ملفات وتقارير

لماذا اعترف "عسكري" السودان بانتهاكات في فض الاعتصام؟

عناصر من قوات الدعم السريع بأسلحتها في الخرطوم بعد فض الاعتصام- جيتي

طرح إعلان المجلس العسكري السوداني، "التحفظ عسكريا على عدد من منسوبي القوات النظامية، تمهيدا لتقديمهم للجهات العدلية" على خليفة ارتكاب انتهاكات في أثناء فض اعتصام القيادة العامة، الذي قتل فيه 117 شخصا، بحسب إحصائيات قوى الحرية والتغيير، تساؤلات بشأن الهدف من هذا الإعلان.

وقال المجلس، في بيان صدر عنه، إنه تم تشكيل لجنة تحقيق مشتركة، باشرت مهامها فور تشكيلها، و"توصلت إلى وجود بينات مبدئية، في مواجهة عدد من منسوبي القوات النظامية".

وعلى الرغم من فض الاعتصام بالكامل، ووقوع ضحايا بين المتظاهرين، إلا أن المجلس أصر على روايته بشأن "مداهمة وكر الجريمة، في منطقة كولومبيا"، الذي يبعد عدة كيلومترات عن موقع الاعتصام.

 

تشجيع خليجي

 

السياسي السوداني الدكتور خالد المبارك، قال إن بيان المجلس العسكري بشأن محاسبة جنود تورطوا في انتهاكات فض الاعتصام، "يعود للحرج الكبير الذي وقع فيه المجلس، وما تلا الفض من عصيان مدني ناجح".

وقال المبارك لـ"عربي21": إن نجاح الاعتصام في يوميه الأولين، قبل إعلان القوى المعارضة تعليقه، "برهن على حيوية الثورة وزخمها، وأحرج المؤسسة العسكرية، ودفعها للرجوع خطوة للخلف، والإعلان عن محاسبة متورطين في الانتهاكات إثر فض الاعتصام".

 

اقرأ أيضا: قرقاش: نتواصل مع المعارضة والمجلس العسكري في السودان


وأضاف: "هناك محاولة للتخفيف من الغضب الدولي والأفريقي، بعد تعليق عضوية السودان في الاتحاد، وهناك ضغط باتجاه تشكيل حكومة مدنية، لكن المجلس العسكري يحاول بكل قوته الحفاظ على ما تبقى من قوى المؤتمر الوطني السابق".

وأشار المبارك إلى أن هناك معلومات عن توجه لـ"سحب قوات الدعم السريع من المدن السودانية، وإعادتها لمواقعها بعد إتمامها المهمة التي جلبها المجلس العسكري لأجلها، خاصة بعد التجاوزات التي ارتكبت، والحديث عن نهب واغتصاب منذ فض الاعتصام".

 

وأضاف: "هذه القوات أسست لملاحقة متمردي دارفور في أطراف السودان، ولا خبرة لها في التعامل مع السكان بالمدن، وبسبب محاولتها إخضاع السكان، حدثت كل هذه الانتهاكات".

وعلى صعيد تذرع المجلس العسكري بفض ما وصفه بـ"وكر الجريمة في منطقة كولومبيا"، قال المبارك: "هذه المنطقة بؤرة للمتسولين، وبعض المجرمين والمشردين من أطراف السودان، وكانت بحاجة لحل مشاكلها من قبل المجلس، وليس الهجوم عليها".

لكنه أضاف: "أما ربطها بالاعتصام، فهو أمر غير منطقي؛ لأن كولومبيا بعيدة عن القيادة العامة مسافة عدة كيلومترات، ولا رابط، وفض الاعتصام كان مبيتا منذ البداية بعد أن لقي تشجيعا من السعودية والإمارات ومصر، صاحبة الخبرة في مجزرة فض رابعة".

 

شروط أفريقية

من جانبه، قال الإعلامي السوداني شرف محمد حسن: إن بيان المجلس العسكري كان يهدف لامتصاص ردود الفعل الساخنة، التي صدرت خلال الأيام القليلة الماضية عن العديد من الجهات الدولية والمنظمات الحقوقية.

وأوضح حسن لـ"عربي21" أن المجلس يريد إرسال رسائل في الوقت ذاته بأنه سلطة قادرة على ضبط الأمور، وفي الوقت ذاته يحاسب من يرتكب انتهاكات ويطبق القانون".

وأضاف: "هناك جزئية لم يلتفت لها الكثيرون، حين قال في المؤتمر الصحفي قبل البيان: إن بعض الأطراف في قوى الحرية والتغيير كانت على علم، وتم الاتفاق معها على فض الاعتصام".

 

اقرأ أيضا: صحيفة إماراتية: الإخوان وراء فض اعتصام الخرطوم.. وسخرية


لكنه في المقابل -وفقا لحسن- يوجه رسالة مفادها "أن التفاوض لن يكون مع قوى الحرية والتغيير فقط، بل مع العديد من الأطراف وبشروطه، وليس ومن النقطة التي وصلت إليها المفاوضات سابقا".

وشدد على أن "إعلان المجلس عن محاسبة مرتكبي الانتهاكات، جاء ضمن شروط الوسيط الإثيوبي".

ورأى حسن أن هناك "ذرائع تساق بشأن الانتهاكات التي حصلت، فتارة يتم إلقاؤها على تفلت بعض القوات، وتارة يوصف مرتكبوها بالمندسين، في محاولة لإثبات أن المجلس مع حق التظاهر".