ملفات وتقارير

حقول النفط والغاز الفلسطينية تغيب عن "صفقة القرن".. لماذا؟

يضم قطاع غزة عددا من حقول الغاز داخل حدوده البحرية أشهرها حقل (ماريان) الذي يبعد 37 كيلو مترا عن شاطئ البحر

انتهت أعمال ورشة المنامة الأربعاء، بعد أن استعرض صهر الرئيس الأمريكي، جيراد كوشنر، تفاصيل الخطة الاقتصادية للسلام، التي تضمنت إقامة 179 مشروعا للبنى التحتية وقطاع الأعمال في الضفة الغربية وقطاع غزة والدول المجاورة.

 

وتقدر حصة فلسطين من هذه المشاريع بنحو 27.5 مليار دولار، تستهدف بشكل رئيسي قطاعات الرعاية الصحية والتعليم والطاقة والمياه والتكنولوجيا والسياحة والزراعة، بما يسمح بتوفير مليون فرصة عمل، وخفض معدل البطالة، ومضاعفة الناتج المحلي.

 

ولكن كان لافتا تجاهل الإدارة الأمريكية لملف موارد الطاقة الفلسطينية (النفط والغاز) من هذه الصفقة، وهو ما يطرح شكوكا حول نية أمريكية مبيتة لمنح إسرائيل هذه الموارد والسيطرة عليها، رغم وقوعها في المناطق الاقتصادية التابعة للسلطة الفلسطينية.

 

حقول النفط والغاز

 

يضم قطاع غزة عددا من حقول الغاز داخل حدوده البحرية، أشهرها حقل (ماريان) الذي يبعد 37 كيلو مترا عن شاطئ البحر، وتقدر قيمة احتياطاته بنحو تريليون متر مكعب، ويعود اكتشافه إلى العام 1996، ومنذ ذلك التاريخ تسيطر عليه إسرائيل.

 

على الجانب الآخر، أعلنت إسرائيل في العام 2011 عن اكتشافها حقلي نفط وغاز في قرية رنتيس وسط الضفة الغربية، وقدرت احتياطاته بـ2.5 مليار برميل، و182 مليار متر مكعب من الغاز، تقدر قيمتهما الإجمالية بأكثر من 155 مليار دولار، ويقع الحقل على مساحة 432 كيلو مترا من شمال قلقيلية إلى غرب رام الله، نحو 60 بالمئة من الحقل يقع داخل الضفة الغربية ضمن المناطق الاقتصادية للسلطة الفلسطينية.

 

اقرأ أيضا: خبير اقتصادي إسرائيلي: الخطة الأمريكية في قمة البحرين حمقاء
 

يعتبر الفلسطينيون هذه الحقول ضمن مواردهم الطبيعية، لكن إسرائيل ترفض منحهم حق التنقيب أو استخراجه أو الاستثمار فيه، وهو ما يدفعهم إلى شراء احتياجاتهم من الطاقة عبر إسرائيل بالسعر ذاته الذي يباع في الأسواق الإسرائيلية، دون مراعاة لفروق الدخل بين الجانبين.

 

وتقدر واردات فلسطين من مشتقات النفط الإسرائيلي بنحو مليار لتر سنويا، بإجمالي يصل إلى 1.3 مليار دولار.

 

إلى ذلك، يشير المقرر السابق للجنة الاقتصادية في المجلس التشريعي، عاطف عدوان، لـ"عربي21"، إلى أن "الخطة الأمريكية للسلام جاءت لتمنح شرعية للإجراءات التي فرضتها إسرائيل على الأرض، ومنها حق السيطرة على موارد النفط والغاز في الضفة وغزة، ودفع أموال على هيئة مشاريع اقتصادية ومعيشية تنفذها شركات إسرائيلية، لتنهي بذلك أي محاولة فلسطينية لمقاضاة إسرائيل عن جرائمها في سرقة هذه الموارد".

 

موارد مهدرة

 

أما وزير التخطيط السابق، سمير عبد الله، فأقر بصعوبة الظروف التي وقعت بها السلطة لإعطاء إسرائيل الحق في السيطرة على هذه الموارد، منها اتفاق باريس الاقتصادي، الذي يقضي بإعطاء إسرائيل أولوية في أي عملية اكتشاف أو تنقيب عن الموارد الطبيعية.

 

وأصاف عبد الله لـ"عربي21"، أن "غياب ملف الطاقة عن الخطة الأمريكية لا يعني بالضرورة تجاهل الحق الفلسطيني في التحكم بموارده الطبيعية، لكن قبول السلطة أو رفضها لهذا الشرط (التنازل عن حقوق الغاز والنفط) يستلزم إعادة النظر في شكل العلاقة مع إسرائيل من خلال تعديل اتفاق باريس، وإعطاء الحق للسلطة للاستعانة بشركات روسية أو صينية لاستخراج هذه الموارد، دون الحاجة لوجود شريك إسرائيلي لتقاسم الحصة".

 

وأكد الوزير السابق أن "حصة الطرف الفلسطيني من حقل رنتيس للنفط والغاز تزيد على 100 مليار دولار، وهذا يعني أن الإدارة الأمريكية في حال قررت ضم الضفة الغربية ومنحها لإسرائيل، فهذا يعني ضياع الحق الفلسطيني في موارد النفط والغاز، التي تعد بمثابة حق من حقوق للأجيال القادمة".

 

في حين، أشار أستاذ الاقتصاد في جامعة الأزهر بغزة، سمير أبو مدللة، إلى أنه "عند تحليل بنود الخطة الاقتصادية الأمريكية، نجد أن بند القروض يسيطر على 50 بالمئة من قيمة التمويل، وهذا يعني تحمل الفلسطينيين ما يزيد على 1.5 مليار دولار سنويا كقروض مؤجلة على مدار عشر سنوات، وهذا الرقم أقل بكثير من حصة فلسطين من موارد النفط والغاز التي تنهبها إسرائيل، والتي كان من الممكن في حال بيعها أو استثمارها زيادة إيرادات الخزينة العامة للسلطة بنحو 2 مليار دولار سنويا".

 

وأضاف أبو مدللة لـ"عربي21": "تدرك الإدارة الأمريكية مخاطر وجود موارد مالية مستقرة وثابتة للفلسطينيين، لذلك فهي تجاهلت ملف الموارد الطبيعية في خطتها الاقتصادية، وأعطت الضوء الأخضر لإسرائيل لفرض سياسة الأمر الواقع، من خلال إكمال مشروعها بسرقة حقول النفط والغاز في الضفة وغزة".