ملفات وتقارير

ما علاقة استقالة رئيس البرلمان الجزائري بالحراك الشعبي؟

تردد اسم بوشارب كثيرا خلال مسيرات الحراك الشعبي الأسبوعية باعتباره من رموز نظام بوتفليقة- جيتي

جاءت استقالة رئيس البرلمان الجزائري معاذ بوشارب الثلاثاء، لتبعث أملا جديدا في الحراك الشعبي، الذي يواصل مطالباته منذ شهور عدة، بضرورة رحيل جميع رموز نظام عبد العزيز بوتفليقة، لضمان إجراء انتخابات نزيهة وبناء دولة ديمقراطية.


ولاقت استقالة بوشارب احتفالا وترحيبا من آلاف الطلبة الذين تظاهروا الثلاثاء، بالعاصمة الجزائرية ومدن أخرى، وطالبوا برحيل من تبقى من رموز نظام بوتفليقة، وتحول تجمع الطلبة الأسبوعي إلى مسيرة، عبرت شارع العربي بن مهيدي، وصولا إلى ساحة البريد المركزي، ثم الجامعة المركزية الحكومية رافعين لافتات الحراك والأعلام الجزائرية.


وردد المتظاهرون هتافات ترحب باستقالة بوشارب، وتتوعد بالخروج بقوة الجمعة المقبل، الذي يصادف الاحتفال بعيد استقلال الجزائر عن فرنسا، وهي الجمعة العشرون منذ بداية الحراك الشعبي، في 22 شباط/ فبراير الماضي.


وكان المجلس الشعبي الوطني أعلن الثلاثاء، استقالة بوشارب، بعد أسابيع من معركة برلمانية مع نواب حزبه (جبهة التحرير الوطني) وكتل نيابية أخرى، وأقر بالإجماع حالة شغور منصب الرئيس، وكلف نائب الرئيس تربش عبد الرزاق بتسيير شؤون المجلس لغاية انتخاب رئيس جديد.

 

اقرأ أيضا: استقالة رئيس البرلمان الجزائري بعد ضغط من 6 كتل نيابية


وقبل يومين، طالبت 6 كتل نيابية بالمجلس الشعبي الوطني، بوشارب بالاستقالة فورا كما أعلن أعضاء من المكتب المسير للمجلس رفض العمل معه، مشيرين إلى أن الدعوة تأتي في ظل الظروف السياسية التي تمر بها البلاد، واستجابة للحراك الشعبي المطالب بتنحيه من منصبه.


بدوره، أكد المحلل السياسي الجزائري ادريس ربوح أن "رحيل بوشارب، يعد مطلبا للحراك الشعبي، كونه أحد الباءات الأربع التي كان يطالب بها الحراك"، موضحا أنه "بعد رحيل رئيس المجلس الدستوري الطيب بلعيز، رحلت الباء الثانية اليوم برحيل معاذ بوشارب".


وأضاف ربوح في حديث لـ"عربي21" أن رحيل بوشارب جاء بضغط شعبي وكذلك من حزبه "جبهة التحرير الوطني"، الذي أراد اللحاق بالحراك رغم أنه كان شريكا في الحكم، وهو ما أشار إليه في بيانه، حينما قال إن استقالة بوشارب مطلب الحراك الشعبي.

 

تعزيز ثقة الشارع


واستدرك ربوح قائلا: "حتى لو كان هناك حسابات حزبية داخلية، لكن ضغط الحراك الشعبي كان له دور في الاستقالة"، معتقدا أن السلطة "تنازلت عن ورقة بوشارب في الوقت، لتسيير المرحلة".


ولفت إلى أن الحراك الشعبي منذ خروجه يحقق المكاسب تلو المكاسب، لكن طموحاته أكبر بكثير، ويريد أن يستثمر الفرصة ليكون هناك تحول ديمقراطي حقيقي وجذري، معتقدا أن "استقالة بوشارب ستعزز ثقة الحراك بنفسه أكثر وأكثر، وربما جاءت استقالته تمهيدا لمحاسبته ومحاكمته".


وذكر أن "نجاح الحوار الوطني بين المعارضة والمجتمع المدني الذي سينطلق خلال أيام، سيدفع السلطة لتقديم تنازلات جديد لصالح الحراك الشعبي، ما يدفع للذهاب إلى المسار الدستوري الذي تريده السلطة"، مشددا على أن "الجيش لا يريد إعطاء الأوراق كاملة للحراك الشعبي، وهو يتفاعل مع الحراك ويعطي الورقة حينما يرى أن الحراك قوي"، بحسب رأيه.


ورأى ربوح أن "مكاسب الحراك الشعبي لم يتصور أي جزائري أنها ستتحقق، من ذهاب بوتفليقة ومتابعة رموز نظامه في السجون"، مشيرا في الوقت ذاته إلى أهمية الاستمرار بالحراك، وأن "تكون مطالبه معقولة، وأهمها الذهاب إلى انتخابات حقيقية ونزيهة".

 

اقرأ أيضا: مبادرة جديدة مرتقبة لابن صالح في الجزائر .. هذا ما ستتضمنه


وتردد اسم بوشارب كثيرا خلال مسيرات الحراك الشعبي الجمعة من كل أسبوع، للمطالبة برحيله باعتباره من رموز نظام الرئيس المستقيل عبدالعزيز بوتفليقة، وقبل أسابيع اقتحم نواب من حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم، الذي ينتمي إليه معاذ بوشارب، مكتب الأخير للمطالبة برحيله عن منصبه.


في المقابل، لم يقبل الصحفي الجزائري حسام تكالي ربط استقالة بوشارب بالحراك الشعبي، مبينا أنه "لو كان ذلك صحيحا، لاستقال منذ نيسان/ أبريل الماضي، عندما أدرج اسمه ضمن الأسماء المغضوب عليها والمطالبة بالرحيل".


وأضاف تكالي في حديث لـ"عربي21" أن "بوشارب استجاب واقعيا لضغوط نواب من حزبه، وتشكيلات سياسية أخرى، في إطار محاولة هذه الأحزاب التكيف مع مرحلة ما بعد بوتفليقة، الذي أنهى مع انهياره مسار بوشارب ورجال الرئيس عموما"، منوها إلى أن "بوشارب أعلن خامسة بوتفليقة، وكان أحد الوجوه التي كان يعول عليها النظام لتسويق الخامسة".

 

بتر الأعضاء المريضة


وشبّه رحيل بوشارب بـ"ببتر الأعضاء المريضة، مثلما حدث في اتحاد الشغل الذي أزاح عبد المجيد سيدي السعيد الذي ارتبط هو أيضا بفترة بوتفليقة"، مضيفا أن "هذا التطور يصب في صالح قائد الأركان الفريق أحمد قايد صالح، إذا ما وضعت هذه النتيجة في إطار الاستجابة لمطالب المتظاهرين".


وتابع تكالي قائلا: "وفي الإطار الدستوري حتى لا يجد قايد صالح في مواجهة اتهامات بالتدخل فيما هو سياسي"، مستدركا بقوله: "الإشكالية اليوم تتمثل في أن الشارع الآن منفصم عما يحدث داخل المؤسسات من جهة وما يحدث في الطبقة السياسية".


وفسر الصحفي الجزائري ذلك بالقول إن "مطالب الشارع تطورت بشكل سريع، وصارت تعانق جمهورية جديدة تماما، وليس آلية حكم على أنقاض آلية حكم قديمة في نفس النظام"، مشددا على أن "الحراك الشعبي لا يثق في هذه الطبقة السياسية، لأنه يعتقد بأنها جزء من المنظومة الحاكمة منذ الاستقلال".


ودلل تكالي على ذلك قائلا: "بوشارب عندما أزيح من الأمانة العامة لحزب الأغلبية خلفه محمد جميعي، المدافع عن فترة حكم بوتفليقة قبل سقوطه، ولا غرابة أن يخلفه شخص مرفوض في رئاسة البرلمان أيضا"، مؤكدا أن "الشارع يعرف جيدا ماذا يريد، لذلك لا يتوقف عن المطالبة برحيل المنظومة الحاكمة وحل أحزاب السلطة، وتسليم السلطة للشعب عن طريق مؤسسات يختارها بكل سيادة".


وحزب جبهة التحرير الوطني، يمتلك الأغلبية في البرلمان بغرفتيه، وفي معظم المجالس المحلية، ويترأسه بوتفليقة، الذي أطاح به الحراك الشعبي، الذي انطلق في شباط/ فبراير الماضي، للمطالبة برحيل جميع رموز نظامه.