتابة ما يتوصلون إليه علميا بحياد كامل"، مبينا أنهم "بمصر لا يستطيعون ذلك؛ لأنهم سيواجهون تهما بالإرهاب إن لم يجاملوا بأبحاثهم خاصة بالعلوم الإنسانية، فضلا عن مخاوفهم من الاعتقال والقتل والتهجير هو وأسرته".


وأشار رابعا ل"عدم تشجيع الدولة الأبحاث العلمية والماجستير والدكتوراه، حيث يحصل الأستاذ على 500 جنيها مكافأة نظير مناقشة رسالة علمية قد يعمل بها 4 سنوات".

الأستاذ والرواتب الزهيدة
وقالت عضو هيئة التدريس بجامعة الأزهر، الدكتورة هدى جابر: "أستاذ الجامعة مصاب بالإحباط بسبب مرتبات هزيلة تستند لقانون عام 1972، وبنفس القيمة منذ 47 عاما".


وأضافت جابر لـ"عربي21": "تخيل أن طالبا متفوقا بالجامعة أصبح معيدا وقضى 10 سنوات لينال الدكتوراه، وحينما يصل لتلك الدرجة يجد راتبه أقل من محصل فواتير الكهرباء وعامل ببنك".


وتحدثت عن مفارقات بأن "علاوة المعيد جنيهان، والأستاذ ستة جنيهات وربع، وعلاوة الزواج جنيهان أيضا، وتصحيح أوراق الامتحانات 80 قرشا"، مشيرة لـ"تجميد المرتبات على أساسي عام 2015، بينما تتم الاستقطاعات والضرائب وفقا للوائح 2019".

 

اقرأ أيضا: تحديات وأسئلة وإجابات شباب مصر


الأكاديمية المصرية، تساءلت: "أيعقل أن يكون هذا تقدير الدولة لمن يشكلون فكر ووجدان أبناءها من مهندسين وأطباء ومحامين؟ أيعقل أن يكون معاش أكاديمي قضى40 عاما بالجامعة نحو ألفي جنيه؟".


وأكدت أن "الأوضاع المادية جعلت أغلبنا يعزف عن البحث العلمي؛ لأن تكلفة نشر بحث بالعلوم النظرية 5000 جنيها ما يعادل مرتب شهر كامل، دون حساب جمع المادة العلمية والكتابة ونحوه".


وأضافت جابر أن "الوضع أصبح كارثي بالكليات العملية والتطبيقية؛ فالباحث يحتاج عينات وأجهزة لا توفرها الجامعة، والنشر الدولي للأبحاث العلمية يتم بالدولار، فأين له بذلك؟".


وقالت: "أساتذة الجامعات غاضبون أيضا من الشللية التي أوصلت بعض معدومي المهارة للمراكز القيادية"، مشيرة لغضبهم لـ"تعسف لجان الترقيات والتحقيقات، ولعدم وجود رعاية صحية لأسرهم".


وترى الباحثة المصرية وجوب "اعتماد أجور عادلة تكفل حياة كريمة لأعضاء هيئة التدريس ومعاونيهم، وزيادة ميزانية البحث العلمي لتتكفل الجامعات بمتطلبات البحث ومنح الباحث مكافأة النشر، بالإضافة إلى معاشات توازي 80 بالمئة، من إجمالي آخر دخل حصل عليه".

وشددت على ضرورة "إلغاء لجان الترقيات ووضع نظام للترقيات يتسم بالنزاهة، والاكتفاء بتقرير تحكيم الأبحاث قبل نشرها بالمجلات العلمية المحكمة كشرط للترقية"، داعية لـ"وضع معايير وآليات واضحة بمشاركة أعضاء هيئة التدريس ومعاونيهم لاختيار القيادات الجامعية".


وقالت الأستاذة بجامعة الأزهر: "مطالبنا مشروعة للحفاظ على كرامة الأساتذة ورد حقوق عضو هيئة التدريس المسلوبة كونه يمتهن مهنة الموت البطيء، وحقه على الدولة أن تدعمه لتحقيق مهمته ورسالته السامية".

 

اقرأ أيضا: تحويل المدارس الصناعية إلى عسكرية يثير علامات استفهام بمصر

حياة مهينة
ومن جانبه أكد الأستاذ بجامعة حلوان الدكتور وائل كمال، أن "رواتب ومعاشات أعضاء هيئة التدريس ومعاونيهم والباحثين بمراكز البحوث والرعاية البحثية الأكاديمية لها تأثيرها على التعليم والبحث العلمي وتقدم الوطن".


وأوضح لـ"عربي21"، أن "كادر الجامعة لم يتغير منذ 47 عاما، وهي مشكلة ليست معقدة يمكن حلها بوضع التعليم والبحث العلمي بالمرتبة الأولى من الأولويات فعلا وليس قولا كالشعارات البراقة".


وأشار الأكاديمي المصري، لضرورة "تطبيق الاستحقاق الدستوري للتعليم والبحث العلمي ورفع ميزانيات الجامعات والاهتمام بأساتذتها من رواتب لائقة لرعاية متكاملة أكاديميا وصحيا واجتماعيا".


وأكد أن "رواتب ومعاشات أعضاء هيئة التدريس مربوطة بقانون عام 1972، كان الجنيه يعادل 4 دولارات حينها، مشيرا لتدهور "الوضع وتواصل انخفاض القيمة الشرائية، ومع دائرة من التباديل والتوافيق لتغيرات المسؤولين استمر تدهور الرواتب والمعاشات مقارنة بمتطلبات وواجبات المهنة وأعباء المعيشة، والصحة".


وقال كمال إن "الرواتب تؤثر على تطوير الجامعات، والبحث العلمي، وتدفع لاستمرار الدروس الخصوصية والمتاجرة بالكتب، والعمل الخارجي الذي يشغل عضو هيئة التدريس عن مهامه المهنية وتطوير النظام الإداري، ويزيد التكالب على المناصب القيادية".

 

اقرأ أيضا: هذه مبررات "المركزي المصري" لخفض الفائدة.. وخبراء يعلقون

وأوضح أن "معاش أستاذ دكتور لا يصل ألفي جنيه، ما يدفع أساتذة غير قادرين على الحركة للعمل بعد المعاش"، مبينا أن "راتب عضو هيئة التدريس يخصم ثلثه ما بين20بالمئة ضرائب، و13 بالمئة تأمينات".


وبين الأكاديمي المصري، أن "هناك قيم مهينة مكتوبة بجدول الرواتب بالقروش، وعلى عكس الهيئات الأخرى فهو عبارة عن 80 بالمئة علاوات وحوافز، و20 بالمئة ثابت على أساسي عام 2014، ما جعل الزيادة السنوية لا تتجاوز 70 جنيها".


وختم بالقول: "أستاذ الجامعة الوحيد الذي يصرف من ماله الخاص على أبحاثه ورسائله ليترقى للدرجة الأعلى"، متسائلا: "كيف نتحدث عن بحث علمي جاد والباحث لا يمكنه توفير متطلبات بيته الأساسية من مأكل ومشرب وفواتير غاز وكهربا ومياه ومواصلات ومدارس".