ملفات وتقارير

ما تداعيات إحاطة سلامة بمجلس الأمن التي استفزت الغرب الليبي؟

سلامة طالب الوفاق بعدم استخدام مطار معيتيقة لأهداف- جيتي

سادت حالة من الغضب لدى بعض الساسة والعسكريين في الغرب الليبي ضد المبعوث الأممي إلى ليبيا، غسان سلامة، بعد إحاطته الأخيرة لمجلس الأمن التي اعتبروها محاولة لـ"شرعنة" عدوان "حفتر" على العاصمة، وسط تساؤلات عن تداعيات الأمر وموقف الحكومة من "سلامة".


وقدم "سلامة" إحاطة لمجلس الأمن أمس بخصوص الوضع في ليبيا الذي ساوى فيها بين الطرفين "الحكومة وحفتر"، مطالبا قوات الحكومة بعدم استخدام مطار "معيتيقة" الدولي في العمليات العسكرية، وهو ما دفع "حفتر" لقصف المطار بعيد انتهاء كلمة المبعوث الأممي.


"خيانة وتحيز"

 
من جهتها، هاجمت قوات "لواء الصمود" (كتيبة عسكرية في الغرب الليبي) تصريحات "سلامة" واصفة إياه بالتحيز لصالح "حفتر" ومشروعه، وأن إحاطته لمجلس الأمن مخالفة تماما للواقع".


وأكد المتحدث الرسمي باسم "لواء الصمود"، احميدة الجرو أن قواتهم تعتبر الجلوس مع "غسان سلامة" من قبل الساسة أو العسكريين خيانة وخذلانا لتضحيات الثوار الشجعان في الميدان"، وفق كلامه.


وذكر مصدر مطلع في عملية "بركان الغضب" التابعة لحكومة الوفاق، فضل عدم ذكر اسمه، لـ"عربي21" أن "هناك حالة غضب كبيرة لدى كثيرين من قيادات المحاور بعد كلمة "سلامة" في مجلس الأمن وأنهم يعتبرونه أعطى ضوءا أخضر لحفتر بقصف بعض الأماكن، ومنها مطار معيتيقة الذي ذكره المبعوث الأممي بالاسم".


والسؤال: ما نتائج حالة الغضب ضد "سلامة"؟ وهل ستقطع حكومة الوفاق علاقتها بالمبعوث الأممي وتعتبره شخصا غير مرغوب فيه؟.

 

وأكد وزير الدفاع الليبي الأسبق، محمد البرغثي أنه "لن يستطيع أحد التأثير في أداء المبعوث الأممي، غسان سلامة أو التأثير على مهمته، طالما أن الدول التى تحمل حق النقض "الفيتو" في مجلس الأمن راضية عن أدائه".

 

اقرأ أيضا: سلامة: ليبيا تحولت إلى ساحة تجريب أسلحة برعاية خارجية

وأضاف في تصريحات لـ"عربي21": "كما أن الولايات المتحدة الأمريكية تدعم بقوة إنهاء هيمنة "المليشيات" التابعة لحكومة الوفاق على يد الجيش التابع للقيادة العامة (يقصد قوات حفتر)، لذا لن يتأثر سلامة ولا بعثته بمثل هذه التصرفات"، كما قال.


"شرعنة حفتر وعدوانه"

 
لكن الباحث الليبي ورئيس مؤسسة "الديمقراطية وحقوق الإنسان"، ومقرها "واشنطن"، عماد الدين المنتصر، أكد أن "سلامة يسير على منهج واضح وثابت لخدمة المشروع الإقليمي الداعم لخليفة حفتر، بل اختار كلمات إحاطته بعناية ليساوي بين المعتدي على العاصمة والمدافع عنها".


وأوضح في تصريحات لـ"عربي21"، أن "مكر "سلامة" وصل لدرجة أنه أرجع سبب العدوان على طرابلس إلى سوء توزيع الثروة، وبهذا يغطي على أفعال "حفتر" بل يلتمس له العذر ويحمل المدافعين عن العاصمة وزر الاستحواذ على موارد البلاد".


وحول نتائج ذلك وتداعياته على "سلامة" في الغرب الليبي، قال: "على كل القوى الوطنية أن تتخذ موقفا حاسما وتطالب بمقاطعة هذا المبعوث وبل وبطرده، ولن يكون هذا إلا بهبة شعبية عارمة لأن حكومة الوفاق تعتمد على "سلامة" في وجودها، وتسير على خطاه فلن تنقلب أبدا ضده"، وفق تقديره.


"دبلوماسية خاطئة"


مدير مركز "بيان" للدراسات الليبي، نزار كريكش أشار إلى أن "سلامة لايفرق في تعاطيه مع الملف الليبي بين الثقة والحياد وهما أمران غاية في الصعوبة، لذا فإنه يظهر الحياد في إحاطته وخسر ثقة الشعب الليبي".


وأوضح أن "الإشكال هنا أن المبعوث الأممي يرى أنه بهذه الإحاطة الأخيرة قد يجمع شتات المجتمع الدولي، لكن الواقع أنه يخسر ثقة الجميع حين يتخذ من الدبلوماسية وسيلة تغري المجرم بجرمه، وتجعل الأطراف التي تشعر بأنها قد اعتدي عليها بمزيد من الشك والريبة، كما يُشعر المجتمع الدولي أن الأزمة الليبية مشكل معقد لا يمكن حلها"، كما رأى.


وتابع لـ"عربي21": "سلامة يتبع سياسة خاطئة تفتقد لأدنى معايير الإدراك للقانون الدولي، لقد غلب السياسة على القيم فخسر الاثنين معا"، حسب تعبيره.


وبدوره أوضح المدون الليبي، فرج فركاش لـ"عربي21" أن "إحاطة سلامة تهدف إلى 3 أشياء: تحقيق هدنة، يعقبها إجماع دولي للدول الفاعلة، ثم وفاق داخلي بضغط دولي ينهي الحرب ويؤدي للعودة للعملية السياسية، وهو أدان من قبل الهجوم على "طرابلس" ولا داعي لتكرار ذلك".

 

اقرأ أيضا: مسؤول بـ"الوفاق" يكشف مخطط حفتر لإعادة مهاجمة طرابلس

وتابع: "سلامة يسعى إلى وقف كامل لإطلاق النار، لكن بطريقة غير مباشرة تحفظ ماء الوجه خاصة للطرف المهاجم، لتمكنه من البقاء في العملية السياسية، والمأخذ الوحيد على الإحاطة هو حديثه عن مطار "معيتيقة"، لكنه ربما يتدارك ذلك قريبا، لكنه باق بدعم دولي وسنرى خطته الأخيرة تتبلور في وثيقة رسمية من مجلس الأمن قريبا"، حسب توقعاته.

 

"رسالة حازمة للوفاق"

 
وقال الناشط السياسي الليبي، محمد خليل، إن "حالة الغضب مبررة جدا كون "سلامة" أظهر انحيازه الصارخ لـ"حفتر" ضد الحكومة الشرعية في البلاد، لذا أصبح هذا المبعوث شخصا غير مرغوب فيه؛ لأنه يمثل أجندات دول بعينها داعمة لحفتر ولا يمثل الأمم المتحدة"، وفق زعمه.


وبخصوص موقف الحكومة، قال لـ"عربي21": "السراج وزير خارجيته "سيالة" أجبن من أن يقطعوا علاقتهم بسلامة، لأنهم يعتبرونه المندوب السامي في البلاد، لكن صبر المدافعين عن طرابلس بدأ ينفد من تصرفاته، والرسالة وصلت لـ"الوفاق" بأن هذا الشخص غير مرغوب فيه".