ملفات وتقارير

لماذا انتقد سياسيون واقتصاديون مقر حكومة السيسي الصيفي؟

مقر الحكومة المصرية الجديد بالعلمين- فيسبوك

انتقد سياسيون ومراقبون، إنشاء مقر صيفي للحكومة المصرية بمدينة العلمين الجديدة بالساحل الشمالي، مؤكدين أن الحكومة التي كانت تحتفل بالذكرى 67 لثورة 23 تموز/يوليو 1953، أعادت بمقرها الصيفي أحد مظاهر البذخ في العهد الملكي، عندما كان لحكومة الملك مقران، شتاء بالقاهرة، والثاني صيفا بالإسكندرية.


وأشار المختصون إلى أن المقر الجديد الذي لم تعلن الحكومة عن تكلفته المادية، لن يتم استخدامه إلا مرات بسيطة طيلة فصل الصيف رغم فخامته في التصميم والتأسيس، وسوف يظل مهجورا بقية أشهر العام.


وفي أول تعليق للحكومة على مقرها الصيفي الجديد، أكد المتحدث باسم الحكومة نادر سعد، أن الهدف منه "تحويل الساحل الشمالي الغربي والمدن المطلة عليها، لمنطقة جاذبة للسكان والمشروعات".


وأضاف سعد في مداخلة تلفزيونية قائلا: "كان يتم إنشاء قرى سياحية على امتداد الساحل الشمالي، معتقدين أن هذا من قبيل التنمية والتطوير، ولكنه في الواقع لا يمت للتطوير بصلة، لأن هذه القرى لا تعمل سوى شهرين في العام، ثم تتحول لمدن خاوية بقية العام"، مضيفا أن مدينة العلمين الجديدة "تم بناؤها في أقل من عامين، وتعد أول استثمار حقيقي لإمكانيات مصر الموجودة بالساحل الشمالي الغربي".


في المقابل، انتقد رئيس مركز دراسات الدول النامية بجامعة القاهرة مصطفى كامل السيد، "غياب الأولويات في الإنفاق الحكومي"، وعلق عبر صفحته بموقع فيسبوك على مقر الحكومة الصيفي، بالقول: "كل ما أرجوه هو أن يلهم لطف الجو في العلمين الجديدة، حكومتنا على أن ترى الأولويات الصحيحة للمواطنين المصريين، الذين يعيش ثلثهم تقريبا تحت خط الفقر وفقا لدراسة الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء التي لا تريد (الحكومة) نشرها، والذين زاد عددهم بفضل سياساتها الحكيمة 4% في الفترة 2016- 2018، وربما ساهمت قراراتها الأخيرة في تضخم أعدادهم بأكثر مما قدرته هذه الدراسة".


وتابع السيد بأن الحكومة "تخشى من التصريح بشكل رسمي بأن "العلمين الجديدة" ستكون العاصمة الصيفية لمصر، التي اكتمل بناء مقرها قبل اكتمال مقرها الأساسي الجديد في العاصمة الإدارية، التي لا يقدر موظفوها على العيش فيها، ولذلك تسعى لتسكينهم في مدينة بدر الأقل كلفة".


بذخ حكومي

 

 من جانبه يؤكد عضو مجلس الشورى المصري السابق طارق مرسي لـ"عربي21"، أن نظام الانقلاب العسكري برئاسة عبد الفتاح السيسي، "يواصل استنزاف أموال الشعب المصري، بمشروعات وهمية لا تحقق للمواطن أي تقدم في حياته الاقتصادية والاجتماعية".


ويوضح مرسي أنه "في الوقت الذي تقوم فيه الحكومة بتخفيض الدعم على المحروقات، واستبعاد مئات الآلاف من بطاقات التموين، ورفع أسعار كل الخدمات من كهرباء ومواصلات ومياه، تقوم في المقابل بإنشاء مقر صيفي لها، لن تزوره سوى أربع مرات على أكثر تقدير في العام، ثم يظل باقي العام تسكنه الأشباح، وهو ما يمثل هدرا كبيرا للمال العام".


ويضيف: "غياب الرقابة البرلمانية وضعف دور الأجهزة الرقابية مثل الجهاز المركزي للمحاسبات، منح نظام السيسي حرية حركة كبيرة في استنزاف موازنة الدولة، بشكل يثير الشكوك حول الهدف الحقيقي من هذه المشروعات، وهل مصر المتأزمة والمديونة ماليا بحاجة لمزيد من المقرات الخاصة للحكومة، أم إن الموضوع كله عبارة عن صفقات وعمولات متورط فيها كل قيادات النظام، بمن فيهم السيسي ورئيس وزرائه".


وتساءل البرلماني السابق عن جدوى هذا المقر، "في ظل وجود مقر آخر شهير للحكومة بالإسكندرية، كما أن الحكومة لديها عشرات القصور الملكية التي كان يمكن أن تتحول لمقر صيفي، إذا كانت تريد الخروج من القاهرة، دون تكليف موازنة الدولة بأعباء إضافية".


بيع الوهم

 

ويشير خبير الاقتصاد بجامعة الأزهر أيمن النجار لـ "عربي 21" إلى أن الإسراف الحكومي، "لا يتناغم مع خطط التقشف التي ترفعها الدولة تجاه الشعب، وهو ما تمثل في الإجراءات الأخيرة التي صاحبت بدء العمل بموازنة 2019/ 2020، التي تم فيها تخفيض العديد من المخصصات المرتبطة بالبرنامج الاجتماعي والاقتصادي للحكومة".


ويؤكد النجار أنه "لا يوجد في العالم مثل هذا العدد من المقار الخاصة بالحكومة كما في مصر، التي فيها مقر حالي في القاهرة، ومقر جديد في العاصمة الإدارية، ومقر صيفي في الساحل الشمالي، بالإضافة لمبانٍ أخرى مغلقة بالإسماعيلية والإسكندرية، وكلها لا تحقق عائدا حقيقيا لإنجاز المشروعات وإنجاحها أو تفعيل حركة الاقتصاد".


ويوضح الخبير الاقتصادي أن رئيس الحكومة الحالي مصطفى مدبولي، "يسير على نهج السيسي بالبحث عن إنجاز وهمي يتم تصديره للشعب باعتباره إنجازا حقيقيا، وكما يقوم السيسي بإنشاء العاصمة الإدارية التي يعدّها إنجازه الذي لا يقهر، فإن مدبولي يبيع الوهم للمصريين بمدن الجيل الرابع والخامس، في وقت يلامس 40% من المصريين خط الفقر وفقا لمعايير البنك الدولي، وأكثر من نصف الشعب يعاني من أزمة سكن حقيقية".