صحافة دولية

كيف دفعت محاولة الانقلاب بتركيا إلى شراء أنظمة "أس400"؟

ذكر الموقع أن تركيا تواجه حاليا احتمال فرض عقوبات أمريكية رغم تردد ترامب في ذلك- الأناضول

نشر موقع "المونيتور" تقريرا تحدث فيه عن شراء تركيا لأنظمة الدفاع الجوي "أس400" الروسية، كجزء من جهود أنقرة للحصول على الأمن والطمأنينة من الجانب الروسي في مواجهة الولايات المتحدة، والتي يعتقد أردوغان أنها كانت وراء محاولة الانقلاب عليه سنة 2016.


وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن حدث استقبال تركيا لأول دفعة من أنظمة الدفاع الجوي الاستراتيجية أس400 الروسية الشهر الماضي، محمل بالرمزية التي تقدم أدلة حول سبب قيام أنقرة بعملية الشراء المثيرة للجدل، وتصور من جهة أخرى التهديد الذي دفع تركيا للإقدام على هذه الخطوة.


وأوضح الموقع أن تسليم المنظومة الدفاعية لتركيا بدأ في 12 تموز/ يوليو، أي قبل ثلاثة أيام من الذكرى الثالثة لمحاولة الانقلاب الفاشلة التي وقعت في 15 تموز/ يوليو 2016، هذا وقد تمت إعادة جدولة عملية التسليم لتبدأ في تموز/ يوليو2019 بناء على طلب أنقرة.


وبين الموقع أنه نظرا لخضوع الجنود الأتراك المكلفين بتشغيل الطائرات حاليا  لتدريبات في روسيا،  فمن المرجح أن تصبح الشحنة جاهزة للعمل في نيسان/ أبريل 2020، إذ لم يكن هناك أي حاجة عسكرية عاجلة  لتسليم الناقلة العسكرية جوا، لذا، فإن وصول الطائرات الروسية عشية ذكرى الانقلاب كان بمثابة استعراض عسكري للتنويه بأن مكان تركيا داخل منظومة القوى العالمية قد تغير.


وذكر الموقع أن هبوط الطائرات المحملة بـ"أس400" في نفس القاعدة التي انطلق منها الطيارون الانقلابيين قبل ثلاث سنوات بالضبط، قد شكل دليلا على المرحلة الخطيرة التي وصلت لها الأزمة بين تركيا والولايات المتحدة، وتدرك تركيا جيدا أن شرائها للأنظمة الدفاعية الروسية سيؤدي إلى استبعادها من برنامج أف35، فضلا عن عرقلة  خططها لشراء 100 طائرة من طراز أف35 على الأقل.

 

اقرأ أيضا: أردوغان يصر على خطواته بشرق الفرات رغم التحذير الأمريكي


وبين الموقع أن تركيا تواجه حاليا احتمال فرض عقوبات أمريكية، على الرغم من أن الرئيس دونالد ترامب متردد في معاقبة تركيا على شراء أسلحة روسية، إلا أن هناك نية داخل الكونغرس لفرض عقوبات شديدة على تركيا، والتي من المتوقع أن تتحول إلى واقع في الخريف المقبل.


في الواقع، قد تكون أس400 أكثر أنظمة الدفاع الجوي فاعلية في العالم على المستوى النظري، ولكن هذا لا يفسر سبب قيام تركيا بدفع مثل هذا الثمن الباهظ للحصول عليها، وعلى الرغم من أن المنظومة أرخص من نظيرتها أم آي أم-104 باتريوت الأمريكية، فإن ذلك لا يعد مبررا، نظرا لأن التكلفة الفعلية ستكون أكبر بكثير من فرق السعر.


ونقل الموقع أن تركيا مستعدة للتضحية بصناعتها الدفاعية المحلية وعلاقاتها مع التحالف الغربي ومصالحها الاقتصادية الإستراتيجية إذا ما تعلق الأمر بتهديد خارجي، وهي فرضية ما فتأت الحكومة التركية تقترحها عبر جميع تصرفاتها ورسائلها منذ محاولة الانقلاب.


والجدير بالذكر أنه يمكن توضيح مدى الضرر الذي ألحقته محاولة الانقلاب بالعلاقات التركية الأمريكية، فخلال السنوات التي سبقت محاولة الانقلاب، نجحت الولايات المتحدة في إرغام تركيا على إلغاء صفقة اقتناء نظام دفاع جوي صيني بقيمة 3.4 مليار دولار.


ولكن بعد المحاولة، لم تفشل الإدارة الأمريكية في إقناع أنقرة بالعدول عن إبرام الصفقة العسكرية مع روسيا فحسب، بل أن الطرف الأمريكي أصبح بالفعل مصدر التهديد الذي دفع تركيا لشراء الأسلحة الروسية.

 

اقرأ أيضا: لماذا غيّر ترامب موقفه من شراء تركيا منظومة "أس400"؟


وشكلت حكومة أردوغان  قناعة قوية جدا بأن الولايات المتحدة قد خططت للانقلاب الفاشل، وفي هذه الأثناء، لم تأخذ الإدارة الأمريكية هذا القناعة على محمل الجد ولم تبذل أي جهد حقيقي لدحضها، ومن جهته، ردد أردوغان علانية اعتقاده بأن الولايات المتحدة كانت وراء الانقلاب، وفي خطاب ألقاه أمام البرلمان في كانون الثاني/ يناير 2018، ربط الرئيس التركي بين محاولة الانقلاب وقضية منشورة داخل محكمة أمريكية بشأن خطة خرق العقوبات الإيرانية عبر بنوك وشركات تركية.


وتطرق الموقع إلى ما ورد في مقال رأي في صحيفة "نيويورك تايمز" تحت عنوان "كيف ترى تركيا الأزمة مع الولايات المتحدة"، حيث أعرب أردوغان عن خيبة أمله من أن واشنطن فشلت في تسجيل  "إدانة لا لبس فيها" لمحاولة الانقلاب وتسليم فتح الله غولن لتركيا، وانتقد أردوغان أيضا شراكة الولايات المتحدة مع المقاتلين الأكراد السوريين المرتبطين بحزب العمال الكردستاني، الذي أدرجته كل من أنقرة وواشنطن كمنظمة إرهابية.


وأكد الموقع أن استحواذ تركيا على التكنولوجيا الدفاعية أس400 هو تجسيد لسعي حكومة أردوغان للحصول على الأمن والطمأنينة من روسيا، ضد التهديد الذي تتوقعه من طرف الولايات المتحدة، فمنذ نهاية الحرب الباردة، خيبت كل من تركيا والولايات المتحدة آمال بعضهما البعض خلال العديد من المحطات، قبل أن تصل الأمور إلى ما هي عليه حاليا.


يذكر أنه في سنة 2003، وبعد مفاوضات مطولة، رفضت تركيا السماح للقوات الأمريكية بغزو العراق من أراضيها، وبعد فترة وجيزة من الغزو، ألقت القوات الأمريكية القبض على الجنود الأتراك في السليمانية، أما في سنة 2004، استأنف حزب العمال الكردستاني هجماته على تركيا من قواعده في شمال العراق، هذا وقد ساهمت كل هذه التوترات في زعزعة الثقة بين جيشي تركيا والولايات المتحدة.


وفي الختام، أوضح الموقع أن "العلاقات التركية الأمريكية فشلت في التكيف مع تحول المحور الأمني إلى الشرق الأوسط بعد انتهاء الحرب الباردة، وقد أدى الفشل في إدارة التناقضات بين الأجندة الإقليمية للحكومة الإسلامية في تركيا والسعي الأمريكي للحد من خطر الجماعات الجهادية، إلى نتيجة حتمية من التمزق والتصادم".