ملفات وتقارير

ماذا وراء إعلان البنتاغون عودة ظهور "داعش" بسوريا والعراق؟

تنظيم الدولة متمركز في البادية السورية- حسابات التنظيم

أعلنت المتحدثة باسم البيت الأبيض الأمريكي، سارة ساندرز في 22 أذار/ مارس 2019 أن تنظيم الدولة "تم القضاء عليه تماما بنسبة مئة بالمئة في سوريا"، إلا أنه كان لافتا إعلان مفتش عام في وزارة الدفاع الأمريكية الثلاثاء الماضي، أن التنظيم عاود الظهور من جديد، وأنه عزز قدراته في العراق أيضا.

وذكر التقرير أنه على الرغم من خسارة التنظيم "خلافته على الأرض"، إلا أنه "عزز من قدراته المسلحة في العراق، واستأنف أنشطته في سوريا خلال الربع الحالي من العام". 

وأضاف أن التنظيم استطاع "إعادة توحيد صفوفه ودعم عمليات في كلا البلدين، وذلك لأسباب منها أن القوات المحلية غير قادرة على مواصلة شن عمليات طويلة الأمد، أو القيام بعمليات عدة في وقت واحد، أو الحفاظ على الأراضي التي استعادتها".

إعلان البنتاغون عن معاودة التنظيم الظهور في سوريا، وتعزيز قدراته في العراق فتح أبواب التحليلات على مصراعيها، وأثار أسئلة حول حقيقة ما جاء في تقرير البنتاغون، ومدى تطابقه مع الواقع. 

ومن الأسئلة المثارة أيضا، ما هي المناطق التي عاود التنظيم ظهوره فيها؟ وكيف عزز التنظيم قدراته في العراق؟ وما هي دلالات هذا الإعلان الآن؟

من جهته، وإجابة عن الأسئلة السابقة، قال الكاتب والمحلل السياسي العراقي، هشام الهاشمي: "يمكننا القول بأن تقرير البنتاغون من حيث الحقيقة المطابقة للواقع أقرب للموضوعية والمصداقية من التقارير المحلية".

وبحسب الهاشمي، فإن "تقرير البنتاغون يأتي في هذا الوقت سعيا من أمريكا لتذكير حلفائها بأهمية وجودها على رأس التحالف الدولي، وأن عليهم مراجعة سياساتهم تجاه إيران، خاصة الأوروبيين المتعاطفين معها". 

وأضاف في حديثه لـ"عربي21": "أن من الرسائل الأمريكية أيضا أنه ينبغي لهم أن يدرسوا خطر داعش عليهم عندما تغادر أمريكا التحالف الدولي، بالتالي لا بد أن تكون جميع سياساتهم ومواقفهم في المنطقة تبعا لها، وأن لا يبتعدوا عن موافقتها و تأييدها". 

 

تنظيم الدولة بسوريا

بدوره، لفت القيادي السابق في حركة أحرار الشام السورية، خالد عبد الولي (أبو أنس)، إلى أن "تنظيم الدولة تلقى في الآونة الأخيرة ضربات كبيرة في المحرر الشمالي، خاصة في إدلب، حيث انخفض نشاطه إلى أدنى حد له بعد القبض على العديد من خلاياه، ومقتل واعتقال الكثير من شخصياته القيادية". 

وقال: "أما في المنطقة الشرقية المحتلة من قوات (قسد) فقد ازدادت العمليات القتالية الخاطفة ضد أفرادها وتجمعاتها، لكن لا يقف وراء ذلك النشاط تنظيم الدولة، وإنما ظهرت جماعات تحمل مسميات جديدة لتحرير المنطقة، وقد كثرت أنشطتها بسبب الأعمال الإرهابية التي تمارسها قوات (قسد)"، على حد قوله.

وتابع حديثه لـ"عربي21"، بالقول: "نشاط تنظيم الدولة وإن كان موجودا هناك إلا أنه يعتبر ضعيفا نسبة لغيرهم الذين يعملون تحت شعار تحرير وتطهير المنطقة من (قسد)، لكن أبناء العشائر في المنطقة ينظرون إليه باعتباره جسما غريبا". 

ولفت عبد الولي إلى أن "النشاط البارز للتنظيم، الذي لم يتوقف خلال الفترة السابقة موجود في مناطق البادية، لكن ضربات التنظيم في الآونة الأخيرة أصبحت أشد وقعا وتأثيرا"، مضيفا: "هذا ما يخص الشأن السوري، الذي يتضح من خلاله أن كلام الأمريكان ليس صحيحا".  

وذكر عبد الولي في ختام حديثه، أن "تواجد التنظيم داخل المدن يكاد أن يكون معدوما، وإن كان أفراده موجودين على شكل خلايا، وأن نشاط التنظيم في سوريا والعراق يتركز في مناطق البادية والصحراء الممتدة"، مشيرا إلى أن "إعلان البنتاغون الأخير ما هو إلا ذريعة لشرعنة وجود قواتهم في المنطقة، ولتبرير دعمهم لقوات (قسد)".

وفي السياق ذاته، رأى الكاتب والمحلل السياسي، أيمن خالد، أن "إعلان البنتاغون الأخير عن عودة ظهور تنظيم الدولة في سوريا، وتعزيز قدراته في العراق، يتضمن رسالة للأطراف كافة، تقول وبوضوح إن تواجد أمريكا في المنطقة هو الضمانة الوحيدة للشرق الأوسط، وفي غيابها تظهر التنظيمات الإرهابية في المنطقة". 

وأضاف: "لعل الأمر بات واضحا، بأن الوجود الأمريكي هو بالفعل الضمانة للمنطقة، في مواجهة داعش من جهة، وفي مواجهة التغول الإيراني في المنطقة من جهة، إذ لا أحد يستطيع أن يوقف التمدد الإيراني الذي يتهدد المنطقة برمتها إلا التواجد الأمريكي".

وردا على سؤال "عربي21" حول دلالة توقيت إعلان البنتاغون الآن، قال خالد: "إن للأمر علاقة بالملف النووي الإيراني، وله علاقة كذلك بالتدخلات الإيرانية في الخليج، ويتضمن رسالة إضافية مفادها أن إيران كما هي مسؤولة عن الاعتداء على السفن وتهديد أمن الخليج فهي كذلك مسؤولة عن الإرهاب، وقد بات من المعروف عالميا أن (داعش) هو مركز الإرهاب العالمي اليوم". وفق وصفه.  

ولفت خالد إلى أن القضاء على تنظيم الدولة كما أعلن ذلك البيت الأبيض في وقت سابق، لا يعني استئصال التنظيم، والقضاء على خطره بالكلية، لأنه ما زال قادرا على تحريك خلاياه النائمة في مناطق سيطرته السابقة، وإعادة تنظيم وتوجيه عناصره المتواجدة في البادية السورية.