سياسة دولية

هل يفرض الاتحاد الأوروبي عقوبات ضد تركيا.. كيف سترد أنقرة؟

تركيا تؤكد أنها لن تسمح لشركات الطاقة بالقيام بأنشطة التنقيب والإنتاج في المناطق التي تدخل في نطاق صلاحياتها البحرية- الأناضول

جدد قادة الاتحاد الأوروبي، خلال اجتماعهم في العاصمة البلجيكية بروكسل، تهديداتهم بفرض عقوبات ضد تركيا، على خلفية نشاطات ‏التنقيب عن النفط والغاز التي تقوم بها أنقرة في مياه البحر المتوسط، والتي تعتبرها أووربا "غير قانونية".


وأعرب القادة الأوروبيون في البيان الختامي لقمتهم، مساء الخميس، عن أسفهم لعدم استجابة تركيا للنداءات المتكررة من الاتحاد الأوروبي لوقف "أنشطة الحفر غير الشرعية"، بحسب تعبير البيان.


وجاء البيان بعد ساعات من إرسال تركيا سفينة التنقيب الثانية "ياووز" إلى البحر المتوسط للتنقيب عن الغاز الطبيعي والنفط، في الجرف القاري لتركيا، وسط معارضة شديدة من إدارة قبرص الرومية واليونان والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ومصر وإسرائيل.


وتؤكد تركيا أنها لن تسمح لشركات الطاقة بالقيام بأنشطة التنقيب والإنتاج في المناطق التي تدخل في نطاق صلاحياتها البحرية.

 

اقرأ أيضا: أوروبا تهدد تركيا إذا واصلت التنقيب عن الغاز بالمتوسط

 

تهديد أوروبي وتحدي تركي

 

وقالت وكالة "الأناضول" التركية، إن سفينة "ياووز" عبرت، اليوم الجمعة، مضيق جناق قلعة (الدردنيل)، في طريقها إلى مياه البحر المتوسط، مشيرة إلى أن "ياووز" دخلت، مياه بحر مرمرة بعد ظهر الجمعة، بمرافقة الفرقاطة التركية "TCG Fatih"، ووصلت مضيق جناق قلعة بعد رحلة إبحار استغرقت قرابة 2.5 ساعة. 


وسفينة "ياووز" هي الثانية بعد سفينة "الفاتح"، التي بدأت في 30 أكتوبر/ تشرين أول الماضي، أعمال البحث والتنقيب الأولى في القطاع البحري "Alanya-1" بولاية أنطاليا، وتقوم حاليا بأعمال التنقيب الثانية في القطاع "Finike-1".


وكان الاتحاد الأوروبي، دعا في بيان، الثلاثاء، تركيا إلى "تجنب التهديدات و الأعمال التي من شأنها إلحاق الضرر بعلاقات حسن الجوار، و تطبيع علاقاتها مع جمهورية قبرص، واحترام سيادة جميع دول الاتحاد الأوروبي على حدودها البحرية ومجالها الجوي، وجميع حقوقها السيادية، بما في ذلك، الحق في الكشف و التنقيب على الموارد الطبيعية".


وكلف مجلس الاتحاد الأوروبي المفوضية الأوروبية ومفوضة السياسة الخارجية والأمن للاتحاد بصياغة إجراءات للرد على الأعمال التركية في المنطقة الاقتصادية الخالصة لقبرص.


وردت وزارة الخارجية التركية، في بيان، قائلة إن "من يسعون إلى اتخاذ خطوات على خلاف حقوق ومصالح تركيا، وجمهورية شمال قبرص التركية، المشروعة في شرق المتوسط، وتجاهل تركيا التي تمتلك أطول شريط ساحلي شرق المتوسط في المنطقة، لن يصلوا إلى أهدافهم أبدا".


وأوضح مساعد وزير الخارجية التركي فاروق قايماقجي، الثلاثاء، أن الاتحاد الأوروبي لا يمتلك سلطة أو صلاحية حيال تحديد الحدود البرية والجوية والبحرية للبلدان الأعضاء فيه، مع أي دولة أخرى.

 

اقرأ أيضا: تركيا ترسل سفينة جديدة لزيادة مساحة التنقيب بالمتوسط (صور)

خسائر مشتركة

 

وحول قدرة الاتحاد الأوروبي على فرض عقوبات ضد تركيا، أكد الباحث الاقتصادي أحمد مصبح، لـ"عربي21"، أنه في حال لجأت أوروبا لفرض عقوبات أي عقوبات اقتصادية ضد أنقرة فإن الخسائر ستكون مشتركة، كون الاتحاد الأوروبي هو الشريك التجاري الأول لتركيا، وتركيا الشريك التجاري الخامس للاتحاد الأوروبي.


وقال: "ليس من مصحلة الاتحاد الأوروبي زعزعة الاقتصاد التركي (خاصة وأن مئات المليارات من الديون المستحقة على القطاع الخاص التركي، تعود للبنوك الأوروبية، وبالتالي فرض أي عقوبات يمثل تهديدا غير مباشر للمراكز المالية في تلك البنوك).


وأضاف: "كما أنه ليس من السهل على المستثمرين الأوروبين العاملين في تركيا، والذين يملكون استثمارات بمئات المليارات في قطاعات مختلفة، فضلا عن أن تركيا تملك ورقة المشاريع التركية (ورأس المال البشري التركي) الممتددة في معظم الدول الأوربية.


وأشار مصبح إلى أن تركيا على الصعيد السياسي تملك ورقة اللاجئين، وأي عقوبات أوروبية ضد تركيا، يعنى تجميد اتفاق اللاجئين، الأمر الذي سوف يخلق أزمة حقيقية لدول الاتحاد الأوروبي.


وعن طبيعة العقوبات المحتملة التى تملك أوروبا فرضها على تركيا، قال مصبح، أبرزها على المستوى الاقتصادي "تجميد بعض الاتفاقيات الجمركية الموقعة بين تركيا والاتحاد الأوروبي، ووقف المعونات المتعلقة بملف اللاجئين (والتى قللت تركيا من حجمها وأهميتها مرارا وتكرارا)، إلى جانب سحب الاستثمارات الأجنبية (الأوروبية) من تركيا، والتى تمثل قرابة 60 من إجمالي الاستثمارات الأجنبية في تركيا، وتقليص حجم التبادلات التجارية مع تركيا.


وأردف: "سياسياً، ربما تتطرق إلى تجميد ملف الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، وتأييد عقوبات واشنطن ضد أنقرة، المتعلقة بإبرام صفقة الصواريخ الروسية (أس-400)".

 

توسيع مساحة التنقيب


وكشف تقرير حديث صادر عن شركة النفط التركية (TPAO)، عن أن الشركة وسعت مساحة أعمال التنقيب عن النفط والغاز في البحر الأبيض المتوسط، عام 2018، لتصل إلى 9 آلاف و342 كيلو مترا مربعا.


وقال التقرير، بشأن عمليات الشركة التركية خلال العام الماضي، إن مساحة البحث والتنقيب ثلاثي الأبعاد زادت في 2018 بنسبة 41 بالمئة مقارنة بعام 2017.


وأشار إلى أن المساحة التي أجرت فيها الشركة أعمال البحث عن مصادر الطاقة في البحر المتوسط، خلال 2017، بلغت 6 آلاف و617 كيلو مترا مربعا، موضحا أن الشركة حصلت، العام الماضي، على 67 رخصة جديدة للبحث والتنقيب، ليرتفع العدد إلى 2016 رخصة، وزاد عدد الآبار الجديدة التي حفرتها الشركة في البر، خلال 2018، من 18 إلى 24، وأجرت عمليات تنقيب في 69 بئرا.


وجمعت شركة النفط التركية، في 2018، بيانات الجاذبية المغناطيسية المحمولة جوا على مساحة 40 ألف كيلومتر مربع، واستطاعت عبر الدراسات الجيولوجية والتنقيبية، الحصول على معلومات مهمة حول كميات الهيدروكربون في البحار.


وتسعى الشركة إلى إجراء دراسة دقيقة حول إمكانيات النفط والغاز في المناطق البرية والبحرية بتركيا، واستثمار تلك الإمكانيات للمساهمة في إنعاش الاقتصاد التركي.


وتواصل الشركة دراساتها وأبحاثها في خمسة مشاريع رئيسية مختلفة، منها في منطقة تراكيا وجنوب شرقي البلد والبحر المتوسط، إضافة إلى مشاريع بحثية مشتركة في مناطق أخرى.