سياسة عربية

"واد الحمص".. حي فلسطيني مهدد بالإزالة كاملا

الاحتلال يحاول منذ سنوات هدم ما يقارب الـ16 بناية سكنية تشكّل الحي- جيتي

لم يتخيل الفلسطيني محمد أبو طير أن تتحول حياته إلى كابوس يومي وأن يضيع شقاء عمره في لحظات، فمنزله الذي يترجم تعب سنوات مهددٌ بالهدم مع مئة منزل أخرى في حي واد الحمص الذي يقع جنوب شرق مدينة القدس المحتلة.


ويحاول الاحتلال الإسرائيلي منذ سنوات هدم ما يقارب الـ16 بناية سكنية تشكّل في مجموعها حي واد الحمص الذي يعتبره واقعا في منطقة "أمنيّة"، كونه قريبا من الجدار العنصري الذي يخنق المدينة المقدسة ويحولها إلى كتلة معزولة عن امتدادها الجغرافي الطبيعي.


ويقول أبو طير لـ"عربي21" إن منازل الحي بنيت من قبل عائلات فلسطينية هربت من ثقل العقوبات الجماعية التي تفرضها سلطات الاحتلال على أهالي مدينة القدس المحتلة؛ والتي تتنوع ما بين ضرائب باهظة، وإخطارات بالهدم، ومخالفات تخترعها محاكمها في كل كبيرة وصغيرة، ولذلك قرروا بناء منازلهم في أراض يملكونها في منطقة قريبة من قرية صور باهر جنوب شرقي القدس.


ويوضح أنه مع نهاية عام 2016 سلمت بلدية الاحتلال إخطارات بهدم 16 بناية تحتوي على مئة شقة سكنية، ليبدأ الأهالي بعدها معركة قانونية في محاكم الاحتلال التي لا يرجون منها إنصافهم وإنما فقط لسلك كل الطرق الممكنة لتفادي الهدم.


ورغم مرور ثلاثة أعوام على هذه الدوامة القضائية إلا أن محكمة الاحتلال ومع بداية العام الحالي أبلغت العائلات بقرار الهدم لكل تلك المنازل، وأعطتهم مهلة حتى يوم الخميس الفائت لهدم منازلهم بأيديهم الأمر الذي رفضوه.


ويشير أبو طير إلى أن الأهالي لم يستسلموا لهذا القرار الذي اعتبروه جائراً ويؤدي إلى تشريدهم دون وجود مكان يذهبون إليه، حيث بدأوا بنصب خيمة اعتصام دائمة يعبرون فيها عن رفضهم لقرارات الهدم.

 

اقرأ أيضا: العيسوية... بلدة مقدسية تنتفض ضد التهويد والقمع

ويضيف: "قمنا بإنشاء هذه الخيمة واعتبرها الاحتلال مخالفة للوضع الحالي فقام بهدمها وطردنا منها وأطلق قنابل الغاز صوبنا ونحن بداخلها، ولكننا أصررنا على الاستمرار فيها فأعدنا إقامتها من جديد".


وأهالي واد الحمص يخوضون معركة ليس من أجل منازلهم فقط بل هي معركة وجود وبقاء وإصرار على حقهم في أرضهم التي تحاول قوات الاحتلال سلبها بكل الطرق.

 

بدوره يقول مسؤول لجنة الخدمات في واد الحمص حمادة حمادة لـ "عربي21" بأن الأهالي يتوقعون الهدم في أي لحظة مع انتهاء مهلة الهدم الذاتي.


ويبين أن العائلات الفلسطينية بدأت السكن في هذه المنطقة منذ سبعينيات القرن الماضي؛ ولكن الاحتلال مع بداية انتفاضة الأقصى عام 2000 شرع في إقامة الجدار العنصري حول القدس وتذرع بوجود منازل قريبة منه وأنها "تشكل خطرا أمنيا".


ويوضح أن القرار الصادر للهدم يسمى قرار حكم عسكري لأنه لم يصدر بسبب عدم الترخيص كما في أحياء شرق القدس، وإنما لدواعٍ أمنية وهي القرب من الجدار الفاصل.


ويتابع: "في عام 2011 أصدر الاحتلال قرارا من الحاكم العسكري بفرض أمر منع البناء لمسافة تزيد على 250 متراً عن الجدار، وبالتالي بدأ التضييق على الفلسطينيين ومنعهم من البناء بحجة مخالفتهم للقرار الذي صدر بعد سنوات من ذلك".


قرارات الهدم تشمل كذلك 137 شقة سكنية في حيي دير العامود والمنطار القريبين من قرية صور باهر والتابعين لها أيضا، وما زالت ملفاتها تدار في محاكم الاحتلال، وبالتالي فإن القرار يمس أكثر من ستة آلاف نسمة لا يجدون مكانا للذهاب إليه في حال هدمت منازلهم.


ويحاول الأهالي الضغط على الاحتلال من خلال تحركاتهم الشعبية؛ كما أنهم يأملون بعد الله في أن تنجح البعثات الدبلوماسية في تحقيق ضغط سياسي على الاحتلال لإيقاف أوامر الهدم.

 

اقرأ أيضا: بـ"العطش" تحارب إسرائيل الفلسطينيين وتسرق مياههم

ويبين حمادة أن قرارات الهدم ليست هي فقط ما يؤرق الأهالي؛ إذ إن البنية التحتية معدومة بالنسبة لهم ولا توجد أي خدمات أساسية بسبب امتناع بلدية الاحتلال عن ذلك بحجة أن المنازل تقع في مناطق "أ" و"ب" وفقا لتقسيمات اتفاقية أوسلو الموقعة بين السلطة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي عام 1993.


ويضيف: "ليس لدى الاحتلال صلاحية لتزويدنا بالخدمات ولكن لديه صلاحية بالهدم وهذا ما نحاول أن نفهمه للعالم، وهو يقول إن السلطة هي المخولة بتقديم الخدمات ولكنها لا تتمكن من ذلك بسبب وجود الجدار العنصري، وبالتالي فإن أي مشروع يقام في الحي يتم عن طريق التبرعات من الأهالي وما زلنا نحاول الحصول على الدعم المطلوب عن طريق تشكيل لجنة محلية".